الموقف العقلاني والعدمي : نموذج كلية الطب للرباط    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    كيوسك الخميس | القطاع السياحي يواصل تحطيم أرقام قياسية    لأول مرة.. شركة ريانير الإيرلندية تطلق خطوط جوية للصحراء المغربية    مطالب برلمانية بالتحقيق في "الغشّ في إنتاج زيت الزّيتون"    جلالة الملك يقرر إحداث تحول جديد في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج    كامالا هاريس تعترف بالخسارة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أمام ترامب وتتعهد بانتقال سلمي للسلطة    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    "الحرمان من الزيادة في الأجور" يشل المستشفيات العمومية ليومين    300 شركة ألمانية مستقرة بالمغرب وخلقت حوالي 35 ألف فرصة عمل    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    رئيس جهة طنجة يقود تدشين مشاريع بنية تحتية لتعزيز التنمية بإقليم العرائش        300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا .. والوزارة تقترح هذه الخطة    انخفاض عدد المناصب المحدثة للتعليم العالي إلى 1759 منصبا في مالية 2025    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبرمج تسهيلات مهمة للمتقاعدين    ماهي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    السعودية: ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار    رئيس جماعة ميضار يترأس حفل الإنصات للخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة    اختتام فعاليات جمعية صدى الشمال في النسخة الثانية من مهرجان الطفل    هذه انعكاسات عودة ترامب إلى البيت الأبيض على قضية الصحراء المغربية‬    "خطاب الحسم".. الملك يوجه رسائل قوية إلى خصوم الوحدة الترابية للمغرب    عامل سيدي إفني يترأس مجموعة من الأنشطة احتفاء بعيد المسيرة الخضراء        الجمعية والرابطة يتفقان على المضي قدما في معركة حماية وصون استقلالية التنظيم الذاتي للصحافيين الرياضيين    الإصابة تبعد تشواميني عن ريال مدريد نحو شهر    الملك محمد السادس يتخذ قرارات جديدة خدمة لمصالح الجالية المغربية المقيمة بالخارج        إضرابات الإطفائيين الفرنسيين تلغي رحلات بين البيضاء ونانت    الجمهوريون يقتربون من السيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي    أسود القاعة ينهزمون أمام نظيره الفرنسي بثلاثة أهداف لهدف    شركة "إنيرجين" تتجه لإيقاف أعمال التنقيب عن الغاز بالعرائش    انطلاق مهرجان وجدة الدولي للفيلم المغاربي في نسخته 13    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان            انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    ابتسام بطمة ترد على شائعات العفو الملكي    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    نتنياهو: ترامب يحقق "عودة تاريخية"    بعد احتفاء ترامب بالفوز في الانتخابات .. صعود الدولار يخفض أسعار النفط    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    "فيفا" يلزم الوداد والأندية بالمشاركة بأقوى اللوائح في "موندياليتو 2025"    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    الانتخابات الأمريكية..ترامب يتقدم على هاريس في ولاية بنسلفانيا            أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تلوح إسبانيا بشن حرب على المغرب؟
نشر في التجديد يوم 23 - 10 - 2003

أثنار يتبنى نظرية الحرب الوقائية ويسير على خطى بوش في المتوسط
في الوقت الذي يستعد المغرب للقمة التي ستجمع بين رئيس الوزراء الإسباني والوزير الأول المغربي في الأسبوع الأول من شهر دجنبر المقبل للتباحث حول الملفات العالقة التي ما تزال تسمم أجواء العلاقة بين البلدين، فإن حكومة مدريد تبدو وكأنها غير معنية تماما، ولا ترى في المغرب سوى امتدادا متوسطيا للتهديدات التي تشكلها المنطقة على أمن أوروبا، معتبرة نفسها وكيل حراسة على بوابة القارة العجوز.
ففي تطور خطير، دافع رئيس الحكومة الإسبانية خوسي ماريا أثنار يوم الإثنين الماضي عما أسماه العمليات ذات الطابع الاستباقي، معتبرا أن ذلك سيكون أمرا ناجعا فيالحرب على الإرهاب، وقال إن الإرهاب أصبح يتخذ أشكالا جديدة تتطلب فهما جديدا لقضايا الأمن الداخلي والخارجي دون التقيد بالحدود الجغرافية. وفي الخطاب الذي ألقاه في المؤسسة العليا لدراسات الدفاع حيث أشرف على عدة تغييرات في صفوف الجيش والحرس المدني، دافع رئيس الحزب الشعبي الحاكم عن رفع ميزانية الدفاع لحكومته، وقال إن روسيا مستعدة للانضمام إلى هذا المخطط في حال أصبح هناك خطر عسكري وشيك. وفي معرض حديثه عن التهديدات القديمة والجديدة التي أصبح يشكلها الإرهاب العالمي، استدل على التهديدات القديمة بقضية جزيرة ليلى مع المغرب في يوليوز ,2002 وقال إن تلك القضية أيقظتنا بشكل مفاجئ، عندما تم احتلال الجزيرة ووجد جنودنا أنفسهم لأول مرة منذ عدة سنوات مضطرين للتصرف وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل ذلك!!.
مثل هذه التصريحات المسيئة للمغرب من طرف رئيس الحكومة الإسبانية تدفع إلى الاعتقاد بأن مدريد لم تتخل عن الهاجس الأمني الذي يحكم سياستها إزاء المغرب، بالرغم من أن مياها كثيرة جرت تحت الجسر منذ أن تفجرت تلك القضية في العام الماضي إثر عملية إنزال عسكري استفزازي لقوات الجيش الإسباني على الجزيرة المغربية، كادت تتحول إلى مواجهة عسكرية لولا التعقل المغربي والتدخل الأمريكي الذي أنقذ الموقف، غير أن ذلك الإنزال كشف بالملموس الخلفيات الاستعمارية التي ما تزال حاضرة في الذهنية الحاكمة في إسبانيا، وأساسا داخل الحزب الشعبي اليميني برئاسة أثنار الطامح إلى إظهار إسبانيا بمظهر القوة العسكرية القادرة على بسط هيمنتها في الضفة الجنوبية للمتوسط.
المهمة الأمريكية في المتوسط!
ولا شك أن تصريحات أثنار تندرج ضمن التوجهات المتطرفة لحزبه الشعبي في شتى المواقف، سواء منها قضية الهجرة أو الاندماج الأوروبي أو الأزمات الإقليمية والدولية التي يتميز فيها الموقف الإسباني بانحيازه الكبير إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن اعتماد رئيس الوزراء الإسباني نظرية الحرب الوقائية التي تتخذها الإدارة الأمريكية ذريعة لتوجيه ضربات عسكرية إلى أعدائها عبر العالم يعتبر أكبر عربون على وقوف مدريد إلى جانب واشنطن، وهذه المرة ليس من موقع التبعية للمواقف الأمريكية ولكن من موقع نقل النموذج الأمريكي إلى منطقة البحر المتوسط، لتكون إسبانيا بذلك اليد الضاربة للولايات المتحدة في المنطقة. فإسبانيا تسعى إلى لعب دور إستراتيجي أكبر، مما تؤهلها له مكانتها داخل حظيرة الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال الاستناد على الدعم الأمريكي لها، خصوصا وأن واشنطن عازمة على تكريس حضورها في المنطقة المتوسطية والمغرب العربي، ليس فقط منافسة لأوروبا المتطلعة إلى التوسع وفرض ثقلها على المسرح الدولي، ولكن أيضا لما تعتبره الإدارة الأمريكية خطر الإرهاب العالمي. وقد قال أثنار في التصريحات المشار إليها نفسها بأن هناك تحولات
عالمية جديدة، وأن موقع إسبانيا في هذه التحولات ليس سيئا، لأن لها مسؤوليات عليها القيام بها، محددا طبيعة هذه المسؤوليات الجديدة في التصدي للإرهاب في المتوسط.
ويقول مسؤولون إسبان بأنالمعامل الأمريكي في الوعي السياسي للحزب الإسباني الحاكم يرسم إلى حد كبير التوجهات السياسية والإستراتيجية والأمنية الكبرى لرئيس الوزراء ماريا أثنار، وأن الأمر يتخطى التوجه الحزبي إلى الميول الشخصية لأثنار نفسه، فقد ربط هذا الأخير مصيره بمصير الرئيس الأمريكي حتى أن الصحف المعارضة أطلقت على الحرب في العراق قبيل اندلاعها في العشرين من شهر مارس الماضي تسمية حرب بوش وأثنار، كما أطلقت على هذا الأخير اسم الناطق الرسمي لبوش، بسبب دفاعه المستميت عن المبررات التي ساقها الرئيس الأمريكي لتسويغ حربه على العراق، بل إن بعض الأقلام الإسبانية ربطت بين التوجهات اليمينية المتطرفة لكل من الحزبين الحاكمين، الجمهوري في الولايات المتحدة والشعبي في إسبانيا، وتلاقيهما في النزعة القومية المتطرفة والتوجس من الأجانب، والتركيز على زيادة الإنفاق العسكري، والموقف من الدور الأوروبي في ظل النظام العالمي الجديد بقيادة الولايات المتحدة، ونضيف إلى ذلك كراهية الإسلام والمسلمين.
وبالرغم من أن مواقف رئيس الوزراء الإسباني تجلب عليه سخط المعارضة الداخلية والرأي العام حيث تدنت شعبيته كثيرا بسبب مواقفه من حرب العراق وموالاته للتحالف الأمريكي البريطاني، إلا أن أثنار لا يبدو مهتما بالداخل بقدر ما يريد التقرب إلى واشنطن أكثر، إذ أنه صرح في أكثر من مناسبة بأنه سيعتزل السياسة بعد انتهاء ولايته عام 2004 ولن يتقدم للانتخابات، وهو يريد مكافأة أمريكية بعد اعتزاله لدعم ترشيحه لرئاسة الأمم المتحدة. ويقول المعلقون الإسبان أن التحول في سياسة أثنار حدث خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي في قمة تكساس في 25 فبراير، قبل أسبوعين من الحرب، وتأكد في القمة الثلاثية في جزر الآزور قبل ثلاثة أيام من الحرب، والتي جمعته إلى بوش وطوني بلير رئيس الوزراء البريطاني وخرج منها القرار النهائي بشن الحرب، حيث تلقى أثنار وعودا من الرئيس الأمريكي بدعمه عسكريا واقتصاديا مقابل تفاهم إسباني بريطاني حول تقاسم صخرة جبل طارق.
هل المغرب بات مستهدفا؟
إذا وضعنا في الاعتبار أن لإسبانيا أكثر من ملف غير مطوي مع المغرب، على رأسها ملف المدينتين المغربيتين المحتلتين سبتة ومليلية والجزر القريبة، جاز النظر إلى تهديدات حكومة مدريد على أنها موجهة بالدرجة الأولى إلى هذا الأخير؛ فالإشارة إلى زيادة الإنفاق العسكري، وتبني مفهوم الحرب الوقائية، والاستدلال على الأشكال الجديدة لالإرهاب بحادث جزيرة ليلى المغربية، كلها مؤشرات تقول بأن المغرب بات مستهدفا أو على الأقل واقعا تحت سيف الابتزاز الإسباني، إذ أن أي دور إستراتيجي لإسبانيا في المتوسط يرتبط بالضرورة بعلاقتها مع المغرب ويحدد طبيعتها.
والملاحظ أن تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية تزامنت في التوقيت نفسه مع تصريحات أدلى بها الملك الإسباني خوان كارلوس الذي كان في زيارة لسوريا يوم الإثنين الماضي، حيث قال أثناء حفل العشاء الذي أعده الرئيس السوري بشار الأسد على شرفه بأنه لا حياد مع الإرهاب، وأن الإرهاب لم يعد يعرف حدودا جغرافية معينة، وذهبت بعض الصحف الإسبانية إلى القول بأن زيارة ملك إسبانيا تدخل في إطار رغبة إسبانيا في لعب دور محوري في منطقة المتوسط، وقالت لاراثون يوم الثلاثاء الماضي بأن إسبانيا وسوريا تشتركان في كون جزء من أراضيهما يوجد تحت الاحتلال، صخرة جبل طارق ومرتفعات الجولان السورية. كما أن تلك التصريحات تزامنت أيضا مع انعقاد قمة لابون في فرنسا حول قضية الهجرة يومي الأحد والإثنين الماضيين، بين إسبانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، وهي الدول الأوروبية الخمس التي تشكل جزء من مجموعة (5+5) الأوروبية المغاربية، حيث كانت إسبانيا وإيطاليا الأكثر ميلا إلى وضع تشريعات متشددة ضد الهجرة من البلدان المتوسطية، وعلى رأسها المغرب الذي تتهمه مدريد بالتساهل مع هذه الظاهرة وتجعل ذلك وسيلة للضغط عليه لتحقيق تنازلات لصالحها في
ملفات أكثر حساسية بالنسبة لسيادة المغرب.
إدريس الكنبوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.