في الوقت الذي كانت فيه بلاغات التضامن مع المغرب بخصوص قطع علاقاته مع إيران، والتي أصدرتها دول الخليج كالسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين واستنكرت فيها دعم نظام الملالي لأعداء وحدة التراب المغربي، خرجت قطر ببلاغ جاف أعلنت من خلاله “تضامنها العميق والكامل مع المملكة المغربية الشقيقة في المحافظة على سلامة ووحدة أراضيها في وجه أية محاولات تستهدف تقويض هذه الوحدة أو تستهدف أمن المملكة المغربية الشقيقة وسلامة مواطنيها”. بلاغ قطر الخالي من أي إشارة إلى إيران وحزب الله وجبهة البوليساريو اتفق الخبراء والمتتبعون للشأن الدولي على أنه موغل في العموميات وتجنب ذكر الأسباب والقرائن التي بنى عليها المغرب قراره بشأن قطعه للعلاقات مع إيران عكس بلاغات دول خليجية أخرى التي كانت صريحة وتسمي الأشياء بمسمياتها. ومما يزيد من حدة غموض الموقف القطري هو الدعوة الصريحة إلى حل الخلافات بين المغرب وإيران بالوسائل والطرق السلمية، حيث شددت “على أهمية احترام المبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول وفي مقدمتها احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وحل الخلافات بالحوار ومن خلال الوسائل والطرق السلمية المتعارف عليها دولياً”. فهل تناست قطر وتجاهلت جرأة ووضوح الموقف المغربي الذي لم يتبنَّ موقف حلفائه من الدول العربية التي قاطعتها ولازالت تقاطعها، رغم علمها بمثانة العلاقات التي تربط بين المغرب والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، التي لم تمنع مملكة محمد السادس من دعم إمارة تميم في وجه المقاطعة الخليجية المصرية؟ وهل تعتبر قطر الإساءة إلى الوحدة الترابية لدولة ما من طرف أخرى مجرد خلاف يمكن حله بالحوار، ولا تعتبره عدوانا وجب شجبه والتنديد به بكل وضوح وليس بانتقاء العبارات والكلمات المناسبة لكي تساوي بين المعتدي والمعتدى عليه؟ نتمنى أن تعي قطر الدويلة الصغيرة أن الضحك على الذقون وعصر ازدواجية المواقف واللعب على حبل التناقضات لم يعد يجدي نفعا، وأن الوضوح في الموافق والقرارات هو ما يعزز الثقة في العلاقات الدبلوماسية بين الدول الشقيقة والصديقة ويرسخ التعاون المتبادل في ما بينها. فكما كان المغرب صريحا في علاقات قطر مع دول المقاطعة، كنا كمغاربة نتمنى أن تتعامل بالمثل، لكن دويلة الشيخ والمريد اختارت الطعن الخفيف من الخلف وأكدت انحيازها للنظام الشيعي الإيراني الذي كشف عن نواياه العدوانية في مخططاته الرامية إلى المس باستقرار ومصالح العالم العربي من المحيط إلى الخليج.