تعرضت مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية مجددا لعملية تخريبية عدوانية، تمثلت في التفجير الآثم الذي تعرض له مجمع المحيا السكني، والذي ذهب ضحيته عدد من الأبرياء من المواطنين السعوديين والعرب والمسلمين. ويأتي هذا العمل الإجرامي بعد سلسلة من التفجيرات التي تعرضت لها مدينة الرياض يوم 12 ماي من السنة الجارية، وذلك أياما قليلة قبل التفجيرات الإجرامية التي عرفتها مدينة الدارالبيضاء يوم 16 ماي المشؤوم. كما أن تفجيرات أول أمس السبت قد جاءت أياما بعد الاشتباكات التي ذهب ضحيتها شرطيان بمدينة مكةالمكرمة التي جعل الله أرضها أرضا حراما. هذه الأحداث الإجرامية التي تعرضت لها المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة تأتي متزامنة مع الحملة التي تشنها أوساط صهيونية، ومن اليمين المسيحي المتطرف بالولايات المتحدةالأمريكية على المملكة العربية السعودية، واتهامها من لدن تلك الأوساط بكونها توفر تربة خصبة للإرهاب والتشكيك في أهداف العمل الخيري والاجتماعي لعدة مؤسسات سعودية، وذلك كله من أجل الضغط عليها من أجل محاصرة التعليم الديني وتكميم أفواه العلماء، وفرض إصلاحات قسرية وإخضاعها لإملاءات خارجية وتقليص تضامنها مع الشعوب الإسلامية ومع القضية الفلسطينية على الخصوص، وتطرح سؤالا عريضا حول سر هذا التزامن في استهداف المملكة من الداخل ومن الخارج. العمليات الإرهابية المذكورة مدانة شرعا وعقلا، كما لا يمكن بحال أن تعطى أية شرعية سياسية، أو أن تفهم على أنها تعبير عن آفاق أو أهداف إصلاحية، فالذين خططوا لها والذين نفذوها أناس يعملون في الظلام، ولا يعرف لهم عنوان أو لافتة، كما لم تعرف لهم مطالب أو أجندة سياسية، لقد اختاروا مسلكا عدميا يقود إلى الفتنة والقتل الأعمى واستهداف الأبرياء دون جريرة ارتكبوها أو ذنب اقترفوه، ومن ثم فإنهم قد تنكبوا عن الطريق الصحيح في الإصلاح الذي له رجاله من أهل الوسطية والاعتدال في المملكة العربية السعودية، وهو الإصلاح الذي يبقى بعد ذلك كله وقبله شأنا داخليا يتولاه أبناء الوطن الغيورون بعيدا عن الإملاءات والاشتراطات الخارجية. والأخطر من ذلك أيضا أن الذين قاموا بهذه العمليات بعد أن لم يراعوا حرمة النفس البشرية التي حرم الله قتلها إلا بالحق لم يراعوا حرمة البيت الحرام وأرض الله الحرام وشهر رمضان، شهر الصيام والقيام . كما لم يراعوا أن تلك البلاد هي مهبط الوحي وأنها مهوى أفئدة المسلمين في العالم، الذين يأتون إليها من كل فج عميق ليذكروا الله في أيام معدودات، ويشهدوا كل سنة منافع لهم في موسم الحج الذي عز نظيره، والذي ما فتئ يشكل مصدر غيظ وحسد من لدن عدة أوساط صهيونية ومتصهينة حاقدة على الإسلام. لذلك استحق هذا العمل الإجرامي الإدانة المطلقة، على اعتبار أنه عمل لا يمس المملكة العربية السعودية فحسب واستقرارها السياسي والاجتماعي، وإنما يمس مشاعر المسلمين وتعلقهم بأرض الحرمين، التي وجب أن تبقى بلدا آمنا مطمئنا، ومن ثم فإن الذين خططوا لهذا العمل ونفذوه مفسدون في الأرض ومتآمرون من حيث يشعرون أو لا يشعرون، ومسيئون من حيث يشعرون أو لا يشعرون، ليس فقط إلى المملكة العربية السعودية، وإنما إلى الإسلام وحرماته الزمنية والمكانية. إنه عمل بقدر ما قد يسر الحاقدين والمتربصين بالإسلام والمسلمين، المغتاطين من أن الكعبة التي هي حرم آمن وقبلة يولي شطرها مليار ونصف مليار مسلم في العالم، وهي مكان لمؤتمر سنوي يلتقي فيه الأبيض والأسود والأحمر والمرأة والرجل والكبير والصغير، توحدهم التلبية ويساوي بينهم الخضوع لله، لا يمكن إلا أن تتفطر له ألما قلوب المؤمنين، ويحزن له المسلمون، ودون شك فإنه يندرج في إطار مؤامرة تخططها أيادي حاقدة وتنفذها أيادي مسخرة أو مخترقة.