عندما جلس مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، أمام نور الدين الصايل، قبل شهور ل”يبشره” بخليفة سيحل قريبا مكانه على رأس المركز السينمائي المغربي، لم يبد الرجل أدنى تأثر. أكمل الخلفي حديثه عن مكانة الصايل كمرجع سينمائي وقامة يمكن العودة إليها، وطلب مساعدتها كلما دعت الحاجة… حينها باغث الصايل الوزير بالقول: "إلى طلقتيها ما توريهاش دار باها”. انتهى الأمر… عاد الصايل إلى مكتبه وأكمل الخلفي بحثه عن الخليفة المنشود. في الحقيقة لم يكن قرار الخلفي مفاجئا بالنسبة إلى الصايل ولا للمتتبعين بل إن كل المؤشرات كانت تدل على أن التوافق بين رجل السينما و”التركي الصغير” أمر مستحيل، حيث برزت الخلافات منذ الوهلة الأولى حينما قام الوزير بقص أجنحة المركز الذي تحول إلى “مقاطعة” لتوزيع الرخص نزعت عنه جميع صلاحياته التي منحت إلى لجن وجماعات وعشائر تفثقت من رغبة الوزير الشهير ب”المقاربة التشاركية” الملعونة. لكن القشة التي قصمت ظهر البعير، وقطعت شعرة معاوية بين الخلفي والصايل هي الخلاف بين الرجلين حول الأفلام الأجنبية التي تصور في المغرب. فرخص التصوير هي آخر المعاقل الصامدة في وجهه … المرأة النشاز التي يريد أن يدخلها الوزير إلى بيت طاعته فكانت مربط الفرس وساحة المعركة الأخيرة. لقد طلب وألح الخلفي في الطلب على منع تصوير الأفلام الدينية في المغرب وكان رد المركز السينمائي المغربي واضحا وقطعيا: هذه الانتاجات تدر على خزينة الدولة الملايين من العملة الصعبة وتمثل المئات من ساعات العمل بالنسبة إلى الممثلين والتقنيين والحرفيين ومختلف المهن التي تنتعش بالانتاج السينمائي. مداخيل الاستثمارات السينمائية الأجنبية ستصل لأول مرة إلى 120 مليون دولار أمريكي خلال السنة الجارية. كما وصل مبلغ الاستثمارات في الجزء الاول من السنة الجارية إلى حوالي 60 مليون دولار أمريكي. وهو ما يشكل زيادة بنسبة 150% مقارنة مع سنة 2013 التي وصل حجم الاستثمارات الأجنبية في السينما بالمغرب 24 مليون دولار. وعرفت مختلف استودويوهات المغرب ومناطق تصويره استقطاب 22 عملا سينمائيا وتلفزيونيا أجنبيا ضخما توزعت بين الإنتاجات الأمريكية التي بلغ عددها 9 إنتاجات، مقابل 4 إنتاجات فرنسية ، و 3 انجليزية، و إنتاج واحد كندي ، وواحد بلجيكي وهندي إضافة إلى انتاج مشترك إيطالي أمريكي. لكن الخلفي غير معني بكل هذه الأمور فالرجل يعيش ضغطا كبيرا من “الأهل والعشيرة” التي لا تقبل أن تصور قصص المسيح أو غيره من الأنبياء في “دار الاسلام”! فالجماعة تضغط على ابنها البار بكل ثقلها وتقرص أذنه كلما زاغ عن الطريق. فكان الحل سهلا قطف الرأس التي “أينعت”.. ووضع حد للتمرد الداخلي.. “ليرحل الصايل وأفعل ما شئت في عزبتي.. العشيرة في الأول وفي الاخير” هذه حكمة الخلفي وحكمة كافة إخوته حول العالم. لم يعد السؤال اليوم هو هل سينجح الخلفي في منع تصوير الأفلام الدينية في المغرب بل متى سيقوم بذلك؟ سؤال من بين عشرات الأسئلة … وإخفاق آخر من بين إخفاقات متعددة لوزير سمته الأساسية.. الفشل. رئيس تحرير الموقع الإخباري “فن نيوز”