التلاميذ والتوجيه: رغم تصريح الوثائق للرسمية بضرورة اعتبار التلميذ بكل أبعاد شخصيته محور خدمات الاستشارة والتوجيه فإن الواقع الميداني بعيد كل البعد عن هذا الهدف؛ فالتلميذ غالبا ما يربط التوجيه بخدمات الإعلام المدرسي والمهني حيث تنحصر الأسئلة التي يطرحها التلاميذ في معرفة المسالك والشعب؛ الآفاق المهنية والمباريات هذا مع وجود خطأ منهجي يربط الوظيفة بالشهادة المحصل عليها فقط في حين أن النجاح المنهي لم يعد مرتبطا بالشواهد بقدر ما هو مرتبط بمجموعة من المهارات التواصلية والاجتماعية المرتبطة بشخصية التلميذ. لكن هذا الأخير ليس المسؤول المباشر عن هذا الخطأ المنهجي الذي ارتكبه النسق التربوي المغربي غداة الاستقلال حيث ربط بين الشهادة والوظيفة المتسمة بالجلوس على الكرسي المريح أمام المكتب بعيدا عن العمل اليدوي والمهني. هذا النسق التربوي نفسه لم يوفر للتلميذ الظروف المواتية لنمو مختلف جوانب شخصيته واكتفى بحشو ذهنه بمجموعة من المعارف ولم ينم فيه الثقة بالنفس حيث نلاحظ السلبية التي يعيشها الكثير من التلاميذ والتي تظهر لنا على شكل نوع من اللامبالاة وإظهار عدم الاهتمام بالمستقبل الدراسي والمهني بل الاستهزاء أحيانا؛ كل ما سبق يشكل عائقا أمام التوجيه السليم الذي يتطلب انخراطا كاملا للتلميذ وهو ما لن يتحقق إلا بتفعيل دور الأخصائي الاجتماعي في المنظومة التربوية مع توفير الموارد البشرية والمادية الكفيلة بتمكين التلميذ من العمل بالمشروع الشخصي. مع ضرورة عدم إغفال كون نسبة مهمة من التلاميذ هم في حاجة ماسة إلى الدعم التربوي؛ ما دامت معدلاتهم لا تؤهلهم للنجاح؛ فتلميذ السنة الثالثة ثانوي إعدادي الحاصل على معدل 08 من 20 أو أقل لم يستوف الحد الأدنى من الكفايات اللازم توفرها للانتقال إلى المستوى الأعلى. وهذا يجعل هذه الفئة من التلاميذ في الأنظمة التربوية الأخرى أمام احتمالين : الخضوع لدعم مكتف لترصيد الكفايات أو التكرار؛ لكن النظام التربوي الذي يحتل المرتبة 126 يجني عليهم فيسمح لهم بالانتقال لمستوى لا يملكون القدرة على مسايرته الشيء الذي يجعل الأزمة تتفاقم وفق متتالية يلمس القاصي والداني نتائجها وعواقبها سواء على مستوى التوجيه أو القدرات والمهارات بل والمستقبل والأداء المهني. ...يتبع عبد الرحيم السعداوي مستشار في التوجيه التربوي القطاع المدرسي أزيلال