أكد الدكتور محمد عزالدين توفيق أستاذ الفكر الإسلامي بكلية ابن امسيك سيدي عثمان بالبيضاء أن ما يميز الأمة الإسلامية اعتمادها التقويم الهجري للتأريخ للسنة دون غيرها من الأمم فقد ارتأى محدث الأمة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنظره الثاقب والبصير في السيرة النبوية أن يؤرخ لبداية السنة بحدث الهجرة دون غيرها من الأحداث حيث كان رضي الله عنه حريصا أن يكون اختياره متميزا عن غيره مقتديا في ذلك بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان يخالف اليهود والنصارى والمجوس فيما هو شعار خاص بهم لأننا أمة متبوعة لا تابعة. ورأى الدكتور المحاضر الذي كان يلقي محاضرة أمام حشد كبير من أعضاء ومتعاطفي حركة التوحيد والإصلاح بمقرها بحي السدري أن اختيار عمر للهجرة دون غيرها من أحداث السيرة كالولادة والوفاة ينطوي على جملة من الحكم التي فطن إليها رضي الله عنه، فالهجرة كسب وعمل وإختيار وقرار شارك فيه جميع من هاجر من مكة إلى المدينة في حين حدث الوفاة أو الميلاد من الأمور التي لا دخل للإنسان فيها ثم إنها توسطت السيرة النبوية حيث جاءت بين مرحلتين هامتين في سيرته صلى الله عليه وسلم المرحلة المكية والمرحلة المدنية كما أن حدث الوفاة أوالميلاد مرتبط بشخص النبي صلى الله عليه وسلم، أما الهجرة فمرتبطة بالأمة ووقف الدكتور محمد عزالدين توفيق بإسهاب عن حدث الهجرة وكيف دخل الإسلام إلى المدينة النبوية حيث كان أول ما قام به صلى الله عليه وسلم لما هاجر ببناء المسجد والمواخاة بين الأنصار والمهاجرين وعقد معاهدة حسن الجوار مع اليهود حتى ينصرف لدعوته السلمية التي هي أصل دعوته إلا أن هذه الهجرة كانت استراحة محارب والانتقال من مرحلة لدعوة إلى مرحلة الجهاد والقتال ونصرة الدين والدفاع عنه حيث لم يستسيغ مشركي مكة أن يحتضن مجتمع المدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه المهاجرين فدخلوا في حروب مع المسلمين. وختم الدكتور عزالدين توفيق محاضرته بالإشارة إلى بعض الإشعاعات والإضاءات من الهجرة فالوقت له قيمة وشرف عند المسلم حيث فالحدث رغم عظمته أنجز في ظرف وجيز وأن على المسلم أن يهاجر إلى الله بالإيمان به وتوحيده وإخلاص العبوديه له وحده دون غيره وهذا مقتضى لا إله إلا الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم باتباعه واقتداء سنته وهذا من مقتضى محمد رسول الله فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه . كيف أستثمـر مناسبة الهجرة النبوية في دعوة الآخرين كيف أستثمر مناسبة الهجرة النبوية في دعوة الآخرين..خاصة أننا في مدينتنا يستمر الاحتفال بالهجرة النبوية والحديث حوله تقريبا طوال شهر المحرم؟ الحمد لله سؤال أخينا محمود يناسب هذه الأيام التي نستقبل فيها السنة الهجرية الجديدة ونسأل الله تعالى أن يجعلها سنة خير ونصر وعز للإسلام والمسلمين. أقول للأخ الكريم أفضل ما نستثمر فيه هذه المناسبة هو أن نذكر أنفسنا وإخواننا المسلمين بالكثير من الدروس والفوائد التي تحملها السيرة النبوية العطرة. فحقيقة الأمر أن السيرة رغم الكثير الذي كتب عنها فهي ما تزال تحتاج إلى عناية كبيرة جدا من قبل المسلمين لاسيما وأنها الترجمة العملية المزكاة من قبل رب العزة سبحانه وتعالى. وهي طريق معبد لمعرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والإيمان به ومحبته واتباعه. فالحديث إذن عن السيرة بشكل عام أفضل مضمون يطلب للناس في هذه المناسبات وغيرها. ولابأس في مناسبة الهجرة إذا تم تسليط الضوء على ما أحدثته الهجرة النبوية من نقلة نوعية للدعوة الإسلامية الأولى من الضعف إلى القوة، ومن الشتات إلى الوحدة، ومن الخوف إلى الأمن، وما جسدته من تضحية من أجل كلمة الله، وما عكسته من محبة منقطعة النظير لرسول الله صلى الله عليه وسلم والتفاني الكبير في نصرته. كما عكست ما ينبغي أن يكون عليه المسلمون من الاجتهاد بالأخذ بالأسباب والتخطيط والاستعانة بكل المؤهلات لنصرة كلمة الخير. وإجمالا فلتكن مناسباتنا فرصة متجددة للارتباط بكتاب الله تعالى وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم وبسيرته. والله المستعان