رفض تأجيل مناقشة "قانون الإضراب"    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    طنجة المتوسط يعزز ريادته في البحر الأبيض ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    ضبط شحنة كوكايين بمعبر الكركارات    جهود استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد بإقليم العرائش    وزارة الداخلية تكشف عن إحباط أزيد من 78 ألف محاولة للهجرة غير السرية خلال سنة 2024    "جبهة" تنقل شكر المقاومة الفلسطينية للمغاربة وتدعو لمواصلة الإسناد ومناهضة التطبيع    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    رغم محاولات الإنقاذ المستمرة.. مصير 3 بحّارة مفقودين قرب الداخلة يظل مجهولًا    دولة بنما تقدم شكوى للأمم المتحدة بشأن تهديدات ترامب لها    رسميا.. مسرح محمد الخامس يحتضن قرعة الكان 2025    توقيع اتفاقية مغربية-يابانية لتطوير قرية الصيادين بالصويرية القديمة    القضاء يبرء طلبة كلية الطب من التهم المنسوبة اليهم    ترامب يعاقب أكبر داعم "للبوليساريو"    هلال يدين تواطؤ الانفصال والإرهاب    منتخب "U17" يواجه غينيا بيساو وديا    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد    الشيخات داخل قبة البرلمان    المحكمة الدستورية تجرد بودريقة من مقعده البرلماني    اعتقال المؤثرين .. الأزمة بين فرنسا والجزائر تتأجج من جديد    غموض يكتنف عيد الأضحى وسط تحركات لاستيراد المواشي    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    طلبة المعهد الوطني للإحصاء يفضحون ضعف إجراءات السلامة بالإقامة الداخلية    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    عزيز غالي ينجو من محكمة الرباط بدعوى عدم الاختصاص    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    الدوري السعودي لكرة القدم يقفز إلى المرتبة 21 عالميا والمغربي ثانيا في إفريقيا    "أزياء عنصرية" تحرج شركة رحلات بحرية في أستراليا    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    عادل هالا    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساهمة أبناء منطقة أزيلال في الحركة الوطنية من أجل الاستقلال
نشر في أزيلال أون لاين يوم 25 - 02 - 2012

مساهمة أبناء منطقةأزيلال في الحركة الوطنية من أجل الاستقلال (1934م-1956م)
(الجزء الثاني)
عطفا على الجزء الأول من المقال الذي تم نشره على أعمدة موقع "أزيلال أون لاين" في الأسبوع الماضي، يسعدني أن أستعرض فيما يلي الجزء الثاني من المقال المتعلق بالموضوع أعلاه،راجيا من القراءالأعزاء إبداء آرائهم وتقديم ملاحظاتهم التي ستكون على الرحب والسعة.
المبحث الثاني- مساهمة أبناء إقليم أزيلال في الحركة الوطنية من أجل الاستقلال خارج الإقليم :
تجدر الإشارة في مقام أول أن إخضاع تراب إقليم أزيلال من طرف قوات الاحتلال الفرنسي استغرق مدة تزيد عن 20 سنة وهو رقم قياسي يشهدعلى شجاعة واستماتة سكان هذه المنطقة الذين وصفهم الجنرال كيوم العسكري المحنك بأنهم أحسن محارب في شمال افريقيا.
ولم تكن مرحلة المطالبة بالاستقلال أقل شأنا من مرحلة المقامة المسلحةالتي سبقتها، بحيث أن أبناءالإقليم كانوا من السباقين لإشهار السلاح في وجه العدو على يد الشهيد أحمد الحنصالي. ولم يقتصر نشاط هؤلاء المجاهدين على المجال الترابي للإقليم وإنما شمل أيضاأجزاء أخرى من التراب الوطني، بل تعداه إلى خارج الوطن،وذلك ما سنحاول تبيانه في هذا المبحث من خلال مشاركةأبناء الإقليم في المقاومة السريةفي جهات مختلفة وكذافي جيش التحريرسواء في الشمال أوفي جنوب المملكة ، والتطرق في نقطة موالية إلى بعض رواد الحركة الوطنية وأقطاب المقاومة من أبناء الإقليم.
أولا – مشاركة أبناء إقليم أزيلال في المقاومة وجيش التحرير في بعض الجهات والأقاليم الأخرى:
1- المشاركة في المقاومة المسلحة خارج الإقليم:
قبل أن تناول بتفصيل العمل الوطني الذي قام به أبناء الإقليم خارج المنطقة أو أن أشير في البداية اعتمادا على آخر إحصاء تمكنت من الوقوف عليه إلى أن عدد الأشخاص الحاصلين على صفة مقاوم بإقليم أزيلال قد بلغ 130 فردا منهم من فارق الحياة ومنهم من لا زال حيا يرزق.
أما عدد أبناء الإقليم المسجلين في صفوف جيش التحرير يالشمال فقد بلغ 75 نفرا،في حين يبلغ عددهم في صفوف جيش التحرير بالجنوب 95 شخصا، ليصل العدد الإجمالي للمقاومين وأعضاء جيش التحريرالمعترف لهم بالصفة بإقليم أزيلال 300 فردا مقسمين على دوائر الإقليم كما يلي (1):
- فيما يخص بلدية أزيلال:32,48%
- بالنسبة لدائرة واويزغت:50,36%
- بالنسبة لدائرة ابزو:15,32%
- بالنسبة لدائرة دمنات:1,82%
لقد كانت للمقاومين المنتمين لإقليم أزيلال تواجد عبر مختلف ربوع المملكة مند انطلاق المقاومة السرية إلى غاية الحصول على الاستقلال.
ويتجلى هذا التواجد ضمن خلايا المنظمات الفدائية ن حيث سنحاول فيما يلي الإشارة إلى أسماء بعض المقاومين المنتمين إلى إقليم أزيلال وإلى أسماء الأماكن التي كانوا يمارسون فيها نشاطاتهم السياسية والفدائية .
إقليم بني مخلال:نسجل في هذاالإقليم من بين المشاركين في العمليات التي نفدتهاالمقاومةالسرية على سبيل المثال:المنتصر حسن،ومشاش أحمد، وفائق صالح،وبوعدي موحى،والرشوق ابراهيم بن محمد،وأمرياح محمد،والخامسة لحسن وغيرهم ....
 مدينة الدار البيضاء: تعد هذه المدينة من أهم الأماكن التي أبلى فيها عدد من أبناء إقليم أزيلال البلاء الحسن ، سواء من حيث الإسهام في تنظيم خلايا المقاومة أو على مستوى تنفيذ العمليات الفدائية الجريئة . ويأتي في طليعة هؤلاء الفقيه محمد البصري وابن زاهر محمد بلحاج العتابي والنصر ابراهيم وجنان عبد القادر وبوعبيد محمد بن محمد ومرغيش محمد بناصر وبوحو موحى وغيرهم.
 منطقة الأطلس المتوسط : ندكر هنا المقاوم هرموزي عبد القادر بن محمد بن الحاج صالح من دوار تزروالت بأولاد امعمر الذي حكم عليه بالإعدام من طرف المحكمة العسكرية الدائمة بالدارالبيضاء لارتكابه لجرائم تكوين عصابة مجرمين، وفق المحكمة ،والقتل العمد أو المشاركة ، وكذا المقاوم أبراري الحسين بناصر وغيرهما(2).
 عمالة الرباط وسلا: نذكر في هذه المنطقة : أوعديش محم بن صالح وبيجي صالح بن أحمد،إضافة إلى إحدى الشخصيات الرباطيةالحاملة لاسم العتابي وهو المقاوم عبداللطيف العتابي من أسرة رباطية يرجع أصل سلفهاإلى آيت عتاب.ذكره الأستاذ علال الفاسي ضمن الشخصيات التي تم اعتقالها بالرباط في أوائل شهر يونيو 1930 بعد صدور الظهير البربري وانطلاق المظاهرات في مختلف الجهات(3) فحكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر تم نفي إلى ميدلت وبعدها إلى الصويرة.وكان هذا المقاوم في مقدمة المعتقلين في الرباط على إثرالمظاهرات التي عرفتها مختلف المناطق بعد اعتقال المسئولين الرئيسيين في الحزب الوطني يوم 25 أكتوبر 1937 وهم الأساتذة علال الفاسي ومحمداليزيدي ومحمد بن عبد الجليل وأحمد مكوار أمام تصميمهم على العمل من أجل تحقيق المطالب المستعجلة.
وعلى إثر وفاة المرحوم عبد اللطيف العتابي في أواخر سنة 1986 كتب الأستاذ أحمد زياد الذي ينتمي إلى المنطقة من حيث الأصول بعد أن وصفه بالصديق الوفي والصديق العزيزوالمناضل الملتزم بأنه علامة من علامات تاريخ الحركة الوطنية(4).
إقليم مراكش : نسجل على رأس قائمة إقليم أزيلال بمراكش المقاوم الشهيد محمد بن بريك بن ابراهيم المشهور بحمان الفطواكي،وكذا المقاوم الخطابي حمو بن محمد وخياط موحى الذي شارك من جهته في العمليات التي تم التخطيط لها وتنفيها في أمزميز.
إقليم مكناس:نذكرعلى سبيل المثال مالكي محمدبن صالح الذي شارك في العمليات التي نفذت سنة 1953 بالإقليم.
إقليم الخميسات: نسجل في هذا الإقليم مشاركة المقاوم الفزواني الحسين على سبيل المثال لا الحصر.
تلكم أمثلة فقط على بعض أبناء إقليم أزيلال الذين شاركوا في العمليات الفدائية التي عرفتها جهات مختلفة من البلاد خلال الفترة الممتدة من سنة 1953 غلى 1955 ن وذلك في إطار عدة منظمات فدائية مثل المقاومة السرية واليد السوداء والهلال الأسود وأسد التحرير وسيف الله وغيرها، غير أن هناك عدد آخر منهم،ولعله يشكل الأغلبية الساحقة ن التحق بجيش التحرير سواء في شمال المغرب أوجنوبه بدءا من منطقة فكيك إلى منطقة آيت باعمران مرورا بكلومب بشار وتافيلالت أو في منطقة تازة وجبال الريف.
2 - مشاركة مقاومي أزيلال في صفوف جيش التحرير:
سواء تعلق الأمر بجيش التحرير في المنطقةالشمالية أو في المنطقة الجنوبية فإن مقاومي لإثليم أزيلال كان لهم شرف المشاركة في العديد من العمليات والمعارك التي خاضوها خلال الفترة الممتدة من سنة 1955 إلى سنة 1958.
ويمكن أن نذكر من بين أعضاء جيش التحريرالمنتمين إلى إقليم أزيلال على سبيل المثال:
بالنسبة لجيش التحرير بالشمال (تازة ومنطقة الريف) (5):
 من آيت عتاب: الشهيد محمد من ولعيد ن واسبيكا لكبير والفزواني احميدة.
 من تاكالفت: السيد الغديشي موحى والمرحوم الميموني موحى والسيد آيت حمو موحا.
 من أزيلال: المرحوم وغاد ابراهيم وآيت باموح الحسين وآيت يرمان مولاي موح.
 من واويزغت : السيد عفيفي محمد وعلي لكريم محمد (آيت بوزيد)وبلحو محمد من أفورار .
 من دمنات : المرحوم منير احميدة .
 من تنانت: المرحوم العشاوي لكبير والمرحوم بشري ابراهيم والمرحوم بطاطة محمد.
 من آيت محمد : المرحوم فهمي علي والسيد فارس داوود والسيد موسافيغ زايد.
 من آيت عطا: السيد عنباوي محمد وآخرون.
يالنسبة لجيش التحرير بالجنوب (6) نذكر :
 من آيت عتاب : العيلج محمد بن حمو وحمداوي صالح ومنتصر محمد وبوعدي موحى وبنور ابراهيم.
 من أزيلال : المرحوم هلال محمد وآيت لحسن موح وأحنصال محمد وآيت زايد علي .
 من تاكلفت : أرحو يخلف وخاطير اسعيد.
 من آيتا محمد : الإدريسي لحسن والمرحوم فرحا محمد.
 من واويزغت : الزيتوني سيدي محمد وواعدي محمد.
 من تنانت : مزيان أحمد.
 من آيت عطا : المرحوم كدام موح أسعيد والمعطوب موحا.
 من ابزو: الشاوي بوزكري والمرحوم الجواهري لحسن من ارفالة .
 من تلكيت : المرحوم محسن أسعيد.
وكان جيش التحرير يعمل ضمن ما يسمى بالمقاطعات ومن بين أهم المقاطعات التي نشط فيها مقاموا إقليم أزيلال نسجل على وجه الخصوص المقاطعات 2 و 11 و17 و18 و19(7).
وفيما يلي نورد بعض المعارك والهجومات التي شارك فيها أبناء الإقليم في إطار عمليات جيش التحرير(8) :
- الهجوم على مركز القوات الفرنسية في بني ونيف،
- الهجوم على البراكة الكحلة ،
- معركو كولومب بشار ،
- معركة المنابهة ،
- معركة الجبل الأحمر ،
- الهجوم على مركز فكيك،
- الهجوم على بوجريف،
- معركة الجنين ،
- معركة آيت باعمران ضد الاحتلال الإسباني،
- هجوم البرج،
- هجوم الشبكة ،
- هجوم وادي كير ،هجومات جبل كروز وعين الشعير ،
- معركة جبل أزدق،
- الهجوم على قرية سيدي احمد بن داوود.
وللإشارة فقد سقط من أبناء إقليم أزيلال بعض الشهداء في ساحة المعركة من أجل الحرية والانعتاق ونذكر منهم خاصة :
أ‌- موحا علي بن حمو : ولد سنة 1914 بآيت شريبو،دوار واويزغت ، شارك في الكفاح المسلح ضد المستعمر في صفوف المقاومة بواويزغت تحت قيادة السيد أحنصال محمد،كما كان رئيسا لتشكيلة تتركب من خمسة أفراد،تم التحق بصفوف جيش التحرير بالصحراء الشرقية حيث شارك مشاركة فعالة في عدة هجومات على مراكز العدو وخاض معارك من سنة 1957 إلى سنة 1958 حيث استشهد رحمه الله في معركة الجبل الأحمر دفاعا عن حرية البلاد واستقلالها (9).
ب‌- الشهيد إحتاسن عمر : هو من مواليد 1928 بدوار تباشكوت ، قبيلة إبراغن ، إقليم أزيلال. اختار العمل المسلح فانضم إلى صفوف جيش التحرير بالصحراءالشرقيةإلى أن استشهدسنة 1959 بإقليم الراشيدية(10).
ت‌- الشهيد الداودي سعيد: من مواليد 1916 بدوار آيت بوجو،فم أودي،دائرو واويزغت، إقليم أزيلال.اختار الشهيدالكفاح المسلح في صفوف الحركة الوطنية حيث نفدالعديد من العمليات الفدائية فألقي القبض عليه في شهر يونيو من سنة1951.وعند خروجه استمرفي كفاحه بصفوف المقاومة المسلحة ليلقى عليه القبض للمرةالثانية وينقل من السجن بأزيلال إلى سجن سيدي اسعيد بمكناس ومنه إلى سجن الدارالبيضاء فمراكش وأخيراسجن بويزاكارن بالصحراء المغربية حيث استشهد داخل زنزانته خلال شهر يونيو من سنة 1953(11).
ث‌- الشهيدة دكير حادة : ولدت الشهيدة سنة 1937 بابزو فاختارت العمل المسلح ضمن صفوف المقاومة السرية ، حيث قامت بإحراق وإثلاف بعض مصالح الاستعمار،كماكانت تقوم بتشجيع المقاومين ومساعدة الجرحى.واستمرت في عملها هذا إلى أن أصيبت برصاص المستعمر يوم 20 غشت 1955 حيث كانت على رأس المتظاهرين وهي تحمل العلم المغربي وصورة محمد الخامس ، فلفظت أنفاسها الأخيرة بساحة المعركة بمدينة خنيفرة(12).
ج‌- الشهيد محمد بن ولعيد بن محمد :ولد الشهيد سنة 1930 بآيت عتاب ، وكان من الشباب الذين سارعواإلى الالتحاق بصفوف جيش التحرير بالشمال ابتداءمن تاريخ 19-12-1955 ليعمل ضمن الفرقةالتي كانت مرابطة بتيزي أوسلي تحت قيادة محمد العجوري.شارك الشهيد في جميع أعمال جيش التحريروعراف بشجاعة وبسالة نادرتين في مواجهة فلول الاستعمار. وقد واصل عمله البطولي بكل تفان وإخلاص إلى أن استشهد رحمه الله بتاريخ 28 يناير 1956 واهبا روحه في سبيل استكمال الوحدة الترابية.
ثانيا - من رواد الحركة الوطنية إلى أقطاب المقاومة وجيش التحرير :
لق أشرنا في مستهل هذا العرض إلى أن الحركةالوطنيةكانت لها إرهصات منذ السنوات الأولى للاحتلال الأجنبي للمغرب.
وفي هذا الإطار نورد بعض الشخصيات البارزة من أبناء الإقليم وهم الشيخ محمد العتابي الذي خلفه جيل آخر في حقل المقاومة وجيش التحرير من أجل الاستقلال نخص بالذكر منهم الشهيد حمان الفطواكي وابن زاهر محمد العتابي والفقيه محمد البصري.
1- الشيخ محمد العتابي:
من بين الشخصيات التي أبلت البلاء الحسن في الدفاع عن القضيةالوطنية المغربية في السنوات الأولى من الغزو الفرنسي لبلادنا احتفظت بعض المصادر التاريخية باسم الشيخ محمد العتابي أحد علماء القرويين وأحد الكتاب في الحكومة الشريفة.
ولإبراز أهمية هذه الشخصية ، نشير إلى ما كتبه عنها الزعيم علال الفاسي في إطار حديثه عن الدور الذي قام به اللاجئون المغاربة يالأستانة في نطاق تحركات الجامعة الإسلامية لرفع صوت المغرب العربي عاليا حيث قال: " إن من بين هؤلاء اللاجئين الأستاذ الشيخ محمد العتابي من علماء القرويين وأحد كتاب الحكومة الشريفة ،غادر مراكش (أي المغرب) على إثر مشادة وقعت بين الشيخ أبي شعيب الدكالي وزيرالعدل آنذاك وبعض كبار الموظفين الفرنسيين أهان فيها هذا الأخير الوزير ، فتاثر لذلك السيدالعتابي وهجر بلاده إلى الحجاز سنة 1913،تم دخل الأستانة سنة 1915 حيث استقبله بها علي باشا حمية باسم أنور باشا، وقابل بعد ذلك الخليفة محمد رشاد الخامس فتحدث له عن حالة المغاربة وكيف أنهم يجبرون على الدخول في الحرب مع فرنسا ضداعلى الدولة العثمانية ، ثم انتقل لألمانيا حيث نزل ضيفا على حكومتها ن ولكنه لم يرض بما قدمته له من عروض غير مبنية على أسس صحيحة ، وليس من شأنها أن تطمئن المغاربة على مصير بلادهمن ولأجل ذلك رفض ما طلب منه عن السفر مع بعثة (شنيدر) العسكرية وأندرالألمانيين بسوء عقباها ثم عاد للأستانة فانضم لرجال الموثمر الإسلامي الذي كان يضم ممثلين عن جميع البلاد الاسلامية المحتلة. وبفضل المجهودات التي بذلها هو ورفقاؤه قررت الخلافة وقرر حزب الاتحاد والترقي استقلال المغرب الأقصى والعمل على إجلاء فرنسا واسبانيا عنه ، والاعتراف بهذا الاستقلال حتى عن ألمانيا وتركيا وغيرهما.وقد استطاعت الدعاية المغربية أن تقنع العثمانيين ورجال حزب الاتحاد والترقي بهذا القرار بناء على ما عرفوه من أن ألمانيا كانت تطمع في أن تحل محل فرنسا في المغرب. ثم قرر المؤتمر توجيه وفد من رجاله للطواف بالبلاد المحايدة في السويد والدانمرك والنرويج للدعاية للقضايا التي يعمل عليهاالمؤثمر.وقد قبلت هذه الحكومات المحايدة أن تفسح مجالها للوفد كي يقوم بنشاطه في كامل الحرية.فتوجه الشيخ محمدالعتابي مندوباعن مراكش في هذاالوفدالذي كان يضم الأمير شكيب أرسلان والأستاذ محمد فريد وعلي باشا حمية وعبد العزيز جاويش وغيرهم من رجال الحركة الإسلامية إذاك.وقد ألقى الأستاذ العتابي عدة محاضرات وخطب في مختلف الأنديةوالاجتماعات التي كان الوفد ينظمهاوالتي كان يحضرها جمهور كبير من المهتمين بالشؤون الاستعماريةشارحا ما يقاسيه المغرب الأقصى من الاحتلال الفرنسي والاسباني،ومبينا أسلوب الحكم المباشر الذي سار عليه المحالون وتدخلهم في جميع الشؤون واستيلائهم على الأوقاف الإسلامية. وكانت مقالاته تترجم للغات أجنبية وتنشر في الصحف ثم توزع في سائر أنحاء العالم وخاصة في المناطق الفرنسية.
وقد تأثرت لأعماله السلطات الفرنسية فأحالته على المحاكم العسكرية التي أصدرت عليه غيابيا بالحكم من منعه من الدخول لمراكش ومصادرة أملاكه.وفي سنة 1917 عقد المؤتمر الإسلامي اجتماعا باستكهولم مثل فيه العتابي بلادهن وتوصل إلى اتخاذ للقرارات التالية من طرف المؤتمر:
 استقلال المغرب الأقصى الذي لم يعرف الاستعمار قط استقلال تاما،
 رد شنقيط (موريطانيا) للمغرب الأقصى ،
 مطالبة الدول المحايدة بالمساعدة على الحصول على هذا الاستقلال .
وقد دأب الشيخ محمد العتابي يتصل برجالات الدول المحايدة وغيرهم،ويرفع إليهم مذكرات عديدة في ما يخص القضية المراكشية، وقد استقبله العديد من الوزراء في ألمانيا والسويد والنرويج وغيرها وواعدوه ببذل العون لتحقيق مطالب مراكش وإسعافها.
وإلى جانب هذا كان هو وصحبه يقومون بعمل آخر يتمثل في الاتصال بالقبائل الثائرة في الجنوب المغربي ، وحثهم على الاستمرار في المقاومة وطردالمحتل من البلاد.وقد شارك العتابي في تنظيم الحملةالتي وقعت في الصحراء.
وقد أخبرني ، يضيف علال الفاسي،السيد العتابي أن الدولة العثمانيةعازمة على مساعدةالحركةالمغربية بالرجال والسلاح ولكنها لم تجد عند المولى عبد الحفيظ الذي بعثت إليه في مدريد استعدادا كافيا للعمل. ثم ضعفت عزيمتها بعد ثورة الشريف الحسين في الحجاز وانضمام سوريا ولبنان إليه وتسليم بلغاريا ورومانيا لدول الحلفاء.فلم يجد عندهاالعتابي العون الكافي الذي كان ينشده.وهكذاانتهت الحرب الكبرى واضطرالشيخ العتابي للخروج من الآستانة والالتجاء لمصر حيث وجد من جلالة المغفور له الملك فؤاد رحمه الله إكراما وقبولا (13).
وفي مقال بالملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي كتب الأستاذ عثمان أشقري تحت عنوان : "عن السلفية والوطنية بالمغرب" جاء في إشارة إلى الشيخ ممد العتابي ما يلي : " في الوقت الذي كان فيه رصاص الكفاح الوطني والمسلح يلعلع في الريف والأطلس وتخوم الصحراء، كان صوت العمل السياسي والدبلوماسي يتعالى ويشتد في المؤتمرات والمحافل الدولية طارحا " القضية المغربية" وفاضحا الحماية الفرنسيةوالاسبانية،ومطالبا بالاستقلال والسيادة الوطنية ، وكان الشيخ ممد العتابي مثلا أبرز رافع لهذا الصوت الذي سيصل في سنة 1917 حد استصدار قرار بضرورة الإعلان عن استقلال المغرب في مؤتمر دولي بعاصمة السويد عامئذ.
2- الشهيد حمان الفطواكي:
هو محمد بن بريك بن ابراهيم المشهور بالفطواكي . ولد حوالي سنة 1920 بتيديلي فطواكة بدائرة دمنات. أدخله أبوه مند صغره إلى كتاب القرية،غير أنه لم يحظ إلا بشيء يسير من القراءةوالكتابة.وأمام عدم تحمله لظلم سلطات الاحتلال الفرنسي،توجه رفقة أربعة من أبناء قريته إلى سيدي أيفني في منطقة آيت باعمران التي كانت خاضعة للاحتلال الاسباني ، فانخرط في هذا الجيش حيث ترقى من جندي إلى ضابط صف. وفي سنة 1933 عاد إلى مسقط رأسه الذي غادره بعد سنتين ليستقر في مراكش مشتغلا بتجارة الفحم تم الزيت والخضر.وبدأ يمارس نشاطه السياسي في إطار حزب الاستقلال مند سنة 1947.
وبعد نفي جلالة المغفور له محمد الخامس في 20 غشت من سنة 1953، أناطت به قيادة المقاومة السرية مهمة تأسيس منظمة فدائية بمراكش، وهو ما اضطلع به على الوجه الأكمل بحيث نفذت فرقته الفدائية أكثر من 25 عملية كان أهمها اغتيال عميد الشرطة المركزي بمراكش ومندوب الحكومة ومهاجمة حاشية الجنرال كيوم لدي زيارة الوداع التي قام بها إلى مراكش،وحاشية الكلاوي وكذاالسلطان المزعوم محمد بن عرفة الذي جرح في عينيه بشظايا قنبلة صغيرة. وفي يوم 9 غشت 1954 ألقي القبض عليه وعذب عذابا أليما في سجن مراكش. وفي شهر نونبر 1954 حكمت عليه المحكمة العسكرية بالدار البيضاء بالإعدام الذي تم تنفيذه في حقه يوم 9 أبريل 1955 بسجن العادر بإقليم الجديدة حيث دفن بمقبرة الشهداء رحمة الله عليه(14).
3- المقاوم ابن زاهر محمد " بلحاج العتابي" :
ولد المقاوم ابن زاهر ممد المشهور ب: "بلحاج العتابي" في حوالي سنة 1914 بدوار اولاد امعمر بمشيخة أسمسيل ، جماعة تسقي بآيت عتاب.
وتحت ضغوط ظروف إحدى المجاعات التي ضربت المنطقة هاجر مع والدته إلى بلاد زيان حيث قضى مدة معينة.وماأن اشتد عوده بعض الشيء حتة قادته ظروف البحث عن العمل والمعيشة إلى مدينة سطات، ومنها إلى مدينة الدارالبيضاء في سنة 193 ، حيث تعاطى لتعلم مهنة ميكانيكي كهربائي للسيارات على يد الوطني "احميدو". ولما أتقن هذه الحرفة فتح محلا خاصا به في كراج علال.وقد جعله احتكاكه بالحركة الوطنية من السباقين إلى الانخراط في صفوفها، بحيث انضم مند سنة1934 إلى الحزب الوطني.وبعد تأسيس حزب الاستقلال أسندت إليه في سنة 1944 مسؤولية مكتبه بالحي الصناعي بالدار البيضاء.
وبعد نفي جلالةالمغفور له محمدالخامس طبيب الله ثراه في سنة 1953إلى خارج الوطن،أصبح المعني بالأمر من بين المنظمين الرئيسيين لحركة المقاومةالسرية إلى جانب مقاومين كبار من أمثال محمدالزرقطوني. وقد كان المرحوم يجعل من بيته ومحل تجارته مقرا للمنظمات الفدائية السرية.
وقد أجمع كل الذين عرفوه على أهمية الدور الذي ساهم به في صفوف الحركة الوطنية والمقاومة السرية ضد الاحتلال الفرنسي ليس على مستوى الدار البيضاء فحسب ولكن على الصعيد الوطني أيضا. وللدلالة على ذلك يكفي أن نورد شهادات بعض المقاومين الكبار.فقد أشار محمد الحبيب الفرقاني في كتابه"الثورة الخامسة" ضمن حديثه عن المجموعات القيادية للحركة الوطنية والتي وصفها ب: "أقوى قيادات وأوفرها انسجاماوتجرداوتفانيا في العمل"إلى المجموعة الثانية قائلا: " وكانت هذه المجموعة القيادة الثانية التي خلفت الأولى تتألف من الإخوة محمد البصري، حسن صفي الدين الأعرج ، محمد الزرقطوني من الجماعة الأولى الذي بقي وحده مختفيا يعمل ويتصل مختفيا ، مولاي عبد السلام الجبلي ، أحمد الأخصاصي ، عبد الله خربوش ، الحسين برادة ، محمد بن حسن ، حسين الصغير وحمد بن الحاج العتابي(15).
ونقرأ للحسن العرايشي في كتابه "انطلاق المقاومة المغربية وتطورها" في هذا الصدد ما يلي : "وعند عودتنا من سوق الثلاثاءاتصلنا في مدينة القنيطرة بالأخ الجديدي الذي التزم بمساعدتنا لشراء تور(آلةلصنع القنابل). وتمت الصفقة بمائة ألف سنتيم عند أخيه السيد عبد الكبير الجديدي ، وأودعت الآلة عند الأخ بن الحاج العتابي لتكون رهن إشارة بوشعيب راغب الذي كان متخصصا في صنع القنابل المحلية التي كانت تفجر بدورالخونةأوالساحات العمومية وتلقي الرعب في صفوفهم( 16).
ويؤكد ذلك محمد حبيب الفرقاني الذي أوضح في هذاالصد بأن الجماعة اشترت آلة تلحيم (تور)بثمن غال ثم أودعتها بمتجر لابن الحاج العتابي بطريق مديونة ، وهو كهربائي ، وكان الأخ بوشعيب راغب المتخصص في هذا العمل يصنع القنابل ، يأتي ليلا ويشتغل في معمل بن الحاج العتابي(17).
ونستشف من هذه الإشارات وحدها الثقة التي كان يحظى بها السيد بن الحاج العتابي في أوساط المقاومة والمسؤولية التي كان يتحملها معيتهم.وتحت ضغط عمليات القمع التي قامت بها سلطات الاحتلال الفرنسي ولا سيما في خضم الأحداث التي عرفتهاالبلاد في سنوات 1953، 1954 و1955 ضد المجاهدين المغاربة،اضطر عدد من هذه الفئة الأخيرة إلى اللجوء إلى المنطقةالشماليةالخاضعة للاحتلال الإسباني خاصة بعد أن افتضح أمرهم،ومن بينهم المقوم محمد بن الحاج العتابي.
وهناأيضا يأتي ذكر بن الحاج العتابي إلى جانب المقاومين البارزين مع ربط لجوء هؤلاء إلى المنطقةالشمالية بالأحداث التي عرفتها مدينة الدار البيضاء في سنة 1954 والتي كان من بين ضحاياها الشهيد محمد الزرقطوني.
ويؤكد ذلك كون السلطات الفرنسية قامت بمجرد استشهاد محمد الزرقطوني مباشرة بالبحث عن بلحاج العتابي عن طريق نشر صورته في الصحف . وقد أتبث المقاوم الحسن العرائشي هذه الصورة في كتابه وتحتها العبارة التالية : صورة المرحوم ممد بن الحاج العتابي،صورة نشرتها الشرطة الفرنسية للبحث عنه عقب استشهاد محمد الزرقطوني"(18).
ونتيجة لهذه النشاطات تعرض بلحاج العتابي لعدة استنطاقات على يد سلطات الاحتلال التي أصدرت في حقه كذلك عدة أحكام بالسجن دون أن تحصل منه تلك السلطات على أي سر من أسرار المقاومة. وبعد أن اشتد وطيس المقاومة المسلحةورد اسم بلحاج العتابي ضمن قائمة المتهمين بعدأعمال فدائية سواء في الدارالبيضاءأو خارجها في الوقت الذي تمكن فيه من اللجوء إلى المنطقة الشمالية على غرار نخبة من رفاقه في الكفاح.وقد تراوحت الأحكام التي صدرت في حقه ما بين 6 أشهر و20 سنة من السجن وما يقابلها من النفي وبين حكم الإعدام.ومن الأحكام التي صدرت في حقه خارج الدارالبيضاء في حالة غياب نسجل على سبيل المثال الحكم الذي أصدرته المحكمةالعسكرية بفاس بعشرين سنة سجنا وعشرين سنة من النفي في القضية المعروفة بقضية عبد الله الشفشاوني(19).
وقد توبع المتهمون في هذه القضية وعددهم 11 شخصا بتهمة اغتيال أحد باعة الدخان في شهر مايو 1954 ومحاولة الخليفة الطيب البغدادي.وكان الشهيد محمد الزرقطوني هوالذي نظم الاعتداءين معا.
وفي يوم 2 أبريل 1955 أصدرت المحكمة حكمها بالإعدام على عبد الله الشفشاوني وعلال الأوديي،وبالسجن مدى الحياة مع الأشغال الشاقة على أحمد الجاي،وعلى الباقين بمدد تتراوح بين سنتين وعشرين سنة سجنا، ومن بينهم محمد بلحاج العتابي الذي حكم عليه إضافة إلى 20 سنة سجنا بعشرين سنة من النفي(20).
ومن ذلك يتجلى أن نشاط بلحاج العتابي لم يكن يقتصر على الدار البيضاء التي كان يقيم فيها في هذه المرحلة ، بل كان يمتد إلى مناطق أخرى مثل فاس كما سلف الذكر.
ولم يكن نشاط بن زاهر محمد بلحاج خلال تواجده في المنطقة الشمالية بأقل أهمية مما قدمه للقضية الوطنية وهو في الدار البيضاء، سواء في المجال السياسي أو المسلح. ويكفي للدلالة على ذلك أن نشير على سبيل المثال إلى الأنشطة الرئيسية التالية:
- تولى مهمة الإشراف على شؤون اللاجئين بتطوان أي شؤون المقاومين المغاربة الذين فروا من المنطقة الفرنسية إلى المنطقة الشمالية الخاضعة للاحتلال الإسباني، وذلك خلفا للمقاوم أحمد زياد . ومن المعلوم أن المقاومة المغربية قد وجدت في هذه المرحلة دعما ماديا ومعنويا من اسبانيا من تأسيس جيش التحرير.
ويردالأستاذ عبد الرحيم الورديغي سبب هذا التشجيع إلى طموح اسبانيا في الحصول على إقليم جديد في المنطقة المغربية الخاضعة لفرنسا،ذلك أن اسبانيا كانت تشعر دائما بأنها قد تضررت بمفعول معاهدة 27 نونبر 1912 المتعلقة بتقسيم المملكة السعيدة (21).
- كان بن زاهر يجري الاتصالات الضرورية مع السلطات الاسبانية في تطوان ويتفاوض معها حول شؤون اللاجئين المغاربة من منطقة الحمايةالفرنسية.ومن بين الشخصيات الاسبانية التي يتدارس معهامشاكل هؤلاءاللاجئين " السنيور مندولادو" رئيس قسم الاستعلامات بنيابة الأمور الأهلية بتطوان (21).
- كان بن زاهر بصفته مكلفا بمهمةالإشراف على شؤون اللاجئين في المنطقة الشمالية يوجه تقاريردورية وفي مناسبات شتى إلى زعيم حزب الاستقلال السيد علال الفاسي خلال تواجده بالقاهرة يطلعه فيها على الحالة السائدة في المغرب بوجه عام وعلى وضعية المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي بكيفية خاصة.
وكان السيد علال الفاسي يعرض جميع التقارير التي يتوصل بها من بلحاج العتابي وغيره من الحركةالوطنية المغربية وعن مدى اتساع نشاطاتها على السيد أحمد الشقيري الأمين العام لجامعة الدول العربية(22).
- وخلال مرحلة تأسيس جيش التحرير في المنطقة الشمالية تم بتطوان تشكيل هيئة لأركان الحرب كان ابن زاهرمحمد بلحاج أحد أعضائها إلى جانب شخصيات لها وزنها الكبير في الحركة الوطنية من أمثال الدكتور عبد الكريم الخطيب ، وعبد الله الصنهاجي وسعيد بوالنعيلات.
- كان ابن زاهر خلال هذه الفترة يساهم بدور كبير في تزويد المقاومة في منطقةالحماية الفرنسية بالسلاح الضروري لمهاجمة المستعمر ومصالحه.
وفي هذا الصدد أشار المقاوم عبدالله الصنهاجي في مذكراته ضمن حديثه عن المقاومة في مدينةالقصرالكبير والقبائل المجاورة إلى الخلايا السرية التي كونهاوتولى رئاستها بعدذهابه إلى الناظور" العربي بن عمر الزموري" وتدرب على حرب العصابات ضد جيش الاستعمار،وعندما رجع إلى المنطقة الغربيةالشمالية ليبدأ المعركة بهذه المنطقة من جديد ن ومن أجل هذا الغرض بعثنا له كمية من السلاح بواسطة محمد بن الحاج العتابي الموجود آنذاك بتطوان(23).
وسواء في الدار البيضاء أو في تطوان ، وقبل ذلك في مسقط رأسه بآيت عتاب فإن سيرة المرحوم بن واهر محمد بن الحاج العتابي كانت في الناس حسنة وكانت له شعبية كبيرة وشهود له في أوساط كل الذين عرفوه بالخصال والأخلاق الحميدة من تواضع وجدية واستقامة ونزاهة ورأفة ورباطة جأش ، واسع الاطلاع،كبير الحنكة والتجربة،حسن التدبير وحكيم التسيير والقيادة.
4- الفقيه محمد البصري:
هو محمد البصري ن ازداد بقرية أدوز بدمنات ، إقليم أزيلال حوالي سنة 1928.تلقى التعليم الأولي في قريته على يد فقيه خاص ثم تنتقل إلى مدينة مراكش سنة 1934 لمتابعة الدراسة بكلية ابن يوسف وتحصيل العلوم التقليدية في اللغة العربية والفقه والشريعة إلى أن حصل على شهادة العالمية سنة 1952.
كان والده من مريدي الزاوية الكتانية قبل أن يتولى شؤونها عبد الحي الكتاني الذي تعامل مع سلطات الحماية الفرنسية.
كان من بين الموقعين سنة 1944 على وثيقة المطالبة بالاستقلال،وبحكم تواجد قريته غير بعيدة عن موقع المعارك التي شاهدتها منطقة آيت عطا وآيت إصحا والتي استمرت في مكافحةالتغلغل الفرنسي إلى سنة 1934،ولارتباطات أخرى ترتبط بالبيئة التي نشأ فيها تعرف الفقيه البصري على القضية الوطنية وهو لا زال شابا.
كان أول لقاء له مع القيادةالوطنية لحزب الاستقلال سنة 1951 في شخص أبو بكر القادري والفقيه غازي على إثر الصدام مع الباشا التهامي الكلاوي لما جاء إلى الرباط على رأس وفد طلابي بهدف مقابلة محمد الخامس.وكان أول لقاء له مع المرحوم علال الفاسي سنة 1955.
وبعد هروبه من السجن سنة 1955،التقى لأول مرة بالمهدي بن بركة وكانت الأزمة قد استفحلت بين الحزب والمقاومة بحيث عمل على معالجة الموقف وتصحيحه.
والتقى الفقيه البصري بالمرحوم عبدالرحيم بوعبيد سنة 1951 بوصفه مكلفا بقطاع الشباب بالحزب وذلك لما وصل إلى الرباط ومعه فكرة إنشاء اتحاد طلابي تكون طنجة مقرا باعتبار أنها كانت تحت نظام دولي.
تم اعتقاله سنة لأول مرة سنة 1951على يدالباشاالتهامي الكلاوي،وكان يعرف في صفوف المقاومة باسم أبو بكر(24).
ويعتبر الفقيه ممد البصري من قواد المقاومة المغربية ضد الاستعمار الأجنبي حيث قام بعدة أنشطة فدائية في سبيل الاستقلال نورد منها بعض ما يتحدث عنه الفقيه بلسانه قائلا:
".... وعدت من مراكش إلى الدار البيضاء لأعيش المطاردات الحقيقية،حيث أخد رجال الشرطة يبحثون عنا وترددوا على البيت الذي نسكن فيه إثر حادث مطبعة الأطلس الذي قضى نحبه بمناسبتهاالشهيد حسن الصغير ن وهو أول شهيد رحمه الله يتناول أقراص السم ن فاتخذنا ترتيبات الاحتياط وغيرنا المكان.
أما البيت الذي كنا نقطن فيه فقد زاره رجال الشرطة وقدموا أنفسهم على أنهم أقرباء لناوتسللواإلى غرفتنا وفتشوها ومزقوا اللحاف المملوء بقش الدرة بحتا كالعادة عن أساحة أو أدلة(25)....".
وفي مناسبة أخرى يقول محمد البصري: "...حين ضرب الفرنسي كيرو مدير جريدة لافيجي ولوبوتي ماروكان باعتباره أحد دهاقنة الوجود الاستعماري،بادر الفرنسيون إلى تأسيس منظمةاليد الحمراءالإرهابية وأخذوا يرمون بالرصاص عددا من العمال المغاربة أثناء مغادرة المعامل بطريقة عشوائية.
ولردعهم اتفقناعلى أن ننجز عدةعمليات في نفس الساعةعلى أن نتجنب ضرب النساء والأطفال.وفكرنا في 15 عملية متزامنة ونفدناها فنجحت منها 12 عملية . وقررنا أن نحتفل بهذا الإنجاز الناجح خصوصا وقد عاد الإخوان الذين كلفوا بإنجاز العمليات رغم كل المحاذير والمصاعب المحتملة.... وقررنا أن نحتفل على طريقتنا في نفس الخيمة حيث ازدحمنا كلنا في سيارة الزرقطوني لما كنا عائدين من سيدي مسعود والتقينا بموكب الجنائز يمضي في اتجاه المقبرة ، جنائز القتلى ضحايا العمليات الفدائية التي أنجزناها دفعة واحدة، وذلك في الشارع الذي أصبح اسمه اليوم شارع المنظر العام. وكان الزرقطوني هو الذي يتولى قيادة السيارة ن ولم نكن ندرك تقاليد التعامل مع موكب الجنازة ، ولم يتوقف الزرقطوني ، بل واصل سيره دون أدنى اكتراث(26)...".
ويستطرد الفقيه محمد البصري متحدثا عن أحداث أخرى :".....ولكي نخفف من ثقل الرقابة والوطأة الأمنية على مدينة الدار البيضاء وكذا مدينة مراكش ن قررنا أن نحرك عددا من المدن فتوجهت شخصيا إلى مدينة وجدة مرورا بمدينة فاس........ وقررنا أيضا وضع سلسلة من القنابل في عدة مدن وتكلفت بوضع بعضها في آسفي ومراكش وبني ملال وقلاررنا وضع أخرى في مدينة فاس(27)....."
وعن ظروف استشهاد المناظل محمد الزرقطوني يقول المرحوم محمد البصري :"...أرسلت الأخ الجراري للاستطلاع ومعرفة هل مازالت السيارة في مكانها(ويعني بها السيارة التي كان يمتطيها الشهيد ممد البصري)بعد أن عينتها له وأخبرته بلونها. ذهب وأطل فلم يجد للسيارة أي أثر،وأصبح الأمر واضحا.فقد أخذوا السيارة إذن وأصبح علينا أن نتصرف بسرعة خاصة اتجاه الأخ الحسين برادةالذي يوجد اسمه كمالك في أوراق السيارة.وفعلااتصلت به وألبسته لباس امرأة وأخدته إلى مكان يسمى "داركم" قرب حديقة مردوخ. وهناك كان يوجد متجر للسي محمد الفكيكي وكان فيه سليمان الحداد (عامل الإقليم المعروف في كل من الحسيمة والصحراء)وتركته هناك في انتظارأن نرتب له وضعا ملائما.ُ وبدأنا نعد العدة لهذه المرحلة الجديدة. كما شرعنا في ندقق في معارف الزرقطوني ومعطيات نشاطه لاتخاذ التدابير الاحتياطية الضرورية قبل فوات الأوان. وبينما نحن على تلك الحال ن إذ بخبر استشهاد الأخ محمد الزرقطوني يذاع في الإذاعة متأثرا بأقراص السم التي تناولها في طريقه إلى مخفر الشرطة(28).
وفي الختام لا يسعناإلا أن ننحني بكل تقديروإجلال لأبناء هذاالإقليم الذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل الحرية والاستقلال بزعامة المغفورله محمدالخامس طيب الله ثراه.ونعتز كذلك بأبنائهم وأحفادهم وهم كثر ممن أبلوا البلاء الحسن في الدفاع باستماتةعن حوزةالتراب الوطني في تخوم الصحراءالمغربية بقيادةأمير المؤمنين جلالة الملك نصره الله.
إعداد: بوعزة مامون
المراجع :
(1) المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
(2) محمد العسل العلوي : مجلة المقاومة وجيش التحرير عدد 16 ص 86 و87
(3) علال الفاسي : الحركات الاستقلالية في المغرب العربي ص 129-130
(4) عبد الكريم غلاب : تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب }1ن ص 158
(5) أمد زياد : جريدة العلم عدد 13.302 بتاريخ فاتح يناير 1987
(6) ) المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
(7) ) المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
(8) عيسى العربي ك مقاومة سكان قبيلة آيت عتاب ضد الاحتلال الفرنسي 1908 -1956،مطبعة العاصمة ، ص 176.
(9) نفس المرجع أعلاه.
(10) وثيقة شهداء الاستقلال – الجزء الثاني.
(11) وثيقة شهداء الاستقلال – الجزء الثالث.
(12) نفس المرجع أعلاه.
(13) وثيقة شهداء الاستقلال – الجزء الثالث.
(14) علال الفاسي : الحركات الاستقلالية في المغرب العربي ص 129-130
(15) المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، ملحقات عن حياة وكفاح شهداء الاستقلال، مجلة المقاومة وجت العدد 3 ، ص 8-9
(16) محمد الحبيب الفرقاني: الثورة الخامسة ، ص352
(17 الحسن العرائشي : انطلاقة المقاومة المغربية وتطوراتها ، ص 35
(18) محمد الحبيب الفرقاني: الثورة الخامسة، ص287
(19) الحسن العرائشي : انطلاقة المقاومة المغربية وتطوراتها ، ص 92
(20) م س ق م ، ملحمة الاستقلال ، الوثيقة 3 ، ص 77 مجلة المقاومة عدد 27 ، ص 59 .
(21) ملحة أحداث الاستقلال ، ص 77
(22) عبد الرحيم الورديغي: تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب، ص 139
(23) المهدي المومني التجكاني : دار بريشة أو قصة مختطف، ص 56
(24) المرجع أعلاه – ص 55
(25) عبد الله الصنهاجي: مذكرات في تاريخ حركة المقاومة وجيش التحرير (1947-1986- ص 133 .
(26) مجلة الملف(السلسلة الجديدة) العدد 1/14، يوليوز – غشت 1955، ص13
(27) جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 24 دجنبر 1998.
(28) جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 25 دجنبر 1998
(29) نفس المرجع المشار إليه أعلاه.
----


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.