حل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في ثاني زيارة له إلى إسبانيا أول أمس الإثنين تستمر إلى حدود اليوم الأربعاء. وينتظر أن تسفر الزيارة عن توقيع اتفاقية صداقة وتعاون وحسن جوار بين الجزائروإسبانيا شبيهة بتلك التي وقعتها الرباطومدريد سنة 1991 أوتلك التي وقعتها مدريد وتونس سنة 1995. وكان مجلس الوزراء الإسباني قد صادق الجمعة الماضية على هذه الاتفاقية التي تنص على تقوية العلاقات بين إسبانياوالجزائر في المجال الاقتصادي والمالي والقضائي بالإضافة إلى الدفاع ومكافحة الإرهاب. ويعلق رجال الأعمال لكل من الجزائرومدريد آمالا على هذه الزيارة التي ستدشن تعاونا اقتصاديا غير مسبوق من خلال المصادقة على إنشاء خط نقل الغاز مباشرة من وهران غرب الجزائر إلى ألمرية جنوب شرق إسبانيا، والتخلي مستقبلا وبشكل تدريجي على الخط الذي ينقل البترول الجزائري عبر التراب المغربي. وتشير كل المعطيات المتوفرة إلى أن المحور الإسباني الجزائري سيزداد قوة ومتانة على حساب المصالح المغربية، ذلك أن إسبانيا وابتداء من يناير 3002 ستصبح عضوا غير قار بمجلس الأمن، وما سيفرزه ذلك من انعكاسات إيجابية على مصالح البلدين معا. ولئن كانت جل المصادر الإسبانية تستبعد أي تأثير لهذا التحالف الإسباني الجزائري على المصالح المغربية فإن العديد من المراقبين أكدوا أن التوقيت الذي اختاره البلدان للمصادقة على هذه الاتفاقية بينهما يعتبر إشارة إلى ظهور محور جديد في المنطقة على حساب المغرب ومصالحه، خاصة وأن القواسم المشتركة للجزائر وإسبانيا في علاقاتهما مع المغرب متعددة على قائمتها مناهضة وحدة المغرب الترابية والموقف السلبي الثابت نحوها بالإضافة إلى نفس الموقف حول سبتة ومليلية، ذلك أن الجزائر كانت هي الدولة العربية الوحيدة التي ساندت إسبانيا في احتلالها لجزيرة تورة المغربية في يوليوز الماضي. ومن القواسم المشتركة بين البلدين الأخرى على حساب المغرب ومصالحه أن التحالف الجديد بين الجزائروإسبانيا إضعاف لمحور الرباط باريز الذي ترى فيه إسبانيا منافسة لمصالحها بالمغرب، ومع ذلك فإن المعطيات تشير إلى أن حجم الاستثمارات الإسبانية بالمغرب هو أكبر من الذي بالجزائر ولذلك مبررات من أهمها الاستقرار السياسي للرباط، على خلاف ما تعيشه الجزائر من اضطرابات وتوترات مستمرة. وقال محمد الإدريسي رئيس الجمعية الإسبانية المغربية للصداقة والتعاون في اتصال هاتفي به إن الدبلوماسية المغربية لما تركت المجال فارغا في العلاقة بين الرباطومدريد بسبب ما يعرفه البلدان عملت إسبانيا على ملء هذا الفراغ تحت قاعدة عدو عدوي صديقي، وعليه يقول محمد الإدريسي لما كانت الجزائر من أشد أعداء المغرب في وحدته الترابية كان منتظرا أن تتجه إسبانيا في اتجاه آخر لتفعيل موقفها السلبي والمستفز للمغرب ولم تجد أفضل من الجزائر لتكريس هذه السياسة. وقال محمد الإدريسي إن الجزائر وعلى مدى التاريخ لم تكن تنتظر قط أن تصبح في يوم من الأيام محاورا أولا لإسبانيا في شمال افريقيا، خاصة وقد كان المغرب إلى عهد قريب، وهو محاور أول لفرنسا بالمنطقة، محافظا على علاقات التوازن مع الجزائر وعلى الأسبقية والاعتبار مع إسبانيا. وحول هذه الاتفاقية التي ستوقعها الجزائروإسبانيا ومآلاتها في المستقبل وانعكاساتها على المغرب قال محمد الإدريسي إن إمكانية انتعاش العلاقة بين الجزائرومدريد تزداد اتساعا وتحسنا على قدر الاستمرار والحفاظ على العلاقة المتأزمة بين الرباطومدريد. وأن الرئيس بوتفليقة في سعيه لإظهار الجزائر القوة الكبرى في الشمال الإفريقي وليس المغرب، يفرض على الدبلوماسية المغربية مزيدا من النشاط والفعالية واليقظة لاستدراك الأمر. عبد الرحمان الخالدي