خلف تقديم أمريكا مذكرة لمجلس الأمن تنتقد فيها أدوار بعثة “المينورسو”، وتمنح الأولوية لسياسة الضغط، مؤخرا، الكثير من الجدل بخصوص تأثير هذه الانتقادات على سير تقدم المفاوضات في ملف الصحراء المغربية. وكانت أمريكا قد أصدرت تحذيرا جديدا وغير مباشر لطرفي النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وحثتهما على إحراز تقدم في عملية المفاوضات. ففي كلمة له قال رودني هنتر المنسق السياسي للبعثة الأمريكية في الأممالمتحدة، يوم 29 غشت الماضي أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، إن بلاده لا تستطيع تحت أي ظرف من الظروف، الاستمرار في دعم بعثات الأممالمتحدة لحفظ السلام التي توجد في مناطق النزاع لعشرات السنين دون تحقيق أي تقدم على أرض الواقع. وأضاف الدبلوماسي الأمريكي أن هذه البعثات “تدعم الوصول إلى حلول سياسية، ولكنها في واقع الأمر تعمل على إدامة الوضع القائم”. وأشار في كلمته إلى بعثة ”المينورسو”، المتواجدة بالصحراء المغربية منذ سنة 1991، وقوة الأممالمتحدة لحفظ السلام في قبرص التي أنشئت سنة 1964 لوقف القتال بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأترك. واعتبر نوفل البعمري، الباحث في ملف الصحراء، أن الموقف الأمريكي ليس بالجديد، إذ سبق للولايات المتحدة أن عبرت عنه أثناء مناقشة تقرير غوتيريس في أبريل الماضي. مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية بحكم أنها أكبر ممول للبعثة “فهي تعتبر استمرار دعمها المالي لبعثة المينورسو رهين بمدى تقدم العملية السياسية برمتها”. وأبرز البعمري في تصريح خاص ل”برلمان.كوم” أن انتقاد أمريكا لأدوار البعثة، لا يتعلق بمحاولة ضغط سياسي على مجلس الأمن فيما يتعلق بالملف، “بل هو مرتبط بالسياسة الخارجية للإدارة الجديدة في عهد ترامب وبنظرتها للدعم المالي الذي تخصصه لمختلف المؤسسات والهيئات والبعثات الدولية من بينها بعثة المينورسو”. وأشار البعمري إلى أن ممثلة الولاياتالمتحدةالأمريكية بمجلس الأمن، كانت قد عبرت عن هذا الاتجاه بشكل صريح “وكان المعطى الأمني، إلى جانب أسباب أخرى وراء تمديد مهمة المينورسو لستة أشهر فقط، وذلك لتقييم شامل للوضع ولعمل البعثة ومدى تحقيقها لأهدافها على مستوى التقدم السياسي في الملف”. وفي هذا السياق، أكد البعمري أن التأويلات التي قٌدمت على أساس أن الانتقادات تعد تحولا في الموقف الأمريكي أو ضغط من الولاياتالمتحدةالأمريكية على المغرب، هي تأويلات مجانبة لحقيقة الوضع ولخلفياته المتعلقة بالإدارة الأمريكية. وذكر المحلل في الشؤون الصحراوية أن بعثة المينورسو تضطلع بمهمة حفظ السلام في المنطقة منذ بداية التسعينيات، مشيرا إلى أن حدوث عدة تغييرات على الملف، خاصة فيما يتعلق بما هو سياسي، انعكس على عمل البعثة وعلى ولايتها، “فتنظيم الاستفتاء كان من إحدى المهام الأساسية للبعتة، هذه المهام التي سقطت من أجندتها بفعل التطور السياسي الذي عرفه الملف وانسداد أفق تقرير المصير بمعناه الكلاسيكي والانتصار لفكرة الحل السياسي المتمثل في مبادرة الحكم الذاتي كوجه من أوجه تقرير المصير، بالتالي عمليا، هناك تغيير فرضه الملف على مهام البعثة”. وبخصوص تأثير إمكانية وقف هذه البعثة على الوحدة الترابية المغربية وعلى سير الملف ككل، قال البعمري “توقف عمل هذه البعثة، صعب التحقق بفعل وعي المنتظم الدولي بالمخاطر الأمنية التي قد تهدد المنطقة في حال حدوث أي تغيير مفاجئ”. وأكد البعمري في ذات السياق أن توقيف هذه البعثة لا يطرح للمملكة أي إشكال أمني، بل بالعكس من ذلك، يمكن لهذا الإجراء أن يخدم مصالح المغرب، يقول المحلل، مبرزا أن المغرب له القدرة بفعل التراكم الذي حققه على مستوى البعثات الأممية التي يشارك فيها لحفظ السلام خاصة في إفريقيا، على أن يعوض بعثة المينورسو في حال انسحابها من المنطقة. ويذكر أن رودني هنتر المنسق السياسي لبعثة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة، كان قد انتقد هذه البعتة يوم 29 غشت الماضي أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة تمنح الأولوية للضغط من أجل إحراز تقدم سياسي في “أماكن ظلت مدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن لسنوات كقضية الصحراء المغربية”.