من المتوقع أن تعرف العلاقات المغربية الإسبانية في غضون المرحلة السياسية الجديدة التي ستدشنها إسبانيا ابتداء من 14 مارس المقبل، موعد إجراء الانتخابات التشريعية الذي قرر خلال اللقاء الأخير لمجلس الوزراء الإسباني نهاية الأسبوع الماضي، تحسنا ملموسا قد تخفف من حدة وحساسية الملفات والقضايا العالقة التي تهم المستقبل المشترك للبلدين. وتتميز الانتخابات التشريعية الإسبانية المقبلة بانسحاب رئيس الوزراء الحالي خوسي ماريا أثنار من الحياة السياسية الداخلية لإسبانيا، بعد قضائه لولايتين رئاسيتين متتاليتين، وتطلعه لمناصب دولية كأمين عام للأمم المتحدة خلفا لكوفي عنان، جراء انخراطه الكلي واستجابته الكاملة لإدارة واشنطن في الحرب على العراق إلى جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية. كما تتميز الانتخابات نفسها بالصراع المنتظر حول رئاسة الوزراء بين ماريانو راخوي عن الحزب الشعبي وخوسي لويس رودريغيث سبتيرو عن الحزب الاشتراكي. وأفاد حسين مجذوبي، الباحث المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية في مقال له في جريدة العلم، أن استطلاعات الرأي الإسباني الحالية تمنح تقدما للحزب الشعبي في الانتخابات التشريعية المقبلة، لما يتمتع به ماريانو راخوي الذي يتولى حاليا منصب النائب الأول لرئيس الحكومة الحالية من سمعة طيبة أمام الرأي العام نظرا لاعتدال مواقفه. وذهب مجذوبي في مقال له إلى أن هذه الانتخابات ذات أهمية كبيرة بالنسبة للمغرب، معللا ذلك بكون سبتيرو، في حالة فوزه كرئيس للوزراء فإنه سيتبع السياسة نفسها التي كان قد أرساها رئيس الوزراء السابق فيليبي كونزاليس، الذي تولى مهمة رئيس الوزراء على مدى أربع ولايات تشريعية، تجاه المغرب والتي كانت قائمة على الحوار والمفاوضات السرية إبان الأزمات وتجنب كل ما يمكن أن يشنج العلاقات المغربية الإسبانية. كما أن راخوي من شأنه أن يتخلى عن سياسة رئيس الوزراء أثنار المتعالية، لما له من آراء خاصة، منها مثلا ما يتعلق بملف الهجرة السرية والشرعية معا، تراعي الجانب الإنساني في الظاهرة وتتجاوز الاقتصار على الحلول الأمنية التي طبعت سياسة أثنار في هذه الملف كما في غيره من الملفات الأخرى.(الصحراء المغربية والصيد البحري...) وفي موضوع العلاقات العربية الإسبانية، ومنها العلاقات المغربية الإسبانية تشير المعطيات والأحداث التي عرفتها السنة الماضية إلى أن هذه العلاقات تأثرت سلبا بسبب الموقف الإسباني السلبي من القضية العراقية، بعدما كانت تتمتع بتعاطف متين في العالم العربي والإسلامي، وقبله الاحتلال الإسباني لجزيرة تورة المغربية. وأمام كل هذه الملفات والحصيلة الثقيلة التي سيخلفها أثنار لمن سيأتي بعده، من المنتظر أن تعمل السياسة الخارجية الإسبانية المقبلة بزعامة راخوي أو سبتيرو على مواصلة مسار المصالحة الدبلوماسية مع المغرب التي ابتدأت عمليا وبنجاح في قمة مراكش الأخيرة على مستوى الوزير الأول إدريس جطو ورئيس الوزراء خوسي ماريا أثنار يومي ثامن وتاسع دجنبر الماضي. عبد الرحيم اليوسفي 5