في قاموس الهواتف الذكية، تعد كلمة «فلاش» أو «التفليش» كلمة مفتاح في تجديد وتحديث نظام هذه الهواتف. وهي عملية تحيين ضرورية لمعالجة عمل المحمول.. وينصح الخبراء بال«فلاش» عند وجود سبب لذلك، وإلا أدى إلى وفاة النقال. ولعل الصحفي الجزائري حفيظ الدراجي، الذي استهلك طاقة كبيرة في تلميع جزمات الجنرالات، تصدق عليه هذه الأسباب التي تلزم ب«تفليشه» أو بلغة درب غلف "فلاشيه" لعله يساير ما حدث في العالم منذ 1991!!!! فلا شيء يثبت بأن «اللوجيسييل» الذي يشتغل به الصحافي الجزائري، براح الجزيرة بينسبورت ما زال في مرحلة السوفيات، آكثر من تدوينته التي نشرها تعليقا على ما حدث في روسيا الأسبوع المنصرم. وكتب في ذلك قائلا: «يبدو أن خطة المخابرات الروسية KJB نجحت بعد قبول بيرغوجين التسوية ...».. والحال أن هذه الجملة الصغيرة والمحدودة كشفت منجما كبيرا من... العاهات الفكرية والتاريخية واللغوية لعل أهمها: 1 ال«كاجيبي» لا تكتب بحرف J بل يعرف العالم بأسره أنها تكتب بحرف G وعليه فإن الصحيح كتابةً هو KGB وهي الأحرف الأولى للتسمية (Komitet gossoudarstvennoï bezopasnosti وهي تعني حرفيا «لجنة أمن الدولة ». ولسنا ندري ما إذا كان المعنى سيظل هو نفسه عند كتابة الإسم بحرف غير الحرف الصحيح. غير أنه من الممكن أن نفترض أن الحرف J يحيل، لا شعوريا في ذهن الدراجي على بلاده الجزاير Jazayar وقد نستنتج أن الإسم الجديد للجهاز القديم هو Komitet Jazayarstvennoï bezopasnosti. ثانيا : هذا الجهاز البشع، والذي كان اسمه الملخص ينشر الرعب ويزرع الفزع في نفوس الدول والأفراد تم حله منذ 1991، وتحولت بعض من اختصاصاته وسلطاته إلى FSB) Service fédéral de sécurité,) وتعني جهاز الأمن الفدرالي الروسي حاليا.. ويظهر أن الدراجي يحتفظ بمعلومات عمرها 32 سنة، أي جيل بكامله. ولا غرابة في ذلك فهو على شاكلة عبد المجيد تبون وسعيد شنقريحة يفكر من خلال «منظومة» السوفيات الحالمة، ويمنِّي النفس بعودة أيام الهواري بومدين وجوزيف ستالين! والنظام برمته الذي يبالغ في مديحه والدفاع عنه، هو في حقيقته جزء من بقايا الحرب الباردة التي كانت للكاجيبي فيها أدوار رهيبة وحاسمة. وهذا النوع من الانزلاقات لا تكون محددوة الأثر بل تكشف عن عمق مشكلة الجهل بحقائق الواقع. وبالرغم من أن الصحافي الدراجي فاتته معلومة صارت في متناول اليد عبر الكتب والأفلام والأنترنيت، فقد سمح لنفسه بالتحليل واستشراف المستقبل في روسيا ومستقبل الرئيس فلاديمير بوتين (كتبها فلادينير)... وهو اعتبر بأن «بوتين تصرف بحكمة ولذلك سيعود أقوى مما كان عليه البارحة في أوساط الشعب والجيش وفي مواجهة خصوم روسيا»!!! لماذا يسير عكس الاتجاهات العامة في التحليل، بما فيها المشاعر التي عبر عنها بوتين نفسه إزاء عملية التمرد التي قادها يفغيني بريغورين صديقه؟ لأن الدراجي شعر وكأن الأرض التي بنى عليها رئيسه عبد المجيد تبون أحلام القوة اهتزت تحته، وأراد أن يعوض بالأماني حقيقة ساطعة وهي أن بوتين في حربه الحالية وبعد التمرد سيكون أكثر ضعفا مما كان، وأن عليه أن يرتكب مغامرات كبرى لكي يستعيد... صورة الرئيس المتحكم في كل خيوط اللعبة. وأما الوضع الذي نجم عن الأحداث السابقة فهو سيضر تبون وشنقريحه، ودراجي بطبيعة الحال.. يريد أن يشعر بالأمان بأن النظام الروسي الذي قدمت له الجزائر البيعة نظام قوي و... يُعوَّل عليه، ويريد أيضا أن يطمئن أنصاره بأن بوتين مازال سيد الحرب والسلم في... الجزائر!