تصاعدت تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤخراً، بسحب المساعدات الأمريكية وتوقيف تمويل بعثات حفظ السلام في إفريقيا، بما في ذلك البعثة الأممية الموجودة بالصحراء "المينورسو"؛ ضمن إستراتيجية جديدة أعلن عنها جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي. وأعلنت واشنطن، ولو بشكل غير رسمي، على لسان بولتون، عن محاور خطة ترامب المرتقبة في القارة السمراء لمواجهة النفوذ الصيني. وتتمثل هذه الخطة في تطوير علاقات اقتصادية مع دول القارة، ومحاربة تهديدات الإسلام المتطرف والإرهاب، وضمان أن يتم إنفاق أموال دافعي الضرائب الأمريكية بشكل جيد فيما يتعلق ببعثات حفظ السلام. وردا على تلميحات بولتون بوقف تمويل بعثة "المينورسو" لأنها فشلت في أداء مهامها، في محاولة لتنفيذ خطته والضغط على مجلس الأمن وأطراف النزاع من أجل تسريع الحل، لم يتفاعل المسؤولون المغاربة مع هذه التصريحات باعتبارها صادرة ضمن ندوة في مؤسسة للأبحاث، أي لم تتخذ طابعا رسميا. مواقف المسؤول الأمريكي البارز في إدارة دونالد ترامب تجاه بعثات حفظ السلام ليست بالجديدة، فبالعودة إلى كتابه السابق "Surrender Is Not An Option" (الاستسلام ليس خيارا)، يؤكد فيه أن عمليات حفظ السلام فشلت في حل النزاعات والمشاكل الإقليمية. مصدر مسؤول متابع لملف الصحراء أشار إلى أن المغرب يتفق في جزء كبير مع ما جاء على لسان بولتون حول بعثة "المينورسو"، موردا أنه "في سنة 2000 وقع تغيير في بنية البعثة الأممية، ولم يعد بإمكانها أن تحل نزاع الصحراء". وتوضح المصادر ذاتها إلى أنه وقع فصل في مهام "المينورسو" بين ما يتعلق بحفظ السلام وبين الإشراف على المسلسل السياسي، ولفت إلى أن "هذا الأخير بات منذ عهد جيمس بيكر في يد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة". وتُحدد قرارات مجلس الأمن الدولي، آخرها القرار رقم 2440، أن مهمة بعثة "المينورسو" تتمثل في حفظ السلام بالمنطقة عبر الحرص على تهدئة الأوضاع في الأراضي المتنازع عليها. كما تعمل على تدبير بناء الثقة وتخفيف التوتر بين أطراف النزاع، أي أنه لا علاقة مباشرة لها بالدفع بالعملية السياسية. ويرى مراقبون أن خطة الإدارة الأمريكية بإعادة خريطة مساهماتها في بعثات حفظ السلام بإفريقيا "لا تستهدف بشكل أساسي بعثة المينورسو، التي تكلف فقط 50 مليون دولار في السنة، ويوجد ضمنها حوالي 230 عنصرا، بل ترتكز على البعثة الموجودة في الكونغو المعروفة اختصارا ب"المونسكو"، والتي تكلف 1.5 مليار دولار سنويا، وتضم حوالي 10 آلاف جندي". وباتت البعثات الأممية المنتشرة في الكونغو وإفريقيا الوسطى والصومال تستنزف خزينة الإدارة الأمريكية؛ وهو ما دفع بعض المسؤولين الكبار في واشنطن إلى طلب إنهاء مهام بعثة الأممالمتحدة بالصحراء المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار؛ لكن هل تملك الولاياتالمتحدةالأمريكية كل هذه الصلاحيات لإنهاء مهام "المينورسو"؟ يُجيب المصدر المسؤول بأن "أمريكا لديها وزن داخل مجلس الأمن؛ لكنها لا تملك اختصاصا حصريا يفوض لها ذلك". ويتطلب سحب قوات الأممالمتحدة من الصحراء إقناع أمريكا لدول أخرى لها مصالح كبرى في القارة الإفريقية، وعلى رأسها فرنسا والصين وروسيا وبقية أعضاء مجلس الأمن؛ لأن قرارا من هذا النوع يتطلب الإجماع بدون استخدام حق "الفيتو".