وسط تخليد المسلمين عبر العالم للذكرى الثالثة لانتفاضة الأقصى المباركة، ووسط اهتمام جميع الصحف-بما فيها الدولية-بالانتفاضة وتخصيصها لملفات تتناول جميع الجوانب المرتبطة بها، أبت جريدة الأحداث المغربية إلا أن تخصص مقالا في الصفحة المخصصة لبرامج التلفزة والإذاعة في عددها الصادر يوم التاسع والعشرين من شهر شتنبر الماضي، يتناول آخر الأخبار المرتبطة بمن أسمته نجم السينما الإسرائيلية عاموس غيتاي، وأفلامه المقترحة خلال الفترة المقبلة. واسترسل صاحب المقال في الحديث عن النجم الصهيوني موضحا في هذا الصدد أن غيتاي يحاول في أفلامه أن يضع بلده أمام كل تناقضاته. وطبعا بلد غيتاي هذا هي فلسطينالمحتلة، أو كما يحلو للكثيرين تسميتها بإسرائيل التي قامت وتقوم على أشلاء ما لا يعد ولا يحصى من المسلمين عبر العالم بما فيهم مغاربة، والذين ضحوا بأنفسهم لأجل مقاومة الاحتلال الحافل تاريخه بالجرائم والمجازر في حق العرب والمسلمين عامة. ويحاول صاحب المقال أن يبرز غيتاي هذا في صورة البطل الذي أفلت بصعوبة من الموت في حرب كيبور! ولمن لا يعرف فحرب كيبور هي حرب التحرير التي أعادت للعرب-على الأقل-بعض أمجادهم في مواجهة العدو الصهيوني عام 1973, وما يزال الصهاينة يحتفلون بيوم كيبور في السادس من أكتوبر من كل سنة، حيث يلتقون في هذا اليوم لمدارسة ما وقع عام 1973, ليخلصوا بالعبرة والنتائج لتفادي الأخطاء التي وقعت حتى لا تتكرر في مواجهة مقبلة مع العرب. ودور الفنانين الصهاينة في هذا السياق هو جلب التعاطف الدولي نحوهم بأفلامهم التي تظهرهم في صورة المجتمع المتفتح الحداثي المتامسك والمظلوم، ودور بعض وسائل الإعلام خومنها الأحداث اللامغربية-الترويج لهم باسم الانفتاح على الآخر. ويصر كاتب المقال على التذكير بموعد بث بعض أفلام النجم الصهيوني التي يصفها بالجميلة عبر قناة معينة-من حسن الحظ أنها ليسب مغربية-حتى يتمكن الناس من مشاهدتها، ومن ثم الانفتاح على الآخر حتى لو كان هذا الآخر صهيونيا، ليتم ربط قناة اتصال إعلامي وفني مع الإخوان في تل أبيب لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ولجم شارون بعملية السلام ووقف غاراته اليومية على الشعب الفلسطيني الأعزل، ومن ثم يتحقق الأمن والسلام أخيرا في الشرق الأوسط.. وأكيد أن بعض الفضل في ذلك يعود لجريدة الأحداث اللامغربية التي تؤكد عبر المقال المذكور على موعد بث أفلام النجم الصهيوني بالتوقيت المغربي، في دعوة صريحة للمغاربة لينفضوا من حول قناتيهما المحترمتين، ويتحلقوا حول القناة التي ستبث أفلام غيتاي ليتمكنوا بذلك من معرفة تناقضات بلده هذا المخرج العبقري التي أعود فأذكّر مرة أخرى أنها فلسطينالمحتلة. وأكثر ما يعجب أصحاب الأحداث اللامغربية في أحد أفلام غيتاي هو أنه يحلل مسألة الأصولية الدينية بطريقة جد متميزة، أي أن موقف أصحاب الأحداث من المسألة الأصولية الدينية عامة يتفق في إطاره العام مع الموقف الصهيوني، وهو ما يوضح حقيقة بعض المواقف التي تتخذها الأحداث من حين لآخر ! وفي حقيقة الأمر، فالمقال المذكور ليست له أية قيمة من الناحية المعرفية أو حتى المهنية، ولكن أهميته تكمن في أنه يحاول أن يؤسس لمنحى جديد يريد أصحاب الأحداث اللامغربية من الصحافة المغربية أن تتبناه باسم الانفتاح على الآخر، وهو التطبيع مع الكيان الصهيوني على الصعيد الثقافي والإعلامي إضافة إلى الصعيد السياسي بطبيعة الحال. وهنا يبرز خطر مثل هذا الدعوات المشبوهة خاصة في هذا التوقيت بالضبط، والذي يتميز بحصار تام وقتل وتشريد يومي للشعب الفلسطيني البطل على يد الآلة الصهيونية المتوحشة والمتحالفين معها (واشنطن والاتحاد الأوروبي خاصة)، مقابل تخاذل عربي وإسلامي واضح. وإذا كانت الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني ممثلة في رئيسها السيد محمد بنجلون الأندلسي قد أدانت في السابق اعتزام المعهد الفرنسي بطنجة (ومراكش) أيضا عرض فيلم كيدما لنفس النجم الصهيوني(يتحدث الفيلم عن تضحيات الصهاينة في حرب 1948 التي يسمونها حرب التحرير، وهو أحد الأفلام التي مجدتها الأحداث ودعت إلى مشاهدتها)، فنحن نتساءل عن رد فعل الجمعية حول ما تحاول جريدة الأحداث اللامغربية التأسيس له (التطبيع الإعلامي والثقافي مع الكيان الصهيوني)، خاصة وأن السيد الأندلسي سبق وأن عبر عن موقفه اتجاه غيتاي في تصريح له لصحيفة الشرق الأوسط بصراحة حينما اعتبره شخصية معروفة بضلوعها في توظيف السينما في خدمة الدعاية الصهيونية (الشرق الأوسط 10 دجنبر 2002). لحبيب الجرادي