يحكى أن الشاعر الصعلوك "تأبط شرا" لقبته أمه بهذا الاسم، لأنها قالت له يوما: "كل واحد من إخوتك يأتيني بشيء إذا راح في المساء، ما عدا أنت"، فأتاها في اليوم التالي متأبطا جرابا مملوءة بالأفاعي والعقارب. وكذلك الأمير "الأزرق" مولاي هشام، التائه في بقاع الأرض، والباحث عن الإساءة لوطنه، أيا كان ثمنها ومهما كانت تكلفتها،أي أنه لا يختلف في شئ عما جلبه تأبط شرا لوالدته من عقارب وافاعي وسموم، حتى قال عنه موقع لندني: إنه لا يمل من البحث عن الدسائس والمكائد، وعن كل ما يمكن أن يصيب وطنه بسوء. فسبحان الله كيف لشخص ينتمي لعائلة شريفة، أن يتقمص دور حرباء تخرج لسانها بسرعة خارقة لتقتات على الحشرات وتفترس القوارض، ثم تغير لون جلدها، في الحين، حسب المواقف والمصالح. وفي كل هذا تجده دائما متربصا بوطنه للإساء إليه، وكأنه جلاد يقسو على نفسه وعلى أهله وأناسه. إن الأمير المنبوذ، كما حلا له أن ينعت نفسه، أصبح مازوشيا في تعذيب ذاته، وساديا في السخط على وطنه، لأنه كلما فشل في مهمة للإيقاع بسمعة المغرب، بدأ رحلة جديدة في حبك الملفات الصحفية والكتابات التشهيرية ضد بلده. ولكم أصيب بالإحباط اولئك الذين آمنوا بادعاءاته وتنبؤاته بانتفاضة سماها "ثورة الكامون"، فانفضوا من حوله لاعنين يومه ومعرفته !. ومن علامات تربص الأمير الأزرق بمصالح وطنه، خرجته الأخيرة في مقال صحيفة "التايمز" اللندنية، وما ادعاه من أقاويل، ووزعه من تهم، وباضه من قراءات وتحاليل وتوقعات، ومنها أن هناك تحالف أمني يدير بلاط الملك وحياته الشخصية، وأن الوضع يستدعي الضبط.،ثم إنه أفاض في الكلام فقدم نصائح مهترئة لعلاج ما توهمه مرضا، ومنها ضرورة تجنب حدوث أزمة وطنية وشيكة...يا سلام! كم هي ثمينة هذه النصيحة! هاهاها...على ايقاعات ضحكة عبد الإله بنكيران الشهيرة. حقيقة أن "الأمير المنبوذ" حول حجم توقعاته بخصوص "ثورة الكمون" إلى مجرد أزمة اجتماعية على وشك الحدوث، مما يعني أن توقعاته أصيبت بالهزال، وأن طبخاته التنبئية تستدعي توابل أكثر، وقد يستغرق تحضيرها، مرة أخرى، عشرات السنين، وقد تكلف أيضا ملايين الدولارات كما اعتاد أن يلقي بها يمينا ويسارا، وأن يجدد الاتصال مع بعض المتناضلين كفؤاد عبد المومني والمعطي منجب وابو بكر الجامعي، و مع صحافيين من جريدة "الإيكونوميست" ومجلة "التايمز" البريطانيتين. ولعل أهم ما تجدر الإشارة إليه اليوم، هو أن الذي صور نفسه في عدة مناسبات، بأنه مبعد ومنبوذ، تم ضبطه، اليوم، أقرب ما يمكن من عدة ملفات محبوكة، ويمكن تصنيفها ضمن أعلى درجات التآمر والتواطؤ ضد استقرار الوطن. فالإيكونوميست تتحدث عن انقلاب عسكري، والتايمز تدعي حدوث أزمة في المغرب وتنسبها الى القصر الملكي، علما أن مؤشرات غلاء الأسعار والمعيشة التي يبررون بها تحاملهم على المغرب، هي أمر واقع داخل المغرب وخارجه،وهي حديث العادي والبادي عبر كل المواقع والشبكات الاجتماعية، وقد أشرنا في أكثر من مناسبة الى أن السبب الرئيسي لعدم التحكم فيها هنا، هو هشاشة الحكومة وضعف كفاءتها في تدبير الشأن العام. ولكن، ألم ينتبه كاتب مقال التايمز إلى جانبه قليلا، فيرى ما تسبب فيه غلاء المعيشة من إضرابات في عدة قطاعات في بريطانيا نفسها، دون أن تتحدث صحيفته وغيرها عن انقلاب عسكري ولا أزمة اجتماعية بذاك البلد؟ . ومن أبرز خيوط مؤامرة "المنبوذ" عبر الصحافة الاجنبية، أن الصحافي المكلف بإنجاز مقال التايمز زار المغرب، والتقى بعدة مسؤولين وتحدث مع شهود وخبراء، وأنه ظل طيلة 48 ساعة التي قضاها في المغرب، يدعي ضيق الوقت، وضرورة مغادرته نحو اسبانيا، ولكنه بعد عودته لم ينشر في مقاله المتحامل أي شئ عن تصريحات محاوريه المغاربة. ثم إنه تحرك في الرباط يمينا ويسارا، وولج احياءها القديمة كما قال بعضمة لسانه، ولكنه لم يقدم لنا أية حجة او مؤشر عن وجود أزمة او انعدام للاستقرار، وهي انطباعات طلب منه صديقه هشام الأزرق تسريبها إلى داخل المقال. وللقارى الكريم أن يتساءل: هل تكفي بضع ساعات يقضيها كاتب المقال في المغرب لإنجاز تحقيق متكامل وموضوعي وموثوق؟. بل، لماذا قدم ياترى هذا الصحافي الى المغرب، وطلب لقاء مسؤولين وسياسيين وصحافيين، وهو يعلم مسبقا أنه لن يدرج تصريحاتهم في مقاله؟. إذن فالجواب واضح وضوح الشمس في كبد سماء يوم مشرق: إن قدومه الى المغرب هو مجرد تمويه مؤدى عنه من المال "السايب". إن الرسالة التي يسعى هشام الأزرق إيصالها الى الرأي العام الوطني والأجنبي، تبدو واضحة المعالم، وهي أنه موجود، ويريد أن يصطف مع المصطفين والمتلهفين بحثا عن طريق توصله الى الحكم. وطبعا، هذا مجرد إحساس واهم، يحوله الى حالم يسعى لإرضاء أطماعه، ثم يترجمه بعد ذلك الى مخططات ودسائس، وذلك كلما روّج البعض أن عاهل البلاد يعاني من وعكة صحية ويخضع للعلاج. وهنا يجب أن نكون صرحاء في قراءة هذه الشطحات المريبة، ذلك أن المغاربة حين يعبرون عن حرصهم الشديد وتشبثهم الدائم بالعرش، والتفافهم حول محمد السادس، فهم في ذات الوقت غير راضين عن سلوك هشام الأزرق، لأنه يتنافى وأخلاق الشرفاء والاوفياء، خاصة أنه لا يمكن للمغربي العفيف أن يقبل التشفي في لحظة مرض أي كان، أو أن يعبر عن أية طموحات انتهازية في مثل تلك الظروف. ولن ينسا المغاربة رفض الأمير المساهمة ولو بدرهم واحد في الصندوق الذي أنشأه الملك محمد السادس لمكافحة جائحة كورونا. وأخيرا، فإذا كان الأمير الأزرق يؤمن بالله ورسوله، فقد حق عليه أن يتأمل مليا حادثة اللقاء الذي جمع الرسول الكريم بوحشي بن حرب الذي قتل حمزة بن عبد المطلب في يوم أحد، حين رماه بسهم مسموم، وكان وحشي،بعد فعلته،قد تاب الى الله وجاء إلى الرسول ليشهر إسلامه، ويصبح محاربا مع المسلمين، فقال له الرسول الكريم : أأنت قتلت حمزة؟ وأجابه وحشي: لقد كان من الأمر ما بلغك...فقال له النبي: هل تستطيع أن تغيب وجهك عني؟.. فهل وصلتك رسالة المغاربة أيها الأمير؟ .