لعلّ وقع كلمة «التحرّش» ثقيل على الآذان إلى درجة أن بعض الآباء يستبعدونها أو يعتقدون أن أبناءهم بعيدون عنها وغير معنيين بها.. كما قد تسبب تلك الكلمة «الثقيلة» الحرج ل«الوالدين» إلى درجة امتناعهم عن السؤال عمّا يخص الحماية وتوعية الأبناء ضد التحرّش، بل ويمتنعون حتى عن مطارحة مثل هذه المواضيع مع الأبناء تحت مسمى «حْشومة وعيبْ».. ولكن هذه الكلمة، ورغم بشاعتها و«ثقلها»، فهي تفرض نفسها على واقعنا، وفق ما أكدت نعيمة الوعاي (مدربة التنمية البشرية) في لقائها مع «المساء»، بل وتستلزم منا، وفق تعبيرها، وقفة لمعالجتها والتعرف عليها عن قرب، لذلك من الواجب على الآباء أولا الوعي بالعلامات التي تظهر على الطفل المتحرّش به وهذه بعض منها: -بكاء مستمر؛ -ظهور حساسية غير مبررة؛ -خوف ونفور أشخاص من أو أماكن معينة؛ -اضطرابات في النوم؛ -رفض خلع الملابس أمام الوالدين؛ -التبول اللاإرادي؛ -صعوبة في المشي أو الجلوس؛ -الوعي المبكر بالمواضيع الجنسية؛ -الانسحاب بعيدا عن الأسرة والأصدقاء وإهمال الأنشطة الجماعية؛ -فقدان الثقة بالآخرين، مع شعور الطفل المعني الدائم بالضعف أو بأنه أقل من الآخرين، مما يؤثر بشكل عام على نمو شخصية الطفل.. وقد يمتنع العديد من الأطفال عن إبلاغ أهاليهم عندما يتعرّضون للتحرش الجنسي ويفضلون «الصّمت»، خوفا من ردة فعل الأهل وكذا من العقاب، لاعتقادهم أنهم مذنبون، لذلك على الأهل -توضح الوعا- معرفة كيفية التصرف مع الطفل ضحية التحرّش، لمساعدته على تجاوز محنته بسلام ومن دون نتائج أخرى قد تؤثر على حياته المستقبلية، بالاستماع إليه وتصديقه، وتهدئة الطفل وإشعاره بالأمان، وأيضا بعرضه على طبيب نفسي والتزام الهدوء، لأن الأهل قد يتعرضون لصدمة عند سماع الخبر، ولكنّ الهدوء في مثل هذا الموقف يعطي طفل انطباعا بأنك مستعدّ لمساعدته ويخفف من مخاوفه.. مع ضرورة إبلاغ الشرطة عن هوية المُتحرِّش، لأنّ الأهل قد يتكتمون عن الخبر خوفا من «الفضيحة»، وهذا يرسخ في ذهن الطفل أنه مذنب ويتأكد له أنّ التجربة التي مر بها لم تكن خطأه، وأنه ليس إنسانا سيئا.. كما يجب «طمأنته» وضمان سلامته والسماح له بالعودة إلى ممارسة أنشطته اليومية بشكل طبيعي في أقرب وقت، لأنّ التركيز على التجربة -بتذكير الطفل بها- من الممكن أن يصيبه بالذعر والخوف مدى الحياة.. ولكي نجنب أطفالنا مرارة هذه التجربة تنصح الوعاي الوالدين بضرورة تعليم الطفل أسماءَ أعضاء الجسم واستخدام مصطلحات مناسبة لكل عضو، مع توضيح أن هذه الأعضاء خاصة جذابة وينبغي ألا يلامسها أحد، وتعويد الطفل على أن عليه عند ملامسة أي شخص جسدَه إخبار والديه على الفور، مع تحذيره من كل شخص يهتم به بشكل مُفرط، وخصوصا ممن يكبرونه سنا.. وأيضا تنبيهه من أن يمنح ثقته لأي شخص غير والدَيه، فليس هناك من يُحبّه ويهتمّ به أكثر منهما، مع توعيته وتعويده على مصارحتهما بكل ما يحدث معه، لأنّ الصّمت قد يشجع تكرار التحرّش.. وأخيرا، من الضروري على الوالدين ألا يُعَوّدا الطفل على قبول وطاعة الأوامر بدون نقاش، لأنّ ذلك يرسخ في ذهنه أنّ كل من يكبرونه سنا هم على حق، وتشجيعه -وفق الوعاي دائما- على إبداء الرفض وعدم التجاوب مع أي تصرف غير سوي، بتعليمه وتوعيتم بالطريقة التي يجيب أن يُعامَل بها من طر ف الأشخاص الغرباء أو حتى الأقرباء، في إطار توعية الطفل على العام الخارجي وعلى التواصل مه المحيطين به.