عمي " حدو" وسط الحملة الانتخابية. عمي "حدو" رجل أمازيغي مستقيم في سلوكه , لا يحب المراوغة والحيل من اجل الوصول إلى المصالح الشخصية . يكدح ليلا ونهارا ,تكفيه لقمة حلال واحدة ,لكي يقف بجانب الآخرين , متضامنا معهم في السراء والضراء . لا يستطيع تناول فنجان شاي في منزله المتواضع أو في حقله , دون وجود ضيف أو زائر له.لا ينهر السائلين والمحتاجين , ولا يجلس مع الأغنياء والطغاة الظالمين .إنسان بسيط جدا تفوح منه رائحة الكرامة و الجمال الروحي الدفين . وجد هذا النموذج الرائع من الإنسانية الفريدة , نفسه يسير ببطء في وسط حشد من الناس , اغلبهم أطفال صغار دون السن القانونية للانتخابات البرلمانية , في مسيرة بشارع طويل بإحدى مدن جهة : بني ملالخنيفرة . هؤلاء الصغار يرددون شعارات وكلمات غريبة عن واقع و فكر الإنسان الجبلي الامازيغي , ورغم ذلك ,انساب مع التيار البشري الهائل بخطوات غير مركزة نظرا للإكتظاظ والزحام المتواصل ,فتارة يصطدم بهيكل سيارة واقفة بجانب الرصيف , وتارة أخرى, يبتسم للفراغ كلما ازداد ارتفاع الصغار مرددين الشعارات الانتخابية فالانتخاب بغيتونا ....فالخدمة نسيتونا .) . وبينما هو كذلك , تساءل مع نفسه : لماذا لا يعبر المتظاهرون عن رغباتهم باللغة الامازيغية , حتى اعرف معنى هذه الكلمات الموزونة و المتكررة ؟ . قرر أن يتابع السير مع هؤلاء الصغار , ناسيا المشاكل التي تسببت في سفره إلى هذه المدينة الجهنمية ,حاملا فوق رأسه عمامة بيضاء تصنفه بالانتماء إلى نمط الأصالة المغربية القحة . عمي " حدو " يحب بلاده (تمازيرت) حتى النخاع ,لا تهمه المحاضرات السياسية , ولا الندوات التلفزيونية النخبوية ولا ... قد يصوت على من يذكر في برنامجه البدو الرحل الامازيغ القابعين في قمم الجبال العالية , وقد يقاطع الانتخابات ,لأنه يؤمن إيمانا راسخا , أن النواب البرلمانيين يزورونهم مرة واحدة فقط ,وهي مرحلة الحملة الانتخابية.ولا يعودون بتاتا لزيارتهم . فوق قمة الجبل الذي سكنه أسلاف عمي " حدو" تنتشر الحرية المطلقة , حيت الهواء الطلق , وصفاء الطبيعة ,ونبل الأخلاق الحسنة هناك فوق الجبل رغم الفقر والهشاشة ,والجهل الدراسي , لازالت كل أسس ومبادئ الانسانية من كرم الضيافة والقناعة المبنية على الصدق والإيثار وحب الآخرين , والإيمان بالقدر خيره وشره , وان الجميع يعتقد اعتقادا كبيرا أن آكل المال الحرام سيحاسب يوم الحشر حسابا عسيرا لا مفر منه . محمد همشة . دار ولد زيدوح في : 21/11/2011 .