لقد سبق لجبهة البوليساريو أن صفقت كثيرا لتعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي للرئيس الأمريكي ترامب، مرد ذلك هو آرائه المتعلقة بالعديد من القضايا التي كان قد نشرها في احد مؤلفاته و كان يدافع فيها عن فكرة استفتاء تقرير المصير، استطاعت الدعاية الإعلامية للخصوم أن تسوق هذا التعيين و كأنه تغير في مقاربة الإدارة الأمريكية لملف الصحراء و انقلابا عن مسار التسوية السياسية السلمي لملف الصحراء، لكن ما حدث هو أنه في عهد الادارة الامريكية و مع تعيين جون بولتون في منصبه الحالي استطاع المغرب تقوية علاقته الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث شهدت تبادل زيارات على مستوى وزارة خارجية كلا البلدين آخرها تلك التي توجت بإصدار بلاغ بعد زيارة نائب الوزير الخارجي الأمريكي لبلاغ يتم الإشادة فيه بمخطط الحكم الذاتي. في نفس الوقت تقدمت الإدارة الأمريكية بمشاريع مسودات قرارات مجلس الأمن جد متوازنة و داعمة للحل السياسي و في ظلها تم إدانة البوليساريو و دفعها لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار يكفي فقط العودة لقراري محب الأمن الصادرين في ابريل و أكتوبر الماضي، كنا انه في ظل هذا الإدارة تم الضغط على الجزائر للحضور لجنيف كطرف رئيسي و أساسي في ملف الصحراء، و لم يتم الالتفاف لادعاءات البوليساريو المتكررة حول الثروات الطبيعية، كما أنه تعزز حضور مخطط الذاتي كحل سياسي واقعي المجسد للروح و الدينامية الجديدة. كلمة جون بولتون اليوم و هو يتحدث عن أفريقيا و بعثات حفظ السلام أعاد التذكير بموقف إدارة ترامب من هذه البعثات خاصة منها تلك التي تحضى بدعم مالي أمريكي كبير، و هو الأمر الذي يظل منسجما مع ما طرح ترامب نفسه اثناء الحملة الانتخابية إذ ربط دعم بلاده لعمليات حفظ السلام بمدى تقدم العمليات السياسية في البلدان التي تتواجد بها، بمعنى أن جون بولتون في كلمته لم يأتي بشيء جديد بل ظل منسجما مع موقف ترامب منذ ترأسه للولايات المتحدةالأمريكية، و هو موقف ساهم في الضغط اولا على بعثة المينورسو لكي تقوم بكامل مهمتها في حفظ السلام بالمنطقة العازلة و كان مناسبة تنديد بالبوليساريو، كما انه الموقف الذي أدى بقبول الجزائر الحضور لجنيف كطرف أساسي و ليس ملاحظ كالسابق و هو موقف عزز الثقة في المسار السياسي لحل الملف بشكل واقعي و دينامية جديدة كما جاء في قرار مجلس الأمن. كلمة جون بولتون هي داعمة للحل السياسي و ضاغطة على الأطراف التي لا تريد الحل النهائي لهذا النزاع الذي سيفضي لعودة اللاجئين و إنهاء معاناتهم و تفكيك المخيمات و عودتهم لوطنهم الأم المغرب. كلمة جون بولتون ستشكل منطلقا لإعادة ترميم الجلسة الأولى للمائدة المستديرة و المضي قدما نحو الإعداد الجيد للجلسة الثانية لتدقيق أكثر لجدول أعمالها و الخروج من العموميات و الدخول في بعض تفاصيل النزاع و الحل على قاعدة المعايير التي وضعتها الأممالمتحدة في قرارها عدد 2440. كلمة جون بولتون تعكس نوع من الإرادة الأمريكية في دفع النزاعات الإقليمية للحل النهائي و على رأسها ملف النزاع المفتعل حول الصحراء.