صحفي من”لاماب” يعيد الدفء للمدرج الكبير ” تل الزعتر ” بكلية الحقوق أكدال بالرباط ، فيجمع ألوان الطيف لدى الطبقة السياسية بمختلف مشاربها والمجتمع المدني الحقوقي والثقافي والتربوي. محمد الساسي قال معلقا على هذا الحدث: استطاع هذا الصحفي الباحث ان يجمعنا في هذا المحفل العلمي ونحن الذين لا نلتقي الا في الجنائز. فرقتهم السياسة وجمعتهم الصحافة والبحث العلمي . استطاع الصحفي جمال المحافظ الباحث في مجال الاعلام والاتصال ومدير الاعلام السابق بوكالة المغرب العربي للانباء أن يجمع أطياف الطبقة السياسية والمجتمع المدني الحقوقي والثقافي والتربوي بعد أن فرقتهم دروب السياسة ،جمعهم مدرج “تل الزعتر” بكلية الحقوق أكدال. كان ذلك يوم الثلاثاء 25 أبريل ، حيث غصت جنبات المدرج 1 الذي يحمل اسم “تل الزعتر” خلال مناقشة رسالة الدكتوراه التي تقدم بها جمال المحافظ تحت عنوان “النقابة الوطنية للصحافة المغربية : السياقات والتحولات 1963- 2011 ” كأول أطروحة جامعية تقارب هذا الموضوع ، وهو ما جعل الأستاذ الجامعي الحسن بوقنطار رئيس اللجنة والمشرف على البحث ان يعبر عن سعادته الغامرة ، لكون هذه القاعة “استعادت زخمها وحيويتها بهذا الحضور النوعي والحاشد الذى ما احوج البحث الاكاديمي اليه اليوم” . وفي قفشاته المعهود بها قال الاستاذ الجامعي محمد الساسي القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد: “استطاع جمال المحافظ الصحفي والباحث والفاعل الجمعوي ان يخلق الحدث، ليس فقط بمصداقيته، ولكن تفوق علينا جميعا كفاعلين متنوعين وتمكن أن يجمعنا باختلافاتنا في هذا المحفل العلمي ونحن الذين لا نلتقي الا في الجنائز”. وكانت لجنة المناقشة التي قررت منح شهادة الدكتوراه الى الباحث بميزة “مشرف جدا” تتألف من الاساتذة الحسن بوقنطار مشرفا ورئيسا ومحمد الصوفي وأحمد بوز وحسن طارق وعبد الرحيم منار اسليمي. وتناولت هذه الأطروحة التي تقع في أزيد من 400 صفحة، فضلا عن إشكالية ومنهجية وأدوات البحث في القسم الأول سياقات تأسيس نقابة الصحافة في يناير 1963 على ضوء التحولات العامة السياسية والنقابية والقانونية المؤطرة للأداء الصحافي النقابي خلال هذه المرحلة من التاريخ المغربي وانعكاس كل ذلك على موقع الحركة النقابية وتأثيراتها على منسوب التوعية الاجتماعية. كما رصد الباحث عبر عملية تحقيب التحولات الناشئة على ضوء إرهاصات العمل الصحفي والفعل النقابي ارتباطا بملابسات النشأة والمرامي المنشودة من تأسيس النقابة، والمآلات التي واجهت هذا التنظيم النقابي وتأثيراتها على العلاقات بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين والثانويين. وتحول مكونات أحزاب الحركة الوطنية الى موقع المعارضة ومدى تأثير تلك العلاقات الصحفية في مواجهة السياسات الحكومية، والدفاع عن حرية التعبير والرأي، والمراحل التي قطعتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية من تنظيم ظل الى غاية أول جمع عام تعقده النقابة سنة 1984 مقتصرا على عضوية مدراء الصحف إلى نظام مختلط بين الصحفيين والمديرين وانتهاء بنقابة للصحافيين . وتوقف الباحث في هذا السياق عند أبرز المحطات التاريخية والتحولات التنظيمية لمسارات وامتدادات النقابة، ارتباطا بالمتغيرات التي طالت بنيتها القانونية والتنظيمية ووظائفها. أما القسم الثاني من البحث فخصص لتحليل التحولات التي شهدتها نقابة الصحافة وسياقاتها على المستويين العام والخاص، في ظل النزوع نحو استقلالية المجتمع المدني، وبدايات التحول الديمقراطي والتناوب التوافقي، وتأثيرات ذلك على أداء هذا التنظيم وتوجهاته إضافة إلى إبراز الآليات التي تحكمت في محاولات انتقال نقابة الصحافة من ثقافة المواجهة إلى ثقافة “الشراكة”، عبر اسهامها في صناعة مرجعيات جديدة للسياسة الإعلامية، خاصة خلال المناظرة الأولى للإعلام والاتصال في 1993، والتحولات السياسية والاعلامية وتأثيراتها على النزوع نحو استقلالية الصحافة والصحفيين . كما حتمت الديناميات الوطنية ، حسب الباحث، منها مبادرة الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع سنة 2010، وبروز حركة 20 فبراير ودستور سنة 2011 وهي الديناميات التي جرت في خضم وسط إعلامي تتزايد فيه انتظارات الصحفيين المهنيين على النقابة الصحافة، الانشغال بحقول وأجيال جديدة مهنية من قبيل أخلاقيات الصحافة. وطموحا في تيسير التعرف بشكل علمي على المحطات المفصلية في مسار نقابة الصحافة بالمغرب وإغناء أقسام وفصول البحث، قام الباحث باستقاء شهادات عبر حوارات مباشرة مع أجيال متنوعة من الصحفيين كانوا مسؤولين عن هيئات التحرير، ساهمت عمليا في تأسيس النقابة، وتحملت مسؤولية قيادتها، واضطلعت فيما بعد بمسؤولية تدبير الشأن العام . وهكذا اختار الباحث, عن وعي وعن سبق إصرار، الاتصال المباشر بجيل تأسيس نقابة الصحافة كمصادر عبر محاورتهم وهم عبد الرحمان اليوسفي رئيس تحرير جريدة “التحرير” الذي اقترح عبد الكريم غلاب مدير جريدة “العلم ” لتولى منصب أول كاتب عام للنقابة ومصطفي العلوي مدير جريدة “أخبار الدنيا” الذي اختير لكتابة محضر التأسيس باعتباره أصغر الحاضرين، وذلك أملا في التمكن من الادراك العلمي لمجمل الخلفيات التي كانت تؤطر وتسود المناخ الوطني ومكانة الحرية والتعبير في ظله وكذا تعزيز مراجع ومعطيات البحث عبر العمل الميداني. ولم يكتف الباحث بجيل التأسيس، بل قام أيضا، بمحاورة عينة من قياديي النقابة تمثل الجيل الثاني منهم محمد اليازغي الكاتب العام الأسبق للنقابة، وهو جيل التنظيم والتأهيل، الذي يرجع له الفضل في التحضير لبداية تحول النقابة وخاصة على مستوى الهيكلة والانشغالات. وشكل جيل التغيير في إطار الاستمرارية ممثلا في يونس مجاهد الكاتب العام السابق للنقابة وعبد الله البقالي الرئيس الحالي لنقابة الصحافة والبشير زناكي أحد القياديين البارزين فيها آخر محطة في هذا التحقيب، وهو الجيل الذى فتح أفقا جديدا في عمل النقابة تولدت معه وطرحت اشكالات عديدة بفعل تحول الاعلام من سلطة رابعة الى سلطة أولى لكن بوظائف جديدة نتيجة الثورة المعلوماتية والتحولات السياسية والسوسيو اقتصادية والاعلامية. بالاضافة الى هذا لم يتوقف الباحث فقط عند تاريخ مسار النقابة وسياقاتها وتحولاتها، بل ربطت ذلك جدليا بآفاقها المستقبلية، إذ عمل في نفس القسم من البحث، على دراسة اتجاهات وتمثلات الصحفيين المهنيين للعمل النقابي وانتظاراتهم من أدائه، وذلك اعتمادا على مخرجات وخلاصات دراسة ميدانية استند فيها على أداة لقياس الاتجاهات، والتي شملت 24 فكرة طالت عينة من نحو 220 صحافية وصحافيا، من أجيال مختلفة بقطاعات إعلامية ومناطق متنوعة داخل وخارج المغرب. ويمكن اعتبار الملاحق التى ارفقت بالبحث بمفردها بحثا لكونها تضم وثائق تنشر لأول مرة منها محضر تاسيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية باللغة الفرنسية وأول مذكرة مطلبية للنقابة حول صحافة “ماص “.