من الواضح أن التحركات الدبلوماسية المكثفة والضغوط السياسية الحادة التي مارسها مستشار الامن القومي بالبيت الابيض بكواليس الاممالمتحدة من أجل فرص تقليص ولاية بعثة المينورسو لنصف سنة فقط ضدا على ارادة الامين العام الأممي غيتريس و لممارسة ما وصفه الدبلوماسي الامريكي جون بولتون بالضغوط على طرفي النزاع المفتعل في الصحراء, من الواضح أن هاذه الضغوط لا تمثل في واقع الامر إلا بوادر ومؤشرات خطة أمريكية صرفة لإحكام قبضتها على الملفات الساخنة بالقارة السمراء وتطويعها وفق المنظور الامريكي المبني على الاستراتيجية الأمريكيةالجديدة بإفريقيا المبنية أساسا على منطق الولاء لدائرة القواعد والخيارات التي تضعها ادارة البيت الابيض. الدبلوماسي الامريكي جون بولتون المحسوب على دائرة الصقور ضمن فريق الرئيس ترامب أكد أول أمس الخميس بواشنطن أنه يشعر «بخيبة أمل» كبيرة بسبب عدم حل نزاع الصحراء وحذر ضمن نفس السياق من أن الولاياتالمتحدة ستطلب «إنهاء» المهمات الأممية في إفريقيا كونها «لا تأتي بسلام دائم»، وأردف قائلا إن واشنطن ستعيد النظر في دعمها لمهمات حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية من أجل ضمان فعاليتها في حل النزاعات وليس تجميدها فقط مشددا على رغبته أن يجد هذا النزاع طريقا إلى الحل إذا تمكنت الأطراف من الاتفاق على طريق للمضي قدما. مستشار الامن القومي الامريكي الذي أشرف قبل 27 سنة على صياغة التفويض الاممي الذي تشتغل في إطاره بعثة المينورسو بالصحراء المغربية وسم البعثة بالفشل في تحقيق تقدم على مسار الحل و أبرز أن واشنطن ستدعم فقط «عمليات فعالة وفعالة ، وستسعى إلى تبسيط أو إعادة تشكيل أو إنهاء مهمات غير قادرة على الوفاء بولايتها أو تسهيل سلام دائم». مما يعني أن البيت الأبيض سيضغط مستقبلا على مجلس الامن و الاممالمتحدة للحصول على نتائج ملموسة في مسار التسوية السياسية للنزاع المفتعل الذي أستأنف قبل أسبوع بجنيف بعد جمود طويل .
بولتون الذي كان يتحدث عما سماه باستراتيجية البيت الابيض بالقارة الافريقية و التي يجب حسب توصيفه أن تتماهى مع شعار «أمريكا أولا « هدد بقطع أو تقليص المساعدات الامريكية عن الحكومات الافريقية التي لن تساير توجه واشنطن نحو تقليص النفوذ الاقتصادي و السياسي المتزايد بإفريقيا لكل من الصين و روسيا .
خطة بولتون التي تندرج ضمن منظور استراتيجي عبر عنه في أكثر من مناسبة الرئيس دونالد ترامب سيعمد بلا شك على تسريع خطوات إعادة ترتيب أولويات البيت الابيض بالقارة السمراء بعد أن فشلت خلال العقود السابقة في اجتثاث الارهاب الى ترك المناطق الافريقية المهددة بشبح الارهاب الى معالجة انشغالاتها الأمنية بإمكانياتها الخاصة دون أي دعم أو تدخل من أمريكا , فضلا عن تصور يهاجم ما تصفه واشنطن بالتغلغل الصيني الروسي دون أن تقدم الادارة الأمريكية بدائل اقتصادية له , مما يعني أن ادارة الرئيس ترامب بصدد ادخال حدود القارة السمراء مرغمة في حرب باردة جديدة بأطراف و تجليات غير مسبوقة ….