كل واحد منا بدأ يلاحظ المد الذي أصبحت تعرفه حركة المهرجانات بالمغرب، مهرجانات بمختلف أشكالها و ألوانها و لغاتها، مهرجانات يذهب ضحيتها عشرات الملايير من السنتيمات، فنحن لسنا ضد المهرجانات الهادفة، بل نحن بكلامنا هذا نتوجه ضد مرتزقة المهرجانات، ضد أولائك المبذرين للمال العام للدولة. فلو قمنا بإحصاءات بسيطة لوجدنا عدد مهرجانات فصل الصيف يتجاوز المائة، ثم لوجدنا عشرات الملايير من السنتيمات تبذر على حساب المواطنين الضعفاء. هذا هو حال مغرب اليوم، مغرب اللصوص و آكلي لحوم البشر، الذين يبذرون المال العام، فهم متيقنون بأنهم لن يخسروا شيئا من جيوبهم الخاصة، إنهم يستنزفون خزينة أموال الشعب التي تتحكم فيها أيديهم النتنة، باسم تسيير شؤون البلاد، و يتم بذلك إفراغ أموال طائلة منها و تصريفها في أمور تافهة لا تنفعنا في شيء سوى أنها تجلب لنا العار و الفضيحة، و الشعب، أغلب أفراده يعيشون على هاوية الفقر الشديد، و جلهم لا يجدون لقمة يسدون بها رمقهم و رمق أبنائهم، في الوقت الذي ينفق فيه مسؤولوا هذه البلاد التي لا حول لها و لا قوة من الأموال على شخصيات غربية و شيخات شرقية مختلفة التلاوين و الأعراق. فكيف يعقل أيها القراء الأعزاء أن تجني الشيختان " إبليسا "( إيليسا ) و " مومياء" ( هيفاء ) الملايين من السنتيمات في ظرف وجيز بأغنيتين أو ثلاث، و أبناء الشعب المعطلون ينالون الملايين من ضربات الهراوات أمام البرلمان دفاعا عن حقهم في التشغيل... كيف يعقل أن نعطي " لتامر حسني " أكثر من 250 مليون سنتيم في مهرجان موازين مقابل أغانيه " البايخة " و ننسى الوضعية التي يحياها ذلك الفقير و التي تمزج بين اليأس و الإحباط و الترقب؟.. ترقب ذلك الأمل الذي عقد على الحكومات المتعاقبة المبشرة بمغرب الديمقراطية و حقوق الإنسان و تكافئ الفرص، و ترفع شعارات الحق في السكن..الحق في الشغل..الحق في التعليم و الصحة... كيف يعقل أن نبذر الملايير في" أستوديو دوزيم " و " لالة العروسة " و الشعب غارق في سفينة الفقر و الجهل و لا من منقذ؟.. كيف يعقل أيها السادة الأجلاء أن نرى أموالنا تحتضر و تبذر أمام أعيننا بدون حسيب أو رقيب؟.. كيف يعقل أن نستدعي شيوخ و شيخات الأغنية الشرقية مقابل أموال باهضة و نتناسى أهرام الأغنية المغربية الذين يستحقون كل التقدير لأنهم هم من يرفع الراية المغربية و ليس أحدا آخر؟.. كيف يعقل أن نمجد فنانين أجنبيين بعيدين عنا كل البعد و نهمش فنانينا المغاربة؟.. آآآه ولا حنا غاديين مع ديك القولة اللي كتقول: " مطرب الحي لا يطرب " عندكم الحق أيها الحثالة....! أنا متأكد، و حتى أنتم أيها القراء الأعزاء.. متأكدون من أن هذه الملايير التي تخسر على هذه المهرجانات السنوية و الموسمية كافية لتشغيل الآلاف من أبناء الشعب المعطلين، و كافية لإصلاح تلك المدارس المخربة، و كافية كذلك لفك العزلة عن المواطنين المحتجزين في المعتقلات الجغرافية، كما أنها كافية لمساعدة أبناء الشعب الفقراء و المحتاجين. - كفانا تبذيرا للمال العام للدولة....! - كفانا من استغلال أموالنا في المهرجانات الرديئة الخالية من المضمون....! - كفانا من الوعود الكاذبة و الشعارات البراقة....! - كفانا من التهميش و الفقر....! محمد غرباوي