احتضن المغرب السنة الماضية، قمة المناخ المعروفة اختصارا ب”كوب22″ بمدينة مراكش، وهو الحدث “العالمي” الذي كان من المفترض أن يضع المملكة في صلب النقاش المناخي العالمي، خصوصا وأن تلك التظاهرة الضخمة مولت من أموال ضرائب الشعب المغربي، ومثلتنا فيها لجنة “شبه واهية”، ما زالنا إلى اليوم ننتظر أن تكمل لنا ما قطعته على نفسها من وعود وردية. وقبل ال”كوب22″ بحوالي عامين وخلال الفترة التي امتدت بين 27 و30 نونبر 2014، ابتهج الجميع باستضفتنا -وعلى نفس المنوال- المنتدى الدولي لحقوق الإنسان، في نسخته الثانية بعد البرازيل، وهو الملتقى الذي تأثرت كلفته قَبلاً بشكل كبير بالتقلبات المناخية. صلاح الدين مزوار، و”وزيرة صفقات الأزبال” الحيطي و”سيدة الظل في دوزيم” سيطايل، كانت هي الوجوه الرئيسية ل”كوب22″ حتى ما قبل انطلاق أشغاله ما بين 7 و18نونبر 2016، إلا أنها غابت وبشكل مفاجئ وغريب، عن ما بعد “الكوب 22″، في التظاهرات الموازية العالمية، والذي بدا واضحا على الأقل في اجتماع كندا الذي خصص للتباحث حول “اتفاق باريس للمناخ”، حيث كان حضور المغرب باهتا فيه أمام حضور وازن ل30 دولة مشاركة. النسخة الموالية من نفس التظاهرة “الكوب 23″، والتي ستنظمها ألمانيا في مدينة بون باسم دولة جزر فيجي، (ربما بسبب بعد موقعها في أقاصي جنوب المحيط الهادئ) ستكون فيها كل من كندا وأوروبا الحاضر الأكبر، فيما سيكون المغرب غائبا عنها بشكل تام، وخارج إطارها حيث لم يتم تكليفه فيها ولو بالجانب التواصلي على الأقل، وهو أمر كارثي بكل المقاييس. ولا بأس أيضا بالعودة إلى موضوع حقوق الإنسان، فمنتدى مراكش الدولي الذي أصبح بالفعل في عداد النسيان إلا من مقالات منشورة بموقع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لم يعلمنا ولو على الأقل التوقف عن إنفاق الملايير في جنيف دون داع لذلك، ودون احترام معتبر للجهود المبذولة من طرف المغرب لمقاومة ترهات المنظمات غير حكومية المعادية هناك. كل ما سبق يحيلنا ويضعنا أمام تساؤلات حقيقية، بخصوص دبلوماسيتنا، رؤيتها، استراتيجيتها، مسارات اتجاهاتها، وهل مثل هذه الأحداث الفارغة من القوة تعزز مواقفنا؟ والجواب الوحيد لهذا السؤال هو بالتأكيد “لا” و”ألف لا”. إن الذين باعونا هذين الحدثين وغيرهما من الاحداث على سبيل المثال لا الحصر، كبرامج جدية تساعد المغرب على الزيادة من اشعاعه، كذبوا علينا أكبر كذبة عرفه تاريخ المغرب، وقاموا من خلال ذلك باستغلال ما تمكنوا منه لحساباتهم الخاصة، ولكنهم في الحقيقة لم يجلبوا أي شيء عملي للبلاد، غير تبديد ونهب المليارات من خزينة الدولة. إن إلغاء المغرب اليوم لمثل هذه التظاهرات التي لا تجلب لنا أي نفع وتقييم المراحل السابقة لهي الضرورة الملحة الآن. لقد سبق للمغرب أن نظم ال”كوب 9″، فلماذا لم يتسائل عن جدوى تنظيم ال”كوب22″ بعد نسخة باريس واتفاقها، في قمة لم يكن لها أية أهمية تذكر للمغرب، غير التباهي بجمالية مدينة مراكش! نعم، يجب علينا فعلا أن نكون إيجابيين ولو في حدود معقولة، لنعترف ولو قليلا بأن تنظيم المنتدى العالمي لحقوق الإنسان كانت خطوة في محلها، إلا أننا مطالبون كذلك بالاعتراف بأن طريقة تسييره ونتائجه كانت جد مؤسفة. إن الناظر في تحركات بعض من أوكل لهم اليوم في المغرب تسيير وتنظيم عدد من التظاهرات العالمية بين أحضان المدينة الحمراء وغيرها، يقف مشدوها أمام دبلوماسيتنا، التي أصبحت مجرد “ديبلوماسيىة إعلامية”، لا تملك أية نظرة حقيقية أو استراتيجية، بل تستند على الفراغ، ويمثلها أشخاص يبيعوننا الوهم على طول الوقت.. فهل سميرة سيطايل قادرة فعلا على إبراز دور المغرب في منتدى المناخ ال23، وهل يستطيع في الجانب الآخر ادريس اليزمي “رئيس المجلسين”، أن يستعرض علينا الآثار الإيجابية لمنتدى مراكش لحقوق الإنسان منذ تنظيمه وحتى اليوم، على الأقل باعتبارنا مواطنين ندفع ضرائبنا لمثل هذا الذي نظموه؟ فالحق في المعلومة أمر نص عليه دستورنا الجديد؟