الخط : إستمع للمقال لم تجد الجزائر من رد على التصاعد المتنامي لدور المغرب في المنطقة وفي العالم، سوى أن تعود إلى أرشيف الاستعمارين الفرنسي والإسباني الخاصين بتفتيت وحدة المغرب لتسعى بذلك إلى خلق مشكلة في الشمال، بعد أن تمادت طوال خمسين سنة في استهداف الجنوب. ويبدو أن الاستعمارين الفرنسي والإسباني اللذين مزقا وحدة المغرب إبان توزيع خارطته بينهما قد تركا امتدادهما في الدولة الجزائرية لإتمام ما فشلا فيه وستفشل فيه دولة الجوار نفسها إن شاء الله، بقوة المغاربة ووحدتهم والتفافهم حول ملكهم.. فالجزائر تخطو من جديد نحو اقتراف كبيرة من الكبائر التاريخية في حق المغرب، إذ فتحت ترابها لمن سمتهم أفراد «الحزب الوطني الريفي»، الذي يدعو إلى القيام بالأعمال الحربية الإرهابية ضد المغرب. وباستقبال هؤلاء النكرات من الذين سمتهم أعضاء الحزب الوطني الريفي، الذي يعلن صراحة عن عمله من أجل انفصال الريف الأبي، وسعيه نحو استعمال العنف والأعمال الإرهابية لأجل ذلك... خطت الجزائر خطوة عدوانية صريحة، وقامت بعمل حربي معلن، مهما كانت قوة من تستخدم في هذه المؤامرة الجديدة. ونحن نقول بهذا، لأن هؤلاء الذين سلموا أفواههم لجنرالات «المرادية» ليأكلوا بها ثوم الخيانة لن يجدوا لهم موطنا في أرض الريف، الذي يقود الملك محمد السادس معه مسيرته نحو التنمية والتفتح والمصالحة اللغوية والمجالية والتاريخية منذ ربع قرن من الزمن... والجزائر تكشف لمن لم يدرك بعد في العالم نواياها الخبيثة مشروعا لتفكيك المغرب، بمحاصرته جنوبا، بافتعال نزاع الصحراء المغربية... وافتعال «قصة» الريف شمالا.. وقد وجدت لذلك شلة وحفنة من المرتزقة ممن أغرتهم مخابراتها وأموال البترودولار، بالمغامرة الدنيئة وإشهار نواياهم الخبيثة. وبالرغم من الخطورة التي تكمن في اللعب بالنار، فإن الجزائر تدرك هي نفسها بأنها حاولت من قبل أن تخلق «شروطا» مادية لمثل هذه الدعوة باحتضان بعض العملاء ممن يذهبون بعيدا في الجنون والقاطنين ببعض الدول الأوروبية، ولم تفلح ولم تجد دعواتهم، في كل الظروف صدى لها في البلاد وبين العباد. ونحن مدركون صلابة الوحدة الوطنية وبقاء الشرذمات على هامش التاريخ والجغرافيا، كما ندرك مغزى هذه المحاولات.. والتي تجد لها طابورا إعلاميا يحاول تبريرها، من منطلق وجود «قمع وحكرة» والحقيقة هي أن هذه الشطحات لم تغْر أبدا المغاربة، حتى عتاة المعارضين منهم للحكم ولو كانوا في الدول الأجنبية، ومنهم الذين رفضوا أطروحة الهواري بومدين وغادروا الجزائر، أيام المنافي والصراع المسلحَ... ومن هنا فالتصعيد الجزائري، هو في واقعه إعلان فشل المشروع الأصلي في الصحراء وعجز بيِّن بالإبقاء عليها كنقطة في جدول الأعمال إفريقيا ودوليا كما تريد، والمحاولة الحالية ما هي إلا محاولة تنشيط الانفصال في الجنوب بجرعات شمالية. والذهاب أبعد في شروط خلق التوتر، والشروط الحربية العملية، بعد أن أفشل المغرب آثار الهجمات القاتلة في السمارة والسعيدية وتجريب التصعيد داخل الصحراء بعد تطهير الكركرات.. كل هذا أفقد الجيران الشريين (صحيحة، من الشر وليس من الشرق) صوابهم. غير أن السلوك العدواني الجزائري، يكشف الكثير من المعطيات: * وجود نية مبيتة من لدن الجزائر لخلق مشكلة جديدة، ولعلها طريقة في فتح باب المغامرين من جنودها وحاراتها للاستجابة لدعوات مناوبة وأمسية لكنها تبدو ضرورية في إيجاد تعلة للهجوم. * إحياء مشروع الثمانينيات الذي كانت قيادة العسكر قد اتفقت عليه، فيما بينها بنقل الحرب داخل المغرب، بعد أن أفشل بلدنا الحرب الدائرة في الجنوب بفضل الجدار الأمني.. * وجود طابور إعلامي «غريب» لا حدود لعدوانيته ضد «بلاده»، يا حسرتاه. ومنهم من لا يجد حرجا في مهاجمتها أمام النعرات الانفصالية فقط لكي يرضي نزعة صبيانية في معاكسة الحكومة والحكم!! * بلوغ دولة إسبانيا، التي كانت لها مشاريع مماثلة أيام الاستعمار بخصوص الريف وبخصوص الصحراء، مرحلة النضج وتسلميها بحقيقة التاريخ والجغرافيا في القمتين معا، في وقت تسلمت الطغمة العسكرية المشعل من الفصيل الكولونيالي القديم لمواصلة المهمة، مع تعاون مع جزء من نخبة فرنسا في محاولة تقويض وحدة المغرب.. ولعل هذا الجزء استيقظ مع محاولات تطبيع العلاقة بين باريسالرباط، الاخيرة وأراد أن يعيد مقامرة «إيكوفيون» للتحالف الاستعماري الفرنسي الإسباني ضد المغاربة لتحرير بلادهم! هي مرحلة جديدة للمزيد من الكشف عن حقيقة هذا النظام الذي حشرنا الله بقربه وكشف بعض الذين يعيشون بيننا ووسطنا... وكشفٌ واضح عن طبيعة النظام الذي يرعى الإرهاب، والأعمال التخريبية ويغذي النزاعات المسلحة ولا يتورع في إشعال الحروب ضد الشعوب في المنطقة... أما الجبل المغربي فلن تهزه ريح!