كثرت في الآونة الأخيرة الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال الأبرياء واستغلالهم جنسيا، وهذا يتطلب يقضة مستمرة من طرف كل المهتمين بقضايا الطفولة، لوضع حد هذه الممارسات الشاذة، والتصدي لهؤلاء المجرمين والضرب على أياديهم من حديد. كما يجب توعية الأباء والأسر بضرورة تبليغ السلطات الأمنية والجمعيات المهتمة من أجل متابعة و تقديم الجناة للعدالة لكي تقول كلمتها فيهم، وعدم التستر على هذه الأفعال الإجرامية بدعوى جلب العار للأسرة أو الفضيحة وغيرها من المبررات التي تجعل الجاني يفلت من العقاب، ويكرر فعله كلما سنحت له الظروف بذلك. كما ينبغي تطبيق أقسى العقوبات على الجناة للحد من تفشي ظاهرة الاعتداءات الجنسية المتكررة بسبب عدم التبليغ على هذه الجرائم، أو غياب وسائل الإثبات الكافية، فعلى المشرع أن يقوم بسن قوانين رادعة وتشريعات زجرية صارمة للتصدي لكل من سولت له نفسه الاعتداء على براءة الأطفال، كما يجب على السلطات الأمنية تشديد المراقبة على البؤر السوداء التي يمكن أن يلجأ إليها المتحرشين بمختلف الوسائل الممكنة التي تمكن من إيقاف الجاني متلبسا في عين المكان. كما يجب محاربة هذه الظاهرة بوضع مقاربة وقائية وتربوية تستهدف الأسرة و المدارس تقوم بها الجمعيات المهتمة بقضايا الطفولة حيث ترتكز هذه المقاربة على التربية الجنسية ودورها في توعية الطفل وأسرته بمجموعة من الآليات والوسائل التي تحميه من خطر التحرش والتي يمكن إجمالها في الآتي: 1- التثقيف الموجه والمعلومة الصحيحة وكلاهما لن يتم إلا في جو حميم من الصداقة مع الطفل منذ أيامه الأولى،ومنحه الثقة بنفسه وبوالديه، وإشعاره بالأمان في أن يسأل ويعرف ويتطرق لكل الموضوعات مع والديه. 2- توعية الطفل بضرورة أن يروي للوالدين كل غريب يتعرض له، مع تعويده على مسألة رواية أحداث يومه لأسرته بانتظام وبصورة يومية في مرح وسعادة على مائدة الطعام، هذا بخلاف الأوقات الخاصة التي يجب أن يخصصها الأب والأم كل على حدة لكل طفل منفردا ليتحدث كل منهما معه عن آماله وأحلامه ومخاوفه ومشاكله دون حواجز، وذلك إن لم يكن بصورة يومية فعلى الأقل كل يومين أو ثلاثة. 3-إشعار الطفل بالأمان التام في أن يروي تفاصيل أي موقف دون عقاب أو زجر. 4- محاولة إيجاد فرص متنوعة لأنشطة وهوايات ورياضات يمارسها الطفل من سن صغيرة ويتطور فيها ويضيف إليها مع كل يوم يمر في حياته. 5- ملاحظة الطفل باستمرار -دون إشعاره بالرقابة الخانقة- ومتابعة ميوله في اللعب، وطريقة وأنواع لعبه، مع عدم السماح للخدم والسائقين و الجيران والغرباء بالانفراد به مطلقا، والسماح لهم بالتعامل معه تحت نظر الوالدين بعيدا عن الأماكن المغلقة أو في عدم وجود الوالدين، وحماية الطفل من مشاهدة قنوات فضائية أو مجلات أو أي مواد إعلامية غير مناسبة، مع غرس وازع رفض كل ما لا يحبه الله، واستخدام نعمه –كالعين مثلا – فيما يرضيه سبحانه فقط. 6- إدراج مواد التربية الجنسية ضمن المقررات الدراسية في جميع الأسلاك التعليمية، من أجل اكساب الطفل المعرفة الضرورية، وتمكينه من مجموعة من المهارات التي تجعله قادرا على مواجهة كل الأخطار التي تهدده. 7- قيام الجمعيات المهتمة بقضايا الطفولة بحملات تحسيسية وتوعوية تستهدف الأطفال والأسر من أجل تشكيل وعي جماعي بمخاطر هذه الظاهرة، وضرورة التبليغ بالمعتدين، والتشهير بهم، وعدم ترك الأطفال في الأماكن الخالية، أو في الشارع عرضة للمتحرشين. فهيا جميعا للتصدي للتحرش بالأطفال، ووضع حد لاغتيال براءتهم...