مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    أساتذة الطب ينددون بحملة التشهير    قرار "العدل الأوروبية" يدفع المغرب إلى إعادة رسم الشراكات الناجعة مع بروكسل    وزير الخارجية الاسباني يرد بسرعة وقوة على قرارات محكمة العدل الأوربية ويجدد دعم إسبانيا لسيادة المغرب على صحرائه    وزير خارجية إسبانيا يبرز أهمية اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    رغم إلغاء اتفاقية الصيد.. فون دير لاين وبوريل يؤكدان التزام الاتحاد الأوروبي الحفاظ على علاقاته الوثيقة مع المغرب    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    ابتدائية تطوان تصدر حكمها في حق مواطنة جزائرية حرضت على الهجرة    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    فون دير لاين وبوريل يجددان التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبي لفائدة الحفاظ أكثر على علاقاته الوثيقة مع المغرب وتعزيزها في كافة المجالات    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو    عشرات الوقفات الاحتجاجية بالمدن المغربية رفضا للتطبيع وتنديدا بالجرائم الصهيونية في فلسطين ولبنان        إيران: خامنئي يؤكد في خطبة الجمعة أن إسرائيل لن تنتصر قط على حزب الله وحماس    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    وزارة الخارجية: المغرب يعتبر نفسه غير معني بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    الجمع العادي للمنطقة الصناعية بطنجة برئاسة الشماع يصادق بالإجماع على تقريريه الأدبي والمالي.. وإشادة كبيرة بالعمل المنجز    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    محكمة أوروبية تصدم المغرب بقرار إلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    ارتفاع طفيف في أسعار النفط في ظل ترقب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    محكمة العدل الأوروبية تصدر قرارا نهائيا بإلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    آسفي: حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    وزير خارجية إيران يصل إلى مطار بيروت    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمنات : الإنتخابات ..... أو انطلاق موسم الشناقة

مع اقتراب كل محطة انتخابية ، تتحول الساحة السياسة بدمنات إلى ما يشبه سوق المواشي، مع كامل احترامي للمخلوقات الآدمية التي كرمها الله ، وكما في الأسواق تنتعش مهن وحرف عديدة ففي السوق الانتخابية ينشط وسطاء أو سماسرة الانتخابات المعروفون بالشناقة وفي اللهجة الدمناتية " بامهاود " وهو السمسار الذي يتوسط بين بائع الحمار -أعزكم الله- ومشتريه ، وباتت هذه الحرفة رمزا ملازما للمشهد الانتخابي بدمنات ففي كل حي وفي كل قرية وفي كل دوار وفي كل قبيلة هناك شناق أوأكثر او بامهاود أو أكثر يدعي القوة على التأثير على الكتلة الانتخابية والتحكم في لجامها لاستمالتها نحو الوجهة التي تدفع اكثر ، والشناقة ليسوا منغلقين بل بالعكس فهم منفتحون على جميع التيارات والإتجاهات السياسية ويشتغلون حسب منطق السوق / منطق العرض والطلب ، مستعدون لتقديم خدماتهم لمن يدفع اكثر "والله اجعل الغفلة بين البايع أو الشاري " إلى درجة انه أصبح لهم اسم في السوق وعلامة تجارية مميزة ، فمن يكون هؤلاء الشناقة ؟؟؟ ومن اين لهم هذا النفوذ وهذه القدرة على تملك أزرار تحريك الكتلة الناخبة؟؟ وما هو السر في تنامي هذه الطفيليات داخل المشهد الانتخابي ؟؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة دعونا أولا وفي عجالة نعطي لمحة عن تاريخ الانتخابات في المغرب بصفة عامة وفي دمنات بصفة خاصة وهي لمحة استوحيتها من وحي التجربة والمعايشة والاحتكاك .
منذ أن عرف المغرب الانتخابات و أجهزة الدولة هي الساهرة على العملية الانتخابية لذلك فهي تعمل على ترجيح كفة لون سياسي معين عن بقية الألوان السياسية الأخرى، لخلق خريطة سياسية على المقاس وتمرير أشخاص غالبا ما يكونون مغمورين وتحولهم بواسطة الإنتخابات إلى أعيان مستعدين من خلال هذه الانتخابات لمجارات السلطة في مختلف المشاريع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ، وتاريخ الإنتخابات في المغرب هو تاريخ حافل بالتزوير والفساد والتدخلات، تستغل فيه الممتلكات العمومية ويوظف فيها المال العام لاستمالة الكتلة الناخبة،وتسخر فيها الإدارة خدماتها في العديد من الجوانب الحياتية غير القانونية ( بناء بدون ترخيص ، مساعدات غذائية ، التملص الضريبي .......ألخ ....) كما تهدد فيها الأشخاص والهيئات المعارضة أو الرافضة للدخول في اللعبة ، حتى ترسخ في ذهن المواطن العادي أن الانتخابات هي مشروع الدولة / المخزن/ الملك وأن معارضيه يعارضون الدولة والمخزن وبالتالي فهم يعارضون الملك ، لذلك فإنه عندما يتدخل المخزن في شخص الشيخ أو المقدم فإن ذلك يعني أن الأمر يتعلق بتعليمات من القائد ومن رئيس الدائرة ومن العامل الذي هو ممثل صاحب الجلالة .....هكذا كان يفهم الناس –إلى حد قريب – الإنتخابات بجميع انواعها من التصويت على الدستور إلى الانتخابات الجماعية والمهنية مرورا بانتخاب أعضاء مجلسي النواب والمستشارين ...ويكفي لمترشح ان يشتري ذمة رجل سلطة ليضمن مقعده في الانتخابات التي ترشح لها .... كما أصبح التدخل الإداري في الانتخابات معياراً لمردودية أطر الداخلية ولترقيتهم الإدارية في المناصب. وجميع الإنتخابات التي أقيمت بالمغرب كانت نتائجها معروفة مسبقاً بحيث تؤول الى أحزاب من صنيعة المخزن، وتقام من أجل عرض مسرحية المسلسل الديمقراطي أمام الرأي العام الدولي،
لقد عايشت شخصيا ومعي كثير من أبنائي جيلي كيف أصبح أحدهم برلمانيا عن دائرة دمنات بل وكان قاب قوسين أو أدنى من الإستوزار بفضل التدخل السافر للسلطة ممثلة في شخص رئيس دائرة دمنات المعروف بجبروته وديكتاتوريته ، سواء بالضغط على الشيوخ والمقدمين أو بتزوير محاضر النتائج النهائية . ورغم ذلك لم يكن شراء ذمم المواطنين مفضوحا بالشكل الذي نراه عليه الآن . حيث لم يعد رجال السلطة في الواجهة بل أوكلت المهمة إلى كائنات انتخابية وجيش من الوسطاء والسماسرة وهو ما أحب أن أطلق عليه شخصيا اسم "الشناقة "فيهم الصغار وهم "الشمشامة" الذين يندسون مع هؤلاء ومع أولائك ويتصيدون الأخبار وينقلونها من هذا الفريق إلى ذاك لا ملة لهم ولا دين ، مذهبهم الوحيد هو مايملؤون به بطونهم وجيوبهم ( تنط أمامي الآن صور بعضهم ) ولولا أخلاقي لذكرتهم لكم بأسمائهم ، وعلى كل حال ، فالمتتبعون والمهتمون يعرفونهم . وفيهم كذلك وسطاء من الموظفين الجماعيين وخصوصا المشتغلين منهم في أقسام البناء والتعمير ، والدليل أنه مع اقتراب أي موعد انتخابي تبرز إلى السطح وتنتعش بشكل خطير جدا ظاهرة البناء غير المرخص والبناء العشوائي ، والفئة الثالثة هم الأعيان وأعوان و أذوات الإدارة الترابية الذين يتم تسخيرهم لتغليب كفة مرشحيها للانتخابات على اختلاف مستوياتها.ومن هذه الفئة الثالثة من يدفعه اسياده للترشح للانتخابات ليس بغرض النجاح بل بهدف تمييع العملية برمتها وخلط الأوراق وتشويه المشهد السياسي . وغالبا ما تتبجح هذه الفئات بعلاقاتها مع الإدارة وبقدرتها على تسوية الأوضاع الإدارية للموظفين الصغار كما يقدمون بعض الخدمات الاجتماعية أو الإنسانية كشراء الأدوية لبعض المرضى المعروفين أو التبرع بأثمنة أضحية العيد....)، وهي كلها خدمات يمكن إدراجها ضمن البر والإحسان ، وهؤلاء غالبا ما يتحركون بأنفسهم ويختلطون بعامة الشعب ويزورون الناس في بيوتهم والفقراء منهم بالخصوص لإظهار تواضعهم وحبهم للبسطاء ......
إذا كان من اسباب تفشي ظاهرة سماسرة/ شناقة الانتخابات جشع هذه الفئة فان من اسبابه الرئيسية :رغبة كثير من الأحزاب التي تملأ المشهد الحزبي الوطني ، والغائبة على الدوام ، والتي ترى في حصولها على مقاعد داخل المؤسسات المنتخبة ضمانا لاستمرار وجودها . و في سبيل تحقيق غاياتها فإنها تستعمل كل الوسائل المشروعة منها وغير المشروعة ويتجلى ذلك واضحا من خلال الأشخاص الذين سترشحون باسم هذه الأحزاب أصحاب الشكارة / بارونات المخدرات / الباطرونات إلى غير ذلك من النماذج البشرية قاسمها المشترك هو : المال ولاشيء غير المال ..... مع العلم بأن أغلب هؤلاء الوسطاء أو السماسرة ينتمون للأحزاب السياسية التي ترفع شعارات النزاهة والشفافية والاختيار الحر وما إلى ذلك من الشعارات المشابهة. اين ذهب المناضلون ؟؟ اين هي المصداقية والنزاهة ...والاستقامة ...والشفافية ....التي تتبجحون بها ؟؟؟؟ هل أصبح الحصول على المقعد هدفا بعد ان كان وسيلة ؟؟؟ إن الأحزاب -ليس كل الأحزاب- طبعا تتحمل مسؤولية كبيرة في الأعطاب التي أصابت الديمقراطية بالبلاد، بسبب تخليها عن مهمتها الأساسية المتمثلة في تأطير المواطنين وتوجيههم نحو بناء دولة الحق والقانون ...
نحن ننشد الديمقراطية باعتماد أساليب لا ديمقراطية ، وبذلا من أن تتحول موعد الانتخابات إلى مناسبة للتنافس الشريف ولعرض البرامج واقتراح الحلول للخروج من الأزمات الكثيرة الجاثمة على صدور المغاربة والخانقة لأنفاسهم، تحولت بفعلهم ومع سبق الإصرار والترصد إلى سوق للبيع والشراء مما تسبب في زعزعة ثقة الناس في الديمقراطية بسبب ما يرافق الدعاية لها من فوضى وغياب برامج واضحة وتفشي ظاهرة المال . وهو ما سمح بظهور ظاهرة "الشناقة "هذه حفنة من السماسرة على اختلاف مواقع تواجدهم من الهرم المجتمعي ودرجاته الذين تحولوا مع مرور الزمن الى قوة سياسية لا يمكن الإستهانة بها والتي تقوت بواسطة سلطة المال بل واصبحت تشكل قوة ضاغطة على جميع الأطراف : مواطنين وسلطات ومنتخبين .....
إنهم كالحيوانات الضارية الجائعة التي استيقظت من سبات عميق كانت خلاله تنتظر موعد الإنتخابات بأحر من الجمر، تتحين الفرصة لإشباع رغباتها .... المالية، وبمناسبة الإنتخابات يتحول الشناقة إلى منظرين ومنجمين في السياسة وعلومها، وما هم في الأصل سوى شرذمة من النصابين والدجالين، يساهمون –مع آخرين - في إفساد العمليات الانتخابية بتصرفاتهم الاحتيالية على هذا وذاك ، ويضربون كل الأعراف والمواثيق الأخلاقية . وإذا كان هناك من يطلق وصف خفافيش الظلام على اولائك الذين يحيكون الدسائس بالليل ، فهؤلاء ونظرا لثقتهم الزائدة في نفوسهم فإنهم يتحركون في واضحة النهار "وعلى عينك يا بن عدي " يتربصون بضحاياهم من الناخبين والمنتخبين ، همهم الظفر بالمال لأن الفرصة لا تعوض كما يقولون، ومع توالي الإنتخابات فقد تفننوا في استدراج فئات عريضة من المواطنين البسطاء الذين ألفوا بيع أصواتهم فى الانتخابات ، وهو أمر اصبح عاديا في أوساط شعبية كثيرة، والذين لا يعنيهم من الإنتخابات سوى ما يمكن أن يحصلوا عليه من أموال مقابل أصواتهم بسبب ضعف مستوى الوعي لذيهم والذي يبدو أن الارتقاء به ليس سهلا، ويتطلب مجهودات حقيقية وملموسة.. ..و هنا فى دمنات والبوادي المجاورة -إلا ما ندر- ينتظر البسطاء تسليم بطاقاتهم الشخصية، لسماسرة الانتخابات الذين بدؤوا مبكرا فى الاستعداد لحشد الأصوات للمرشحين المحتملين فى انتخابات برلمان الدستور الجديد ..
فيما مضى كان الوسطاء يتمتعون بالحظوة عند الناس بسب شعبيتهم أو بثقافتهم أو بحضورهم السياسي او بسبب أخلاقهم الرفيعة ، أما وسطاء اليوم فهم ذئاب في أهاب البشر وهم اقرب إلى رؤساء عصابات وهم غالبا من "شر ما خلق " وممن يتقي الناس شرهم ، يقبعون في أسفل الهرم الأخلاقي و مع ذلك فهم يقومون بدور مؤثر في العملية الانتخابية ، خصوصا عندما يكون المرشح تاجرا ، يريد الحصول على المقعد بأي ثمن..،، هؤلاء السماسرة ،/ الشناقة يلعبون دورا كبيرا في المدن الصغيرة كدمنات وفي البوادي والقرى ،حيث غالبا ما تكون نسبة المشاركة مرتفعة بسبب تفشي ظاهرة شراء أصوات الفلاحين والعمال والنساء، الذين يعتبرون الإنتخابات مناسبة لأخد مبلغ مالي نظراً لفقرهم ونظرا كذلك للتهميش الذي تعرفه مناطقهم .
والشناقة ينجحون الى حد بعيد في تلويث جو الانتخاب ، وشعارهم هو : المرشح الفائز هو المرشح الأغنى والأقدر على الدفع ، ويضعون مصالحهم فوق كل المصالح ويلتقون في هذا الشعار مع المترشحين الذين يستعينون بخدماتهم وهو تعبير صارخ عن اختلال ميزان القيم ، وتراجع ثقة الناس بالمجالس النيابية ، ومحاربة وجودهم وتكاثرهم هو التحدي الأبرز الذي يواجه القوى الحية في مسالة "نزاهة الانتخابات"..
إن وسطاء وسماسرة وشناقة الانتخابات في دمنات التي أعرف جيدا حجم تفشي الظاهرة فيها يشكلون نقطة سوداء للأسف ، يتوهج نشاطها مع كل موعد انتخابي جديد، لاستدراج الكتلة الناخبة وتهييئها للمشاركة في العملية الانتخابية حسب الإملاءات التي يفرضها اصحاب المال ومن يدفع اكثر ، دون أدنى اعتبار للبناء الديمقراطي الذي ينشده الجميع ، فإلى متى ستستمر عملية سريان هذه الفيروسات في دماء مسلسلنا الانتخابي الدمناتي ؟ ومتى تتوفر الإرادة السياسية الحقيقية في وضع قطيعة مع هذه الممارسات المشينة والمسيئة للمشوار الديمقراطي ؟!
إنه لا يعقل أن يتم استغلال الفاقة والحاجة والخصاص الذي يحيط بحياة المواطنين واستغلال القضايا التي تحتاج إلى حل، لاستمالة المواطنين للتصويت لفائدة جهة معينة، هذا الشكل اعتبره شخصيا تحقيرا للمواطنين وهذا في صلبه يؤثر على بناء ديمقراطية حقيقية، لذلك فإننا بحاجة إلى معركة جديدة للديمقراطية لا تنحصر في محاولة كسب أصوات الناخبين والمقاعد، إنما يجب أن تفعل وترسخ التربية على تقوية روح المواطنة، ليصبح بالفعل المواطن هو قلب العملية الانتخابية، لأنه كلما تحرر المواطن من مظاهر السمسرة و الاستلاب، كلما تمكن من الحسم في تحقيق ديمقراطية حقيقية .وهذه مسؤولية من ؟؟
انها مسؤولية المجتمع المدني التي لا زالت تحارب مظاهر هذه الآفة بشكل محتشم ، انها مسؤولية بعض الجمعيات (الحزبية ) التي تحولت مع الزمن بدورها إلى لعب دور الوساطة في الحملة الانتخابية ، انها مسؤولية الأحزاب اولا واخيرا لأنها تقبل بالتزوير طالما أنه يخدم مصالحها وفي حالات العكس ترفضه وتحتج على نتائجه.
خلاصة :
لو أن ملايين الدراهم التي تصرف في الحملات الانتخابية من طرف الأحزاب والمرشحين وهي أموال كلها من عرق الشعب ومن دمه ،لو أن هذه الملايين صرفت في فك العزلة عن دمنات عن طريق الإهتمام بإنجاز الخدمات والبنى التحتية ولو ان هؤلاء المترشحين الذين يملؤون الشارع الآن يعانقون هذا ويقبلون ذاك ويتبرعون على هذه ويتصدقون على تلك عملوا بكل جهدهم من أجل خدمة المواطن في المواقع التي يحتلونها الآن ،لما احتاجوا لهذه الأموال وهذه الدعاية ؛ لأن المواطن سيضعهم في قلبه ، ولكسبوا ثقة المواطن .ولكن للأسف الشديد فإن المواطنين "عاقوا " بأن الهدف هو شراء الصوت من أجل الوصول إلى المبتغى المتمثل -حسب كل مرشح - في المال العام أو في الجاه أو فيهما معا .عاقوا ، ولكن رد فعلهم سلبي وكان عليهم بذل بيع اصواتهم اتخذوا قرارا آخر......من سيرشدهم إليه ؟؟ من سيأخذ بيدهم ؟؟ إنها مهمة الشباب ....إنه دور المثقفين والمتعلمين ....
فى اغلب دول العالم تقع المشاركة السياسية على أكتاف المتعلمين والمثقفين من أبناء الطبقة الوسطى، التى تمتلك رؤية تريد من خلالها اختيار من يمثلها ويعبر عنها، لكن عندنا مع الاسف الشديد ، الآية معكوسة، ، فالمرشحون الأثرياء أو اشباه الأثرياء والوجهاء والأعيان والاميون وهم قلة يستخدمون الناخبين الفقراء وهم السواد الأعظم ، كمستودع للأصوات وبثمن بخس ،دراهم معدودات .
و الحصيلة هاهي أمامكم كارثية :
1- هيئة تمثيلية مغشوشة.
2- تراجع التأطير والإقناع والتأطير وحلت محله السمسرة، البيع والشراء،الامتيازات....
3- حرمان الناخب من حقه في محاسبة المرشح الفائز. فلا يمكنه أن يلومه أو حتى أن يسأله أو يطلب منه خدمة أخرى، لأن الناخب/البائع قد قبض الثمن، والمنتخَب/المشتري أصبح حرا في البضاعة التي اشتراها.
وختاما أريد ان أتوجه إلى شبابنا المنخرط في الأحزاب وفي جمعيات المجتمع المدني ,وإلى شبابنا الذي يرفض هذه الهياكل جملة وتفصيلا لأهمس في آذانهم بأن النضال لا يجب أن يقتصر على رفع شعار محاربة الفساد الذي لا يمكن ان ينكر احد بانه مستشري في أوصال ودواليب الإدارة المغربية بل هناك كذلك فساد خطير يسري في أجسامنا وبالقرب منا وهناك فيروسات أقرب إلينا من حبل الوريد وهي التي تغذي الفساد الأكبر ، وما لم تستأصل هذه الجراثيم فإن دار لقمان ستبقى على حالها .وأعني بالجراثيم / الشناقة الذين يستغلون فقر وجهل الناس ويتاجرون بهم في سوق الإنتخابات التي ازدهرت هذه الأيام
اللهم اشهد اللهم إني قد بلغت .
عيون الساقية الحمراء في :30/10/2011
ذ .مولاي نصر الله البوعيشي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.