فتحت أبواب المدرسة في تسليت منذ سنة 1963 ،في الوقت الذي كان فيه المسجد نشيطا ،في تحصيل العلم. كانت "تسليت" سبيل الطلبة " إمحضارن"من كل جهة ،يحلو لهم الاستقرار فيها ،لما كانت تزخر بها ، من مناظر طبيعية ،بتواجد مجموعة من العيون ،تسقي أراضيها ،أنسجت خضرة ،التفت فيها أشجار الزيتون ،في ما يسمى "إبحرن"التي كنا نخاف اقتحامها وسط النهار ،للوصول إلى "الكرموس "الذي كان يسد رمقنا،في أعز الحرارة المفرطة،وتتبع زقزقة العصافير لاصطيادها ،كما أن خرير المياه ،يسمع من بعيد ،في هذا المكان ،باعتبار الموقع ملتقى المياه الجارية في السواقي ،التي يصعب التحكم في مياهها لقوة الدفع ... بعدما كانت تجمع في "مجمعات مائية،التي كانت بمثابة مسابح للصغار والكبار صيفا ... وبهذا يرجع البعض التسمية إلى جماليتها ..... هؤلاء الحملة للقرآن الذين يفوق عددهم الثلاثين ،يسمع صوتهم من بعيد ،بعد صلاة المغرب ،حيث يكون فيها الموعد مع "السلكة".تقشعر لها الأبدان ،تستمتع الأذن فيها إلى أجمل الكلمات ،تغري إلى معرفة كتابتها وفهمها.. ،وكما روى لي مسن،أن بعض المتطوعين من الفقهاءمنذ زمن طويل ، الذين تمسكوا بقوله تعالى "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات تتلمذ على يدهم قبل بناء المدرسة ،حمن خلال دروس محو الأمية ،التي كانت تخصص لأبناء القرية ،ومنهم " الشيخ سي سعيد "الذي يرجح نسبه إلى الزاوية"الناصرية" ،لأنه من أهل "ايت بناصر" .. كانت العائلة تنتظر دورها في " ترتبيت" التي تعني التراتبية ، لإطعام "إمحضارن" لتقدم لهم مما يشتهون ،تقديرا واحتراما سعيا وراء الأجر في ذلك ، يصيروا عبيدا ،لهؤلاء الذين يعلمونهم الحروف... كنت أرافق " المسافرين "كما كانوا يسموا ! وأنا مازلت لم أصل بعد إلى سن التمدرس ،ألوذ بين ذراعي والدي رحمه الله ،الذي لا يفارق المسجد ،بل هو المسير لشؤونه... كان يومي الأربعاء والجمعة ،مخصصين للفقيه "تلربعت" بالمصطلح القديم ،"أكراس" بالمصطلح الأمازيغي، الحديث.. سواء بيضا ،أم نقودا ،وهم يرددون " أعطيني بيضة بيضة باش انزوق لوحتي ...ولوحتي عند الطالب ،والطالب في الجنة محلولة...يطرقون فيها الأبواب دارا دارا.... أما يوم الجمعة فهي لجمع مقدار يومه من السمن" أودي" للمسجد ، يوضع في قدر ،تحت رقابة الفقيه ... لا يملون " الزردة"الشبه يوميه ،فهي قريبة ولو تكن في بغداد كما يقال ، هذا في المساء ،أما الصباح فيخصص للاجتماع لشرب شاي "الجامع"وما أدراك ما شاي المسجد...الذي كان يستغرق ساعات طوال...تتلى فيه ايات من الذكر الحكيم ،واستظهار السور من طرف الطلبة ،لمحوها بالصلصال المنتشر في الوديان.. ومن وراء كل "زردة" أخرى ،تخصص فيها "الفاتحة" للحاضرين ،وتجمع فيها الأموال ،التي يحتفظ بها للطوارئ ،حينما يغيب المضيف ...أثناءها ينطبق عليهم قول الشاعر: يجود ةعلينا الخيرون بمالهم ..................ونحن بمال الخيرين نجود. يكون نصيب الأسد فيها لرجال التعليم ،الذين الذين يدرسون في المنطقة ،وأغلبهم حامل للقران، يندمجون مع الفقهاء بكل سهولة ،متمتعين بكامل الحرية والاحترام ،والوقار،وتوفير جميع المتطلبات إليهم .... هؤلاء الرجال ،الذين تقف إليهم القرية إجلالا ،وتوفيهم التبجيل ، تخرجت على أيديهم أطرا عليا ،استطاعت أن تقتحم حرم الجامعات المغربية ،من جميع أبوابها ، رغم الظروف القاسية التي كانوا يعيشونها.،والتي لم تثن عزيمتهم وإصرارهم على التحدي ،والبحث على تحسين أوضاعهم الاجتماعية ،و السيربها ولمنطقتهم ا نحو غد مشرق ...وهم منتوج هؤلاء الأساتذة الذين تسلقوا بدورهم مناصب عليا ،وأصبحوا في مراكز القرار ،كمفتشين وأساتذة جامعيين .... وبحلول فصل الصيف تتحول القرية إلى مهرجان ، بعودة أبنائها من الجامعات ،أو زيارة أسر موظفي البلدة ، صلة للرحم وجني نصيبهم من اللوز ،الذي يعتبر "النفط البني "للمنطقة ،لأنه يتحمل مصاريف العائلة خلال سنة كاملة ،لا يلجأون إلى بيعه إلا في فصل الشتاء ،حيث يكون الثمن http://www.azilal-online.com/inf-ar/...ight.gifمرتفعا ... نريد فقط إعطاء لمحة عن ظروف نشأة فكرة الجمعية في قرية ،و في ليالي مقمرة تتراقص حولها النجوم المتلألئة ،يصل فيها صوت خرير المياه ،ونقنقة الضفادع إلى الأسماع ،ليلة في كبد السماء ،تفتح تأملات ،لقنت درسا للمختصين في عالم المجرات ،وأسرار هذا الكون الفسيح... تسودها السكينة ،بحثا عن عشق ،وتلهف إلى لقاء ،تتسابق فيه لحظة الحب ،وعناق طال انتظاره .. على نغم همس القرية ،ارتمى الجميع في أحضانها ،تهيم شوقا وعشقا وحبا....هي موطن الإلهام ،وفرصة لتبادل الأفكار ،وحصادهم السنوي من المعلومات والتجارب ،التي اكتست من المدن الكبيرة ، ...تطفو عليها التوجهات السياسية ،والتخصصات المتنوعة...تنقسم فيها إلى فئات عمرية ودراسية ..ترجمت كلها إلى تنظيم ملتقيات ،كانت بدايتها من دوريات في كرة القدم ،إلى أنشطة ثقافية وتنموية متنوعة... ..تبلورت على إثرها ، فكرة تأسيس أول جمعية في "تسليت " لهؤلاء الشباب ، ،تحدو الجميع رغبة في دعم كل مبادرة هادفة .. اتفق الجمع على تسمية المولود الجديد ،يوم8 غشت 1998وباعتبار فصل الصيف هو ملتقى هؤلاء الشباب ، ب" جمعية ملتقى الشباب لدعم مبادرات التنمية".... يتبع