رئيس الحكومة يشرف على انطلاق جولة أبريل من الحوار الاجتماعي ويلتقي بالمركزيات النقابية والباطرونا    حزبا التقدم والاشتراكية والاستقلال ينتزعان مقعدين انتخابيين شاغرين بجماعة أولاد عيسى وجماعة أولاد حمدان    الحسيمة تتربع على عرش قائمة المدن الأكثر غلاء في المعيشة وارتفاع الأسعار    لبؤات الفوتسال يحققن فوزا عريضا على ناميبيا في افتتاح المشوار بكأس أمم إفريقيا    تحلية مياه البحر في المغرب: رهان استراتيجي لمواجهة ندرة المياه وتأمين المستقبل المائي    الفاتيكان يكشف تفاصيل جنازة البابا فرنسيس    الملك محمد السادس يُعزي في وفاة الفنان محسن جمال ويشيد بعطائه الفني المتميز    بتعليمات ملكية سامية.. الفريق أول محمد بريظ يقوم بزيارة عمل لدولة قطر    جمعية سمايل تعزز التماسك الأسري عبر دورة تكوينية نوعية بفضاء جسر الأسرة بالناظور    توقيف تونسي مبحوث عنه دوليًا في قضايا سرقة وقتل وهروب من حكم ب30 سنة سجنا    تطوان: أيام تحسيسية حول "الماء، الصحة والبيئة" احتفاءً باليوم العالمي للأرض    جامعة عبد المالك السعدي تشارك في الملتقى الإقليمي للتوجيه بالحسيمة    السعدي يعلن إعداد قانون إطار للاقتصاد الاجتماعي والتضامني خلال الولاية الحالية    المغرب تطلق صفقة لتشييد محطة للغاز الطبيعي المسال بالناظور    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    مكناس تحتضن النسخة الجديدة من المعرض الدولي للفلاحة.. أكثر من مليون زائر مرتقب وفرنسا ضيف شرف    انهيار صخري جديد يعرقل حركة السير بالطريق الساحلية بين تطوان والحسيمة    ENCG طنجة تعزز شراكاتها الدولية باتفاق ثلاثي مع جامعتي سانيّو ونابولي فيديريكو الثاني بإيطاليا    من تداعيات شد الحبل بينها وبين الوزارة الوصية .. جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بكل فئاتها بسبب العوز المالي    أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس يعزي في وفاة البابا فرانسوا الأول    الجولة 27 من الدوري الاحترافي الأول .. الوداد ينتظر هدية من السوالم وأندية الأسفل تمر إلى السرعة القصوى    أخبار الساحة    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    تأييد الحكم الابتدائي وتغليظ التهم رغم التنازلات في حق الرابور «طوطو»    رئيس هيئة النزاهة: الفساد نتاج تنشئة اجتماعية .. ومراجعة مدة التقادم "أولوية"    الكرملين: بوتين لا يخطط لحضور جنازة البابا فرنسيس    الدولار يتراجع لأدنى مستوى في سنوات مقابل اليورو والفرنك السويسري    بسبب تكريم باسم والدته.. نجل نعيمة سميح يهدد باللجوء إلى القضاء    من السماء إلى العالم .. المغرب يحلق بأحلامه نحو 2030 بمطار ثوري في قلب الدار البيضاء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس ضيفا في المؤتمر 9 لحزب العدالة والتنمية    مبابي يستعد للعودة الى الملاعب لمواجهة برشلونة في نهائي كأس الملك    "أفريكوم" تؤكد مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الإفريقي    طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة يطالبون وزير الصحة بالوفاء بالتزاماته ويستغربون تأخر تنفيذ الاتفاق    لقجع: لاعبو المنتخب لأقل من 20 سنة هم "مشروع " فريق الكبار في كأس العالم 2030    إسرائيل تمنع تطعيمات شلل الأطفال عن غزة.. 600 ألف طفل في خطر    تفاصيل انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالقنيطرة    "البيجيدي": نخشى أن يتحول مشروع الغاز بالناظور لفرصة "استفادة شخصية" لأخنوش    عبد الكريم جويطي يكتب: أحمد اليبوري.. آخر العظماء الذين أنجزوا ما كان عليهم أن ينجزوه بحس أخلاقي رفيع    لجنة تسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر مؤقتا تُكرّم نساء ورجال الصحافة والإعلام بالمعرض الدولي للنشر والكتاب    فيلم "زاز": حين يفرض السيناريو أبطاله قبل ملصق التسويق !!!    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    الصفريوي: لا مفاوضات ولا نية للاستثمار في شيفيلد وينزداي الإنجليزي    السلطات الأمريكية تقاضي "أوبر" بتهمة غش المستخدمين    قتيل في غارة إسرائيلية بجنوب لبنان    فان دايك: جماهير ليفربول ستتذكر أرنولد في حال قرر الرحيل    عميار يكتب عن المغرب والفلسطينيين    الصين وأندونيسيا يعقدان حوارهما المشترك الأول حول الدفاع والخارجية    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعال نؤمن ساعة
ذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة للتذكير بضرورة السير
نشر في العلم يوم 18 - 02 - 2010

ولد سيد الأولين والآخرين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الفيل وعلى أرجح الأقوال في الثاني عشر من شهر ربيع الأول يوم الإثنين وتعيين يوم الإثنين ثابت بالحديث الذي رواه مسلم أنه حينما سئل عن صوم يوم الإثنين قال : » فيه ولدت وفيه أنزل علي« ولد صلى الله عليه وسلم من أبيه عبد الله بن عبد المطلب ومن أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف أرضعته ثويبة ثم حليمة السعدية وعند حليمة السعدية شق عن صدره لتنظيف قلبه وكان عمره ثلاث سنوات وحضنته أم أيمن. نشأ يتيما إذ توفي أبوه وهو حمل في بطن أمه لشهرين، توفي أبوه عبد الله عن سن يناهز خمسا وعشرين سنة ولما بلغ عمره ست سنوات ماتت أمه فكفله جده عبد المطلب وبعد مضي سنتين من كفالة جده مات هذا الجد الذي كان يرق للنبي صلى الله عليه وسلم فكفله عمه أبو طالب الذي أضفى عليه من الرقة والعناية والحب والحنان ما أنساه آلام اليتم حتى أن القرءان الكريم قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بتلك النعمة فقال عز من قائل : » ألم يجدك يتيما فئاوى« [ سورة الضحى]. ولما بلغ عمره اثنتي عشرة سنة خرج مع عمه إلى الشام فلما وصلت القافلة التجارية إلى ضاحية بصرى أشرف بحيرى الراهب ورأى فيمن رأى سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم رأى فيه علامات النبوة التي يجدونها في كتبهم المبشرة بظهور زمن هذا الرسول الكريم فحذر عمه من أن يصيبه سوء فرجع به عمه مسرعا ولما بلغ عمره العشرين حضر حرب الفجار كما حضر حلف الفضول وهو حلف كان خاصا بنصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم وهذا الحلف قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن شرفه الله بالنبوة: » لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم ولو دعيت به في الإسلام لأجبت« ولما بلغ من العمر خمسا وعشرين سنة خرج في تجارة لخديجة رضي الله عنها إلى سوريا وكان يرافقه في هذا السفر ميسرة خادمها فباعا وابتاعا وربحا ربحا كثيرا ونظرا لما كان يتصف به صلى الله عليه وسلم من صدق وأمانة وهو ما أثار إعجاب ميسرة فذكر ذلك لخديجة فأرسلت إليه تخطبه لنفسها فقبل محمد صلى الله عليه وسلم وأرسل عمه أبا طالب يطلب يدها من أهلها وتزوجها ولما بلغ من العمر خمسا وثلاثين سنة حكمته قريش في أمر من يضع الحجر الأسود في مكانه الذي كان محل خلاف ونزاع كاد أن يؤدي إلى فتنة أثناء إعادة بناء الكعبة ، فبحكمة محمد صلى الله عليه وسلم فض النزاع وكان إلى جانب هذا يرعى الغنم ويزاول مهنة التجارة وكان قد حبب إليه الخلاء فكان يخرج إلى غار حراء يتعبد فيه الليالي ذوات العدد وكان لا يمر بحجرولا شجرإلا سلم عليه ولما بلغ من العمر أربعين سنة نبيء بإ قرأ وأرسل بالمدثر . قال تعالى : » وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون «[ سورة سبأ]. فقام صلى الله عليه وسلم يدعوإلى الله عز وجل ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بأرض مكة التي كانت غاصة بالأصنام وبالخرافات وكان الناس في جاهلية وشر فئامن به الناس من الرجال والنساء وكفر به الكثير من الذين كانت لهم قوة ومنعة وكانوا يسيطرون على الناس ويهضمون حقوق العباد ويجعلون من الأصنام وسيلة للإسترزاق والاستعباد مستغلين في ذلك جهل الناس وفقرهم وبؤسهم وحرمانهم من الحرية والحياة الكريمة ولذلك نزلوا بكل ثقلهم لمواجهة المؤمنين ليبقى الوضع على ما هو عليه مستعملين في ذلك كل الوسائل بما فيها الحديد والنار لصد المؤمنين عن دعوتهم وعن دينهم الذي وجدوا فيه لذتهم وراحتهم وكرامتهم وحريتهم وضالتهم المنشودة. وكان الله عز وجل يؤيد وينصررسوله صلى الله عليه وسلم بإسلام رجال أقوياء مثل حمزة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما . وكان أعداء الله وأعداء رسوله والمؤمنين يصعدون من حين لآخر من حملاتهم الإجرامية وحماقاتهم العدوانية الشيطانية ضد المسلمين التي لم يسلم منها حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حملات إجرامية استعمل فيها كل قبيح لتعذيب المؤمنين والتنكيل بهم واضطهادهم . ففي هذه الظروف القاسية والأجواء الملبدة بسحب الظلم والإهانة وما لاقاه النبي صلى الله عليه وسلم من إهانة في الطائف والتي تمثلت في ضربه وقذفه بالحجارة حتى أدميت عقباه . وفي هذا المشهد روى البخاري في صحيحه في كتاب بدء الخلق باب إذا قال »أحدكم أمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه « عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم :»يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم احد؟ «فقال: » لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال : يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثي ربي إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين « فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم » بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا« . وهذا الحديث رواه مسلم كذلك في جامعه الصحيح بهذا اللفظ في كتاب الجهاد والسير باب ما لقي النبي صلى الله وسلم من أذى المشركين والمنافقين ، وكان ذلك في عام الحزن وهو العام الذي توفي فيه عمه أبوطالب الذي كان يحميه ويحوطه وبعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام توفيت زوجه خديجة التي كانت تسانده في دعوته وتواسيه وتخفف من آلامه وتهديء من روعه وتثبته وكانت وفاتها رضي الله عنها قبل الهجرة بثلات سنوات في هذه الظروف القاسية أبى الله إلا أن يكرم حبيبه المصطفى فواساه على ما أصابه من مكروه. حيث سخر الله عداسفي الطائف ليقبل رأس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يناوله قطفا من العنب على مرأى ومسمع من أعدائه كما صرف الله إليه نفرا من الجن ليستمعوا لقراءته وعلى الفورآمنوا به ثم رجعوا إلى قومهم منذرين. كرم الله نبيه بهذا ليواسيه وليؤكد له أن دعوته مقبولة ومنصورة لا محالة وأن خروجه إلى الطائف فيه مصلحة للدعوة وإن لم يؤمن بها الإنس فقد آمن بها الجن قال تعالى: «فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين» (سورة الأنعام). وفي نفس الوقت استجاب الله لشكوى نبيه الكريم بعد أن دعاه فقال : »اللهم إليك أشكوضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنوروجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك«. بعد هذا الدعاء من نبي كريم إلى رب كريم أرسل ربنا الكريم إلى نبينا الكريم ملك الجبال بواسطة الملك جبريل ليعرض عليه إن شاء أن يطبق على أعدائه الأخشبين لفعل أي إن أراد نبينا أن يأمر بهدم الجبال ودكها على أعدائه معذبيه لنفذ في حقهم هذا العقاب بهذا العذاب ولكن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم ترفع وتسامى وأشفق عليهم فقال »لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله لا يشرك به شيئا« داعيا لهم بقوله»اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون«. وللمزيد من تكريم الله له في وقت كان الكفار يظنون فيه أنهم قد أحكموا قبضتهم على الأمور وأنهم قد أفلحوا في محاصرة المسلمين تأتي معجزة الإسراء والمعراج ليمسح الله بها دموع الضيم عن المؤمنين حيث أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا بروحه وبجسده يقظة لامنا ما من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى السموات العلى وكان يرافقه في هذه الرحلة السماوية الأمين جبريل ثم عاد من ليلته وكان الله عز وجل قد أذن للصحابة بالهجرة من مكة إلى المدينة وهي المكان الذي كان النبي صلى الله قد اختاره ليكون أرض استقبال ومركز إشعاع ، ودار أمن وأمان ،ومنطلق دولة الإسلام . إذ كانت هي المكان الذي احتضن الدعوة الإسلامية بدعم من الأنصار سكان المدينة الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم بمنى على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر،وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يقولوا في الله لا يخافون في الله لومة لائم وعلى أن ينصروه ويمنعوه إذا قدم عليهم مما يمنعون منه أنفسهم وأزواجهم وأبناءهم ولهم الجنة وكان للأنصارالدور الكبير في تهييء الجو لا ستقبال وإيواء المهاجرين وحيازة قصب السبق في هذا المجال أسعد بن زراة وعوف بن الحارث ورافع بن مالك و قطبة بن عامر وعقبة بن عامر وجابر بن عبد الله بن رئاب و أسيد بن الحضير وسعد بن عبادة وعبد الله بن رواحة و سعد بن معاذ وغيرهم من الصحابة الأنصار الذين خدموا الإسلام فئاووا ونصروا وآثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة وإذا كان لهؤلاء الأنصار فضل هذا السبق بالمدينة فإن المومنين الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في أول وهلة وفي بداية بزوغ فجر دعوة الإسلام قد حازوا قصب السبق وكان لهم الفضل في تأسيس الخلية الأولى التي دعمت الدعوة حيث كانت هي قطب الرحى وهي التي تفرعت عنها كل الخلايا الداعية إلى الإسلام وكانت دارالأرقم بن أبي الأرقم المخزومي تحتضن دعوة هؤلاءالأخيار في الفترة السرية وبعدها وكانت هذه الخلية المؤمنة تتشكل من السيدة خديجة بنت خويلدرضي الله عنها وأبي بكر الصديق بن أبي قحافة وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وحمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب وزيد بن حارثة وبلال الحبشي وعمار بن ياسروأمه سمية وأبيه ياسروأهل بيته وغيرهم من الصحابة الذين حازوا فضل السبق في الدعوة إلى الله عز وجل والذين بفضل صبرهم وحنكة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتشر الإسلام في العالم كله انطلاقا من المدينة المنورة التي هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم ليرسي هناك دعائم دولة الإسلام.وهذا ما تحقق بالفعل على أرض الواقع ولله الحمد والمنة ، بالطبع بعد خوض معارك ضارية وغزوات كثيرة وسرايا وسنوات من التربية على الصدق والأمانة والوفاء بالعهد وعلى الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة والسلوك المستقيم وعلى الحس الإسلامي ، وبعد مواجهات وقتال وكفاح مرير وجهاد مستمر من أجل إعلاء كلمة الله ونصرة دين الله ورفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. وكان كلام الله القرءان الكريم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرشد الناس وليبين لهم مالهم وما عليهم من حقوق وواجبات وأوامر ونواه وحلال وحرام وحدود وفرائض وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس في حياتهم الدينية والدنيوية وفي العبادات والمعاملات والمصالح والمنافع . هذا وبعد أن بلغ رسالة ربه وأدى أمانته وبعد أن اعتمر أربع عمروحج حجة الوداع وخطب خطبة الوداع ودخل الناس في دين الله أفواجا اختار لقاء ربه فأسلم نفسه لله والتحق بالرفيق الأعلى حيث توفي وله من العمر ثلاث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة وثلاث وعشرون سنة نبيا ورسولا، تاركا أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك . وهذه المحجة البيضاء تتمثل في الإسلام والإيمان بالقرءان الكريم والسنة النبوية الشريفة. فأهل الإيمان لا ينسون تلك المواقف الشجاعة والتضحيات الجسام والجهود المضنية التي بذلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في سبيل نصرة هذا الدين وما يزيد المؤمنين ارتباطا أكثر بتلك المواقف التي يستمدون منها قوتهم ومنعتهم ليستمر أمرالأمة في ربط الماضي بالحاضرهو اقتفاؤهم لآثار النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام واستقاؤهم لإرواء ظمئهم من المياه الصافية التي تختزنها السيرة النبوية الشريفة التي لا ينضب معينها على الدوام ولذلك . فكلما أهل على المسلمين هلال شهر ربيع الأول إلا و أقبلت معه ذكرى عظيمة تعتبر من أعز الذكريات الدينية التي لها مكانة مرموقة في ديننا الإسلامي الحنيف والتي تعتبر أيامها من الأيام المشهودة في تاريخ الإسلام ، الجديرة بالتأمل والتذكر قال تعالى: » وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور«[ سورة إبراهيم ]. إن اليوم الذي
ولد فيه سيد المخلوقات محمدرسول الله ليوم عظيم وإن إحياءه بمراجعة سيرته لتذكير الناس بشمائله وخصائصه وجهاده وزهده وورعه ورحمته ورأفته ورحابة صدره وعفوه لأمر يزيد في الإيمان ويشحذ العزائم ويوقظ الضمائرويقوي روابط التشبث والتمسك بالكتاب والسنة، ولا سيما في هذا الوقت الذي كثرت فيه الملاهي وضعفت فيه نفوس الكثيرمن الناس الذين أصبحوا لا يعرفون عن السيرة النبويةإلا القليل ومنهم من لا يعرف عنها أي شيء .ولهذا السبب سن العارفون بالله سنة الإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في إطار تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور وهي فكرة جيدة تمكن من تذكير الناس بالسيرة وبتاريخ الإسلام الحافل بالذكريات الخالدة كلما حلت ذكرى المولد النبوي الشريف . هذا وإذا كان لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة إحياؤهم لهذه الذكرى بتخصيص يوم لها، وإن كانت هناك إشارات منه صلى الله عليه وسلم ترمز إلى تعظيم هذا اليوم لأنه لما سئل صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الإثنين قال» فيه ولدت وأنزل علي فيه« قلت فإذا هم لم يثبت عنهم الإحتفال بهذا اليوم فإن أمر حالهم يختلف عن حالنا نحن في هذا الزمان لأنهم كانت لهم قوة إيمانية تربطهم بالعروةالوثقى على الدوام وتصلهم بنبيهم في كل الأحوال وتحميهم من كل الوساوس والهموم والآلام حتى إن المشاغل والملاهي ومغريات الدنيا ومتاعها وزينتها لم تنل منهم أي شيء، بل تغلبوا عليها وعلى إبليس وهزموها وهزموا إبليس وجنوده ليبقوا أوفياء أتقياء حنفاء محافظين على الحقوق والواجبات مراعين للتكاليف والأمانات زيادة على أنهم كانوا أعرف الناس بأمور دينهم ودنياهم مرتقين بأنفسهم إلى مستوى أعلى لتكون مطمئنة خاضعة لأمر الله متبعة لنبيه الكريم مطيعة له في كل أمر ونهي . وإذا كان في الناس من ينكر ويبدع الإحتفال بهذه الذكرى فربما أن هؤلاء يوجدون في دول ينشط فيها نوع من الطائفية الشيعية التي تلعن الصحابة وتبالغ في الإحتفال بالموالد ولها مناطق خاصة تسميها بالمقدسات ولها أجندة سياسية معينة وعلى ظهرها تأكل وتشرب و بها تصل إلى مراكز القرار لتتمكن من سب بعض الصحابة باسم الدين وبدعوى نصرة أهل البيت إلى درجة التطرف والغلو مثل المبالغة في زيارة قبر علي رضي الله عنه والاحتفال بيوم عاشوراء بتقديم التعازي إلى أهل البيت بمناسبة استشهاد الحسين رضي الله عنه ثم إحياء أربعينية الحسين وغير ذلك مما لا أصل له في الدين ولا يخدم هذا الدين بل فيه نوع من تحريض الناس على بعضهم بعضا بإثارة نعرات طائفية والتذكير بمآسي ونزاعات من شأنها إذكاء نار الفتنة . قلت فربما من أجل سد الذرائع ومخالفة الغلاة من الشيعة يقول بعض الناس في بعض الدول التي توجد فيها مثل هذه الظواهر بتبديع الإحتفال بالموالد . أما في الأصل فلا يوجدأي دليل شرعي يصف المحتفلين بذكرى المولد بالمبتدعة بل نجد أن أمر الإجتماع للذكروالقراءة والدعاء وتدارس كتاب الله وسنة رسوله أمر محمود ومرغب فيه إذا فلا عيب على من اجتمع بمناسبة ذكرى المولد على مراجعة السيرة وقراءة القرءان لاستخلاص الدروس والعبر والعظات ، ودعا الناس لبعضهم بعضا وهنأ بعضهم بعضا وذكربعضهم بعضا بأن هذا اليوم هو اليوم الذي ولد فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتعرف على ذلك أطفالنا وشبابنا وشيوخنا وكهولنا ورجالنا ونساؤنا. هذا التذكيراستحسنت الإتيان به والكتابة في شأنه ، غايتي من ذلك الإبقاء على ربط حياتنا بسيرةرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام فإن أصبت فبتوفيق من الله وإن كان غير ذلك فإني أطلب المعذرة وبالله التوفيق.
المراجع : السيرة النبوية لابن هشام
زاد المعاد في هدي خيرالعباد لابن قيم الجوزية
الرحيق المختوم لصفي الرحمان المباركفوري
نور اليقين للشيخ الخضري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.