"في كل ما يصيب المغرب، فتش دائمًا عن مولاي هشام".. عبارة استخدمها موقع "لندني" ناطق باللغة العربية، للحديث عن الأيادي غير البيضاء للأمير "الأزرق" التي نكاد نتلمسها في كل الدسائس والمكائد الإعلامية التي تحاك ضد المغرب، سواء من الداخل عبر كتيبة الممولين من جيوب الأمير والذين فضحهم علي لمرابط وعلي عمار ورشيد نيني في مقالات ومؤلفات عديدة، أو عبر شبكة الصحافيين "المتعاونين" في بعض الجرائد الاسبانية والفرنسية والانجليزية. وبقدر ما تكشف هذه العبارة المقتضبة أطماع الأمير هشام، التي تترنح بين أوهام الثورة وأطماع الثروة، فهي تفضح في العمق زيف أطروحته ومرئياته لحرية الصحافة والبعد الحقوقي في عملها! فالأمير الأزرق لم يستحضر قدسية حرية التعبير وهو يشتري ذمة الصحافيين بالمال ولا عندما انتفض مقاضيا الموقع الإخباري الذي نشر هذه العبارة، التي تلخص كل شيء عن رجل يهيم على وجهه بين شخصيتين متنافرتين. شخصية "التقية والمظاهر الخادعة"، التي يدعي فيها الوطنية الخالصة لوجه المغرب، بدون مخزن تقليداني كما يزعم، بيد أنه يسمح لنفسه بنشر تدوينة في موقع فايسبوك يتباهى فيها بحمل جنسية الولاياتالمتحدةالأمريكية التي وصفها "ببلده الثاني الذي يفخر باستعادة روحه الحقيقية ومساره الانتخابي بعد فوز الرئيس جو بايدن"! ثم هناك شخصية ثانية منتحلة ( بفتح الحاء) يتقمص فيها "عباءة الإصلاحي الغيور على الديموقراطية وحقوق الإنسان"، بينما هو في الحقيقة، وكما يروي ذلك طباخه السابق مبارك زويتينة، كان ساديا يتلدد بالعبث بشروج مستخدميه، ويجز شعرهم ب"دزازة" البهايم، بينما ينسب له الصحفي علي عمار في كتابه وعلي لمرابط في تصريحاته للزميل مصطفى الفن أنه كان سخيا مع توفيق بوعشرين والحسين المجذوبي وفاضل العراقي وأحمد رضى بنشمسي وبوبكر الجامعي وغيرهم ..مقابل مهمة وحيدة هي "مهاجمة المخزن وتصوير الأمن كبعبع يشكل خطرا على الملكية والمغرب". "الهجوم البريطاني".. فتش عن الأمير الأزرق عندما قرر علي عمار تعرية مخططات الأمير هشام داخل الساحة الصحفية، في مواجهة فضائحية مفتوحة وغير مسبوقة، اختار عنوان "الهجوم الإعلامي" للحديث عن تواطئات الرجل، وتمويلاته السخية لمهاجمة المخزن واستهداف المنظومة الأمنية المغربية، بدءا بحميدو لعنيكري وفؤاد عالي الهمة ووصولا لعبد اللطيف حموشي. واليوم، ونحن نطالع التصريحات المنسوبة للأمير الأزرق في مجلة "the times " البريطانية، يستحضرنا نفس العنوان محينا ومعدلا تحت مسمى "الهجوم البريطاني"، حيث تظهر بجلاء "نغزة" الأمير الأزرق وعقدته الأبدية من المخزن في هذه "الهبة الأخيرة" للصحافة البريطانية ضد النسق السياسي بالمغرب. وهنا سنعيد اجترار وتدوير العبارة الشهيرة "في كل ما يصيب المغرب، فتش دائما على الأمير هشام"! فالأمير الأزرق صار بمثابة مصيبة وآلة للدعاية ومصدرا لتمويلها في كل ما يحدث بالمغرب. وهذا المعطى يفرض علينا قراءة تصريحات هذا الأمير "الملون بلون الجهل" بتحفظ شديد. ونحن لا نستهدف الرجل هنا من باب الاستهداف، كما يفعل هو عندما يهاجم المخزن الذي وصفه في حوار مع فرانس 24 ب "الحيوان"، بل حتى أصدقاءه القدامى باتوا يتعاملون معه على هذا الأساس المحفوف بالتوجس والارتياب. فعلي لمرابط، الصحافي الذي عاش طويلا ممسكا بتلابيب جلباب الأمير قبل أن ينتفض ضده، يقول "بالنسبة لصحفي مثلي فإن الأمير هشام كان مصدرا جيدا وكفى"، وكلمة المصدر هنا تحيل صراحة على هذا المعين المشبوه للأخبار والمعلومات والمعطيات، التي كان ينشرها هذا الأخير كلما هاجم الملكية والمخزن والمغرب في أعمدة الصحافة المغربية والاسبانية وحتى ذلك الموقع القطري الناطق بالإنجليزية. تحليلات من زمن ولى في كل مرة، يتقمص الأمير هشام شخصية المثقف الإصلاحي، ويحاول أن يبرهن على ذلك بنشر صور له منتقاة بعناية لأغراض البروباغندا، يظهر فيه نائما في المكتبات وتحت رفوف المجلدات. فالرجل يريد أن يوهم المغاربة بأنه "تنويري يعيش في رحاب الكتب"، بيد أن من يطالع تصريحاته، بما فيها تلك المستخدمة في الهجوم الإعلامي البريطاني الأخير، يجد أن الأمير الأزرق لا ينتج سوى التحليلات القديمة، بل لا يفرز منها إلا كل ما هو غثاء أحوى. فالرجل يدعي في سنة 2023 بأن " التحالف الأمني يحاول الآن إدارة بلاط الملك وحياته الشخصية "، مستغلا بانتهازية شديدة النقاش الذي أثاره وجود الإخوة ازعيتر في المحيط الملكي، وذلك ليعاود مهاجمة المخزن والأجهزة الأمنية مجددا. لكن هذا الهجوم لم يكن موسوما بالراهنية، بل حتى جميع استشرافات الرجل حول موت المخزن لم تكن صحيحة، مما يجعل اللون الأزرق هو الذي يليق به، كوصف رديف للجهل والأمية السياسية. فالبحث في أرشيف تصريحات الأمير حول المخزن وما يسميه التحالف الأمني، يسمح لنا بتكوين قناعة راسخة مؤداها أن الرجل يعيش بعقدة متلازمة اسمها "المخزن". ففي مقال منسوب للأمير في جريدة "ليبراسيون" الفرنسية، منشور منذ أكثر من عقد من الزمن، حذر مما سماه "إغراء المقاربة الأمنية"، وتوعد النظام من "مغبة الرهان على المقاربة الأمنية". ورغم أن تكهنات الرجل لم تتحقق بالمغرب، الذي خرج منتصرا من ثورات الربيع العربي، من دون مواجهة مفتوحة مع الشعب، وبدون مقاربة أمنية متعسفة، ها هو يعيد اليوم اجترار نفس الاستيهامات المغرضة على أعمدة الصحافة البريطانية، مستهدفا مجددا الأمن الذي يعتبره مصدر تهديد للملكية! سفسطة الأمير وصفاقة زيان يتقاطع الأمير هشام في الكثير من سردياته مع صفاقة محمد زيان المعتقل حاليا بالسجن! فكلا الرجلان يزعمان بأن الأمن يحاول "الانقلاب على الملكية"، وهو حديث مطبوع بكثير من الرعونة والجهل والإغراق في نظرية المؤامرة. بل إن هذا التقاطع وحده يعطينا نظرة موضوعية حول مستوى جهل الأمير الأزرق، الذي هو بنفس مستوى "فم" محمد زيان. لكن السؤال المطروح الآن: هو لماذا يتم استهداف الأمن دون غيره من المؤسسات الوطنية الأخرى؟ قبل الجواب على هذا السؤال، ينبغي الرجوع سنوات إلى الماضي، وتحديدا في بدايات حكم الملك محمد السادس! وقتها كان الأمير الأزرق يهاجم حميدو لعنيكري وبعض رجالات المؤسسة العسكرية الذين وقعوا على عريضة البيعة، واليوم ها هو يقوم بتحيين قائمة الشخصيات المستهدفة ويحصرها في فؤاد عالي الهمة وعبد اللطيف حموشي. لكن لماذا يهاجم هذه الشخصيات التي وصفها بأنها تجسد "التحالف الأمني"؟ فالأمير الأزرق يدرك جيدا بأن مهاجمة النسق السياسي ونظام الحكم يمر حتما عبر الضرب في مركز الثقل الهرمي للنظام، ممثلا في رجال الثقة وحراس الأمن والمشرفين عليه. وبالتالي فالأمير الأزرق يريد أن يخلق فجوتين: فجوة بين الشعب وهذه الشخصيات من جهة، وفجوة ثانية بين الملك وهذه الشخصيات! لكن أطماع الأمير الأزرق ستكون بنفس مآل تحليلاته وتكهناته الفاشلة، فالرجل الذي تكهن بإحراج المغرب بعد نجاح الحراك في الجزائر، وتكهن بانتصار المقاربة الأمنية في تدبير مسيرات 20 فبراير، سوف يدرك في الأمد المنظور بأن التحالف الأمني، كما يسميه، هو ركيزة أساسية لتحقيق الأمن والاستقرار وليس وسيلة للانقلاب كما يسوقها هذا الأمير المنبوذ.