علاج نسيان القرآن ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد خمسة أنواع من هجر القرآن الكريم نسال الله سبحانه وتعالى أن لا نكون منهم: أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه. والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به. والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم. والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه . والخامس والأخير: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به، وكل هذا داخل في قوله تعالى: { وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} (الفرقان/3) وإن كان بعض الهجر أهون من بعض. لكن الذي يحصل لكثير من المسلمين هو حفظ القرآن ثم نسيانه، وتتعدد الأسباب التي تمنع الحفظ وتعين على نسيان القرآن والعياذ بالله، ولا بد لمن أراد أن يحفظ القرآن الكريم أن ينتبه لها وأن يتجنبها، و فيما يلي أهمها : 1 كثرة الذنوب والمعاصي فإنها تنسي العبد القرآن وتنسيه نفسه وتعمي قلبه عن ذكر الله وتلاوة وحفظ القرآن. 2 عدم المتابعة والمراجعة الدائمة والتسميع لما حفظه من القرآن الكريم. 3 الاهتمام الزائد بأمور الدنيا يجعل القلب معلقا بها وبالتالي يقسو القلب ولا يستطيع أن يحفظ بسهولة . 4 حفظ آيات كثيرة في وقت قصير والانتقال إلى غيرها قبيل إتقانها. 5 الحماس الزائد للحفظ في البداية مما يجعله يحفظ كثيرا دون إتقان ثم إذا وجد نفسه غير متقن فتر عن الحفظ وتركه . وحتى يستطيع المسلم، بعدما عرف فضل القرآن وحفظه وتلاوته من تثبيت ما حفظ يجدر به الأخذ بما يلي: 1 اللجوء إلى الله سبحانه و تعالى بالدعاء و التضرع إليه أن يلزم قلبك حفظ كتابه والعمل به على الوجه الذي يرضيه عنه. 2 إخلاص النية إلى الله تعالى والتعبد لله تعالى بتلاوته. 3 العزم على العمل به بفعل أوامره واجتناب نواهيه. 4 تعهد القرآن بالتلاوة وتحسين الصوت به. 5 جعل حزب تقرأه أيها المسلم، كل يوم بمقدار حفظك، فمثلا إذا كنت حافظ للقرآن كاملا فأقل ما تقرأه في اليوم جزءاً. 6العمل بأمر هذه الآية وهي قول الله تعالى:( و اتقوا الله و يعلمكم الله و الله بكل شيء عليم). 7 و أخيرا ..احذر احذر احذر: أ- العجب و الرياء. ب- أكل الحرام والمتشابه. ج- الإستهزاء بالآخرين ممن لا يحفظ أو لا يعرف يقرأ. د- االمعاصي والذنوب كبيرها وصغيرها. ه- ترك المداومة و التعهد بقراءته ولو بأصعب الظروف ولو حصل مثل ذلك فبادر بالقضاء. ولحرص السلف على الحفاظ على القرآن الكريم من التفلت الذي حدث به النبي صلى الله عليه وسلم، نصحوا بأغذية تسلعد على الحفظ واجتناب ما يحول وتثبيته، وقد قال الخطيب البغدادي: أوقات الجوع أحمدُ للحفظ من أوقات الشبع، و ينبغي للمتحفظ أن يتفقَّد من نفسه حال الجوع، فإن بعض الناس إذا أصابه الجوع والتِهابُه لم يحفظ، فلْيُطفِئ ذلك عن نفسه بالشيء الخفيف كمص الرمان وما أشبه ذلك، ولا يُكثر الأكل قال ابن جَماعة: كثرة الأكل جالبة لكثرة الشرب، وكثرة الشرب جالبة للنوم، والبلادة، وقصور الذهن، وفتور الحواس، وكسل الجسم، هذا مع ما فيه من الكراهة الشرعية . وقال الزّهْري: عليك بالعسل فإنه جيد للحفظ، والعسل شفاء للناس بنص القرآن، قال تعالى:( يَخْرُجُ مِن بُطُونِها شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِّلنَّاسِ )، ولا بأس أن تستعمِل العسل بدل السكر في المشروبات الباردة أو الساخنة كالشاي وغيره فإنك إن تعوَّدتَّ عليه وجدتّه لذيذاً، وينصح بعضهم بوصفة مجربة للحفظ: اغل بدل الشاي نعناع، وقطر عليه قطرات من زيت الحبة السوداء، وأضف ملعقة كبيرة من العسل الحقيقي في الصباح، وقال آخر: مَن أحب أن يحفظ الحديث فليأكل الزبيب، أوالرمان فإنه نُضُوجُ المَعِدَةِ، ومن الأدوية النافعة جداً : شرب ماء زمزم بنية الحفظ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ماءُ زمزمٍ لِما شُرِبَ لَهُ )، وقد شَرِبَ من ماء زمزم كثيرٌ من السلف الصالح على نِيَّاتٍ متفاوتة فاستجاب الله تعالى لهم.