أجرى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أمس بمدريد محادثات على انفراد مع رئيس الحكومة الاسبانية خوسي لويس رودريغيز ثباطيرو. و يأتي هذا اللقاء في اطار زيارة رسمية يترأس خلالها بوتقليقة وثاباطيرو الاجتماع الرابع للجنة العليا المشتركة الإسبانية الجزائرية . و يأتي هذا اللقاء عقب ذلك الذي انعقد بالجزائر في12 دجنبر2006 و يندرج في اطار معاهدة الصداقة و التعاون و حسن الجوار التي وقع عليها البلدان في أكتوبر2002 بمدريد. وتوجد الملفات الإقتصادية على رأس المحادثات بين الطرفين حيث تعتبر الجزائر أول مزود لإسبانيا بالغاز ، كما أن إسبانيا تعتبرأول مستتمر بهذا البلد المغاربي بنسبة 30 بالمائة مقارنة مع دول الاتحاد الاوروبي وثاني اكبر زبون بنسبة 13,63 بالمائة الاتحاد الاشتراكي وضعت الجزائرواسبانيا يوم امس ملفات علاقاتهما الثنائية على طاولة الاجتماع الرابع رفيع المستوى ، في إطار اللجنة العليا المشتركة ، الذي احتضنته مدريد وترأسه كل من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الحكومة الاسبانية خوسي لويس رودريغيز ثباطيرو . وأبرز هذه الملفات تهم المجالين الاقتصادي والامني بالرغم من الجزائر وصحافتها زجت خلال يوم امس بموضوع الصحراء المغربية ضمن اولويات الاجتماع. لقاء مدريد الذي يأتي في وقت ترأس فيه اسبانيا الاتحاد الاوروبي ابتداء من فاتح يناير ولمدة ستة اشهر ، له إطار مرجعي يتمثل في معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار التي وقعها البلدان في 8 اكتوبر من سنة 2002 بمدريد بمناسبة الزيارة التي قام بها بوتفليقة إلى إسبانيا، وهو في ولايته الرئاسية الاولى وقد عقد الاجتماع الاول رفيع المستوى بالجزائر سنة2003 و الثاني بمدريد سنة2005 ثم الاجتماع الثالث مجددا في الجزائر سنة2006 . أربع سنوات بعد ذلك اي في 12 دجنبر 2006 عقد الطرفان قمة بالعاصمة الجزائرية تمخضت عنها بالاساس اتفاقية حول تسليم المتهمين بين البلدين في سياق تعزيز التعاون القضائي كامتداد لاتفاقية التعاون في الميدان الجنائي والمجال المدني و التجاري اللذين تم إبراهما على التوالي في سنتي 2004 و 2005 . ويحتل الاقتصاد الحيز الاكبر في الاجتماع ، فالبلدان تربطهما علاقات طاقوية مهمة ، اذ تمون الجزائرإسبانيا ب 35 بالمائة تقريبا من حاجياتها من الغاز الطبيعي ، في الوقت الذي يجري الاستعداد لإطلاق أشغال أنبوب «ميدغاز» الذي يربطهما مباشرة عبر البحر المتوسط . وقد فتحت العلاقات بين البلدين المجال لمقاولات إسبانيا من أجل الاستثمار بالجزائر في قطاعات عديدة ، مثل الأشغال العمومية و النقل و المياه و الفلاحة والبناء ، لتنمو معها المبادلات التجارية ، حيث أصبحت مدريد رابع مصدر ، وأول مستتمر بهذا البلد المغاربي بنسبة 30 بالمائة مقارنة مع دول الاتحاد الاوروبي وثاني اكبر زبون بنسبة 13,63 بالمائة الاجتماع الرابع للجنة العليا المشتركة ، الإسبانية-الجزائرية ، يأتي في ظل تطورات جديدة عرفتها العلاقات بين البلدين والمنطقة بشكل عام ، وبعد حوالي أربع سنوات من آخر اجتماع لهذا الإطار المشترك . وحسب مصادر صحفية إسبانية ، فإن تعثر إجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين طيلة هذه المدة يعود بسبب الخلاف الذي وقع بين شركتي «ريبسول» و«غاز ناتورال» الإسبانيين للبترول والغاز والشركة الوطنية الجزائرية «سوماطراك» ، وهو الخلاف الذي وجد طريقه إلى الحل في نونبر الماضي . والحقيقة ، فإن ملف الغاز ، يعتبر لبنة أساسية في العلاقات الثنائية بين البلدين ، رغم اختلاف وجهات النظر بينهما بهذا الخصوص . فبالعودة إلى الأشهر الأولى التي أعقبت توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون الإسبانية الجزائرية ، في عهد حكومة اليمين بقيادة خوسي ماريا أثنار ، تم التلويح جزائريا بأن الغاز هو أيضا اتفاق سياسي بغض النظر عن كونه اقتصادي ، وذلك في محاولة جزائرية يائسة لجر إسبانيا ، التي كانت في خلاف حاد مع المغرب على عدة مستويات ، لمساندة موقفها المناوئ لمغربية الصحراء ، وهو ما سعت الجزائر إلى طرحه بنفس الرؤية مع فرنسا لكنها لم تنجح في ذلك . غير أن صعود الاشتراكيين إلى قصر « لامونكلوا » أعاد هذا الملف إلى حجمه الطبيعي ، أي الاقتصادي ، وهو ربما ما يفسر حدة الخلاف بين الطرفين في السنوات الأخيرة ، ومن بين ذلك منح الجزائر مشروع « غازي الطويل » لسوناطراك عوض الشركتين الإسبانيتين . وإلى جانب الملفات الإقتصادية ، التي تحت عنوانها تنعقد الدورة الرابعة للجنة العليا المشتركة، تحتل ملفات الإرهاب والهجرة السرية حيزا هاما من المباحثات . وفي هذا الإطار ترى إسبانيا أن عدد المهاجرين السريين الذين يصلون إليها انطلاقا من الجزائر ارتفع بشكل ملموس في السنوات الأخيرة ، وهو ما دفع مدريد إلى مطالبة الجزائر ببذل جهود أكبر لمراقبة حدودها ، وقبول المهاجرين السريين الذين ترحلهم إسبانيا ، مقابل مرونة إسبانية في منح التأشيرات السياحية للمواطنين الجزائريين . من جهة أخرى تعتبر إسبانيا والدول الغربية عموما ، أن التحدي الأكبر الذي يواجهها هو تنامي المجموعات الإرهابية ، القاعدة بالخصوص ، التي تتخد من منطقة الساحل معقلا لنشاطاتها الإجرامية ، بما في ذلك استقطاب وتدريب أتباعها ، وتهريب المخدرات واختطاف الأجانب لتمويل عملياتها . وفي هذا الإطار تطالب إسبانياالجزائر ببذل جهود أكبر لمواجهة هذه المجموعات ، بالإضافة إلى المساعدة على تحرير الرهائن الإسبان الثلاثة الذين اختطفتهم القاعدة الشهر الماضي أما بخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية الذي تصر الجزائر على جعله على رأس أولويات لقاءاتها الرسمية مع إسبانيا ، في حين أنه يندرج كنقطة من نقط جدول الأعمال فقط ، فقد ذكرت مصادر صحفية إسبانية استنادا إلى مسؤولين برئاسة الحكومة الإسبانية أن موقف مدريد من هذا النزاع المفتعل لم يطرأ عليه أي تغيير ، أي الحل المتوافق عليه في إطار الأممالمتحدة ، كما أن إسبانيا تعتبر أن إيجاد حل لهذا النزاع أصبحت تفرضه التطورات الأخيرة ، سواء لمواجهة تحدي الإرهاب ، الهجرة السرية أو الشراكة المتعددة الأطراف ، وبالتالي فإن تجاوز الخلاف بين المغرب والجزائر بشأن الصحراء أمر حيوي لتفعيل اتحاد المغرب العربي وضمان استقرار المنطقة .