كم كلفت الدورة ال13 من مهرجان مراكش؟ و هل يستفيد المغرب من هذه التظاهرة السينمائية؟ وما صحة الخصومة الإيديولوجية بين سياسات الصايل ورؤية الوزير مصطفى الخلفي لقطاع السينما؟ أسئلة حملتها هسبريس إلى رئيس المركز السينمائي المغربي و المدير المنتدب لمؤسسة مهرجان الفيلم الدولي بمراكش، الجالس في مكتب فخم، يقف على بابه رجال أمن و شابة تحمل من الأسماء غيثة، تحاول بابتسامتها الجميلة "قضم" وقت الصحفيين المصطفين على باب الصايل و الموزعين بين حاملي دفوف المدح و سيوف الحرب و فئة ثالثة تحمل أسئلة تتوخى إجابات توضح طبيعة مهرجان تثير دوراته المتتالية الكثير من الجدل. ماذا يستفيد المغرب من مهرجان الفيلم الدولي بمراكش؟ بعد الدورة 13 وصلنا لمرحلة نستطيع الخروج فيها باستنتاجات أولها ان المغرب فرض نفسه كبلد ينتج السينما بحصيلة 20 الى 25 فيلم طويل و 70 الى 100 فيلم قصير كما أننا بلد تصور فيه أفلام أجنبية بمعدل 20 الى 30 فيلم مقارنة بدول تنظم مهرجانات سينمائية فخمة لكنها لا تتوفر على إنتاج سينمائي. هل تَحَسُنُ الإنتاج مدعاة للرضا أمام التراجع الخطير لعدد دور العرض؟ مخططنا اللاحق هو مضاعفة عدد قاعات العرض من خلال تشجيع إنشاء مركبات سينمائية لأن 65 شاشة غير كافية، فانا أتفق معك، و نحتاج إلى 300 شاشة حتى نحل مشكلة عرض الإعمال المنتجة . أمام أرقام الانتاج الوطني التي أدليت بها هل ينصف المهرجان الأعمال المغربية؟ نحن نعرض أفلاما مغربية في المهرجان من خلال "خفقة قلب" و التي لا تظهر أحسن الأفلام المغربية بالضرورة لكنها تعمل على عرض منتوج متنوع على مستوى الموضوع و التقنية من خلال أفلام حركة ك"كان يا ما كان" و أفلام ضحك كفيلم "سارة" و أفلام التزام كذاك الذي يتناول حركة 20 فبراير، حتى نبين للعالم أننا لسنا في بلد يوجه الإنتاج، أما في المسابقة الرسمية فنحن نبرمج أفلاما مغربية احترمت منهجية معينة على مستوى الكتابة و الإخراج و بهذا المعنى فمراكش من خلال مهرجانها منبر لهذه الأفلام بدليل أن السنوات الثلاث الماضية أتاحت فرصا سمحت بإنتاجات مشتركة مع ايطاليا و فرنسا و اسبانيا. كيف تفسر تقهقر مداخيل الإنتاج الأجنبي رغم كل البذخ في مهرجان يعمل جاهدا على تسويق صورة المغرب للأجنبي؟ ندعو عددا من المهنيين الباحثين عن مناظر تصوير خارجية الى مراكش لكي يتعرفوا عن قرب عما يتيحه البلد من إمكانيات للتصوير و النموذج في الدورة الحالية هو الفيلم النرويجي "مساء الخير ألف مرة"، الذي عرض مباشرة بعد تكريم الممثلة "جولييت بينوش".. كل مشاهد كابول صورت بالمغرب و أولى اللقاءات بين منتجيه و المنتجين المغاربة حدثت هنا في هذا المهرجان، إذن نحن أمام استثمار متوسط المدى، تفاعلا مع سؤالك حول تراجع استثمارات الانتاجات الأجنبية بالمغرب و جب التوضيح أن المغرب استقطب حوالي 120 مليون دولار سنة 2008 لكن الأزمة الاقتصادية العالمية دفعت بهذا الرقم الى التراجع فوجدنا أنفسنا أمام 50 مليون دولار في السنة التي ثلتها ثم 30 مليون دولار سنة 2010 قبل أن نلمس عودتنا الى مرحلة التصاعد على مستوى هذا النوع من الاستثمار خاصة أمام طلبات التصوير التي نتوفر عليها لسنة 2014 عبر الإنتاج الأجنبي الذي سيصور على أرض البلد بفضل مهرجان مراكش و هذا ما يعطي لمهرجان مراكش ذلك البعد المكمل للبعد الاحتفالي لأن السينما حفل أولا لكنه حفل مبني على سينفيليا حقيقة. ما هي الكلفة المادية لهذا الحفل المبني على "سينيفليا" حقيقة؟ نتأرجح بين 6 و 7 مليارات سنتيم. أعطني رقما أدق، فمليار سنتيم كفرق مبلغ كبير؟ عند اختتام الدورة أعطيك رقما دقيقا أم الآن فالأمر غير متاح. هل يستحق مهرجانكم هذه الكلفة؟ مهرجان الفيلم الدولي بمراكش مفيد ومنتج للمغرب كبلد منتج للسينما و بلد يعيش الاستقرار على كل المستويات و صورة البلد المستقر و المنتج للسينما أهم ما يمكن أن يصدره المغرب للخارج فانت تعرف الوضعية الاقليمية الحرجة و ما تمر به عدد من البلدان و لا تنسى أن المهرجان يقام ب 6 الى 7 ملايين من الدولارات لكن المغرب يسترجع نفاقاته مضاعفة برقم يراوح 30 الى 35 مليون دولار من خلال الانتاجات التي ذكرتها و هذه المداخيل تسري في خيوط النسيج الاقتصادي الوطني برمته. هل صحيح ما يتداول بخصوص الخصومة الايديولوجية بين مركز الصايل و وزارة الخلفي؟ الوزارة هي الوصية على القطاع و على المركز السينمائي المغربي لكني أعتقد أن الوزارة واعية أيضا بمصالحها الثقافية و الاقتصادية و الادارية و إذا كانت سياسة المركز السينمائي تأتي أكلها فإن الوزارة لن تقف حجر عثرة أمام النتائج الايجابية. لم تجبني على سؤالي.. الخلافات شيء واضح و ليست موضوعا جديدا بل تاريخ معاش حتى مع وزراء سابقين كانوا لا يتفقون معنا أحيانا و التفسير بسيط مفاده أن المركز السينمائي مؤسسة حية لها رؤية و آفاق و أهداف مسطرة و لا يمكن لكل وزير ان يتفق مع رؤية المركز. و ماذا عن مصطفى الخلفي تحديدا؟ عندما وصل الأستاذ مصطفى الخلفي الى الوزارة كان له تصوره الذي لم يكن متكاملا للقطاع السينمائي لكن الرجل بعد سنة أو سنتين أصبح يعي تماما المعطيات الكاملة حول الموضوع و الدليل على ذلك هو الكتاب الأبيض الذي جاء بناء على طلب من الوزارة و الذي تبنت فيه اللجنة أهم ما كان يطالب به المركز السينمائي المغربي قبل قدوم السيد الخلفي للوزارة و كان هذا التبني إضاءة لا أظن أن للوزير اعتراض عليها و لا على مقترحات جديدة لم نفكر فيها سلفا أو لم نكن قادرين على تحقيقها في المنظور القريب و عند العودة لكلام السيد عبد الله ساعف إبان تقديمه للكتاب الأبيض تجد وصفه للكتاب بالمعزز للاختيارات الأساسية التي قامت بها الدولة المغربية من خلال المركز و إن كانت هناك خلافات أيديولوجية حادة فأنا أؤكد لك أنها لم تطرح بوضوح كامل أو بعنف بين الوزارة و المركز. لماذا لم يستطع الكتاب الابيض التخلص من لغته الانشائية و العامة؟ التوصيات لا يمكن أن تعكس العمق و التنوع الذين كانا سمة النقاشات و بالتالي فمن العادي أن تكون هناك لغة عامة و إنشائية في الصياغة النهائية لتوصيات صاغها خمس أفراد من أصل ثلاثين فردا شاركوا في النقاشات المفصلة و الدقيقة المهم هو أن تعطي الدولة من خلال المركز السينمائي تنزيلا دقيقا و أمينا لما جاءت به الكتاب الابيض و بالمناسبة ففي المجلس الإداري الأخير، الذي انعقد قبل أيام، نزلنا جزءا من هذه التوصيات في برنامج مهرجان الفيلم الدولي للسنوات القادمة ابتداء من دورة 2014.. و إذا أعطتك توصيات الكتاب الأبيض منهجا دقيقا فقد خانت هويتها ككتاب أبيض و تحولت إلى برنامج عمل. دعمتم سينما المرأة عندما فتحت الدولة سؤال المدونة و دعمتم أفلام الاعتقال السياسي عندما أنشأ الملك هيئة للمصالحة، هل دعمكم للأفلام خاضع للمزاج السياسي؟ على مستوى أعلى لا توجد تعليمات أو توجيه لكتاب السيناريو بالاشتغال على تيمة ما، ربما يرى السينمائيون أن المرحلة و السياق التاريخيين الذين نعيشهما يقتضيان اختيارات من هذا النوع عندما تتخذ قرارات سياسية و بعد سنتين نرى اعمالا تناقش موضوعا مقترنا بالقرار السياسي و أجد في هذا انتهازية إيجابية و على العموم ففي كل الدول انتاجات تتماشى و روح العصر و أرى أن المغرب خاضع لنفس القاعدة مع الاشارة الى أن كل لجنة في اجتماعاتها الثلاث، تتوصل سنويا ب 20 الى 28 مشروع حيث يمكن للجنة أن تأخذ ثلاثة أفلام تذهب في اتجاه معين لكن ننسى أن هناك 20 مقترحا مختلفا و متنوعا و بالتالي ليس هناك توجيه لا من المركز و لا الدولة. هل رأيت جرأة فيلم "عاشت الحرية" في مناقشة الواقع السياسي من رأس الدولة بإيطاليا الى أعضاء حزب في المعارضة.. لما لا نرى في المغرب فيلما من هذا النوع؟ المشكل المطروح هو هل حرر السينمائي المغربي و كاتب السيناريو المغربي نفسه من ضغوطه النفسية و الرقابة التي يمارسها على نفسه و بالتالي فهيهات أن يكون لنا في المغرب من يأتي بمقترح بقوة "عاشت الحرية" لأنه فيلم قوي و فيلم سياسي بالمفهوم النبيل للسياسة، يعالج موضوعا من الممكن اسقاطه على عديد من الدول و بالعودة للمغرب فستجد أن ثلاثة أو أربع أحزاب سياسية على الأقل تعيش نفس الأزمة. هناك مهرجانات غاضبة من هزالة دعمكم خاصة عندما تطلع على مشاهد البذخ في مراكش.. لا يمكن الإجابة على هذا الموضوع لأن هناك لجنة منصوص عليها في القانون تحدد لائحة المهرجانات الواجب دعمها بتعاون مع المركز و الهيئات التمثلية للقطاع، و أقسم لك بشرفي أني لا أتدخل في أعمالها و يكتفي المركز بتوقيع شيك الدعم، و بالتالي لا يمكن تحميل الوزارة و المركز مسؤولية قرارات اللجان التي يشغل عضويتها بشر لهم تأويلاتهم للنصوص و التي قد تعتمد من طرف عضو للدفاع عن تظاهرة سينمائية أو تبخيس أخرى لكن في جميع الأحوال أؤكد أن اللجنة مستقلة و قراراتها نهائية و لا رجعة فيها لكن هذا لا يعني أحقية بعض منظمي المهرجانات في إبداء اختلافهم و احتجاجهم. هل توارت "دربالة" نور الدين المناضل في صفوف الأندية السينمائية و راء كرسي الصايل الرئيس؟ نور الدين مناضل الأندية السنمائية أو المناضل فقط هو نفسه الذي بني عليه الصايل رئيس المركز و هي تراكمات لا قطيعة فيها و المهم في هذا هو تحقيق شرط الانسجام و التوافق الداخلي.