الناقد السينمائي المغربي، محمد بن سعيد، يهتم بمتابعة التطورات التي تعرفها القصة، بالنظر للأهمية البالغة التي تحظى بها في الموروث الثقافي المغربي، ويرصد في هذا الحوار مع “برلمان.كوم” أن المرتكزات الأساسية التي يجب مراعاتها بهدف تقديم منتوج قصصي يحاكي الواقع والتطلعات الفنية المطلوبة. ما هي القيمة المضافة التي تمنحها القصة للموروث الثقافي المغربي؟ تمنح القصة للموروث حياة وامتدادا في الحياة المعاصرة. القصة، أو الحكاية بلغة التراث، هي وسيلة جيدة للتسلية وللتدريب على التوقع وتحليل المخاطر… تخبرنا الحكايات بالطرق التي لا ينبغي أن نسلكها… أفضل تعليم للطفل هو الحكايات العميقة. وحضور هذه الحكايات في التلفزيون والمدرسة المغربية أساسي لضمان صلة الأجيال الجديدة، بالثقافة الشفهية الشعبية التي لم تفقد دورها في ظل نسب أمية مرتفعة. كيف يمكن أن ترصد العلاقة التي تربط الشباب في العصر الراهن مع القصة، هل هي علاقة قوية أم يطبعها الفتور؟ يرتبط الشباب المغربي بقوة بالحكايات التراثية حين تروى على الشاشة، أشهر مثال هو حكايات “حديدان”، وهو شخصية شهيرة في الأدب الشعبي الأمازيغي، خلدته حكايات تُصور رحلة ذات مقهورة من خلال بطلها الذي لا مقام له مثل أبي زيد السروجي. وغالبا ما يسمى “حديدان لحرامي”. “الحرامي” هنا ليس بمعنى ابن زنا، بل بمعنى المحتال. ومن باب الحذر يقال “إنه حرامي بأفعاله لا بنسبه”. في مسلسل “حديدان” قام السيناريست إبراهيم بوبكدي والمخرجة فاطمة بوبكدي، باقتباس وتعريب عشرات الحكايات الأمازيغية على الشاشة. وهو اقتباس مس المحتوى والأسلوب. ما هو دور الإعلام المغربي في رصد القصص المغربية التي يزخر بها الموروث الثقافي الشعبي؟ يتمثل دور الإعلام المغربي في إنقاذ الحكايات الشفهية من الانقراض، وكان نجاح مسلسل “حديدان لحرامي” دليلا على أن الجمهور المغربي يريد القصة، بل الجمهور العالمي كذلك. ففتنة الحكي تسري في عروق كل الثقافات. كانت الجدات تصون الذاكرة التاريخية، والآن تصونها الأفلام. لذلك ينبغي تحميل المتخيل الجمعي في الثقافة الشعبية من الشفهي إلى الصورة، لأن الشفهي يتهدده الانقراض، بينما الصورة كحامل قوي، تسهل تخزين وتداول واستهلاك ذلك المتخيل، مما سيضمن وصوله إلى الأجيال الصاعدة. كيف تفسر اهتمام الإعلام المغربي بدبلجة أفلام مستوردة، “التركية مثلا” في مقابل تغييب شبه تام للرواية المغربية بعدم ترجمتها إلى أفلام مصورة؟ لثلاثة أسباب، أولا، لأن الإعلام المغربي مرغم على عرض المسلسلات التركية لأن النساء المغربيات ستشاهدنها في قنوات عربية شرقية. ثانيا، لأن المستشهرين يفرضون على التلفزيون عرض المواد الأعلى مشاهدة كما هو حال مسلسلات “سامحيني” و”حريم السلطان”… ثالثا، لأن الروايات المغربية على الورق تحتاج جهدا هائلا لنقلها للشاشة، ومشكوك أن تنجح لأنها محملة بروح نقدية ولا تعرض نمط عيش راق لنساء جميلات يتقاتل العشاق في سبيلهن. كيف يمكن تقديم قراءة نقدية بخصوص التوظيف المعتمد للقصة المغربية في الأفلام السينمائية؟ حين يقارن المتفرج المغربي بين المسلسلات التركية والمغربية يشعر بالخجل. وفي المغرب يكتب السيناريو باستسهال لذا يشتكي المتفرج من ضعف القصة. ما هي التوصيات التي يمكن الخروج بها لتعزيز الحضور الإعلامي للقصة المغربية في الإنتاجات التلفزية؟ تجري جل حكايات التراث الشعبي المغربي في عالم فلاحي قاس ولا تستطيع أن تنافس المسلسلات المصورة على جسور إسطنبول. لابد من تغيير المكان وعصرنة محتوى القصص الشعبية لتصير جذابة.