قال أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء إن تنظيم ندوة حول مقاصد الشريعة يأتي للإجابة على جملة من الأسئلة الحارقة والمؤرقة التي تحتاج لأن يكون للإسلام كلمة بخصوصها، وعدد عبادي خلال كلمة أمس الثلاثاء في افتتاح أشغال ندوة دولية في موضوع «مقاصد الشريعة والسياق الكوني المعاصر» تنظمها الرابطة (عَدد) بعض هذه الأسئلة الحارقة المرتبطة بعدد من القضايا من قبيل الاحتباس الحراري والوضع البيئي لكوكب الأرض وموضوع العدالة والحقوق في عالمنا المعاصر وقضية التنمية المستدامة والقيم التي ينبغي أن تؤطر الإنسان في كسبه حتى يكون منتجا لا مدمرا وأخيرا قضية القذف التواصلي والكم الهائل من المعلومات التي يتلقاها الإنسان، وأشار عبادي إلى أن مشيرا الى الحيرة التي خلقتها التساؤلات حول كيفية مواكبة هذا التطور الذي انفلت بسياقه ووتيرته السريعة عن التأطير القيمي، ومواكبته بتأطير قيمي مرن منفتح لا يجعل الحدود حاجزة وإنما يجعلها حامية. من جهته تحدث رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة اللبنانية عن أربع تحديات تتعلق جميعها بالقيم ومقاصد الشريعة وبالانخراط في السياق الكوني، ويتجلى التحدي الأول في معالجة الانفصال والانفصام بين الشريعة والجماعة، مشيرا إلى أن الشريعة تحتضنها الجماعة منذ كان الإسلام ، داعيا لأن لا يتم تصوير الأمر على أنه فرض للشريعة من جديد على الجماعة. التحدي الثاني حسب رضوان السيد يكمن في النظر في التمييز أو الفصل بين الدعوي والسياسي في زمن التغيير العربي الحالي لأن الدعوة تتناول الجانب التعاقدي والتربوي من الدين بينما يتناول السياسي الجانب التدبيري، مؤكدا على ضرورة صيانة الدين في زمن الثورات وأزمنة التغيير من السياسة والدولة وليس صون الدولة من الدين كما يزعم الفرنسيون. أما التحدي الثالث فهو النظر في إعادة تكوين المؤسسات الدينية والمرجعية، لحمايتها من ضغوط التي تحاول استتباعها أو إلغاءها أو استلام المرجعية منها والحلول محلها، وتوقع «السيد» أن تكون المرحلة القادمة هي مرحلة انحسار سيطرة الدولة على المؤسسات الدينية. التحدي الرابع يحدده السيد في النزوع الديني نحو التشدد فهو محافظ من جهة وأصولي من جهة أخرى. الدكتور طه جابر العلواني رئيس جامعة قرطبة بواشنطن توقف في مداخلة مسجلة عند العوامل التاريخية التي ساهمت في تأخر العناية بالفكر المقاصدي في الفكر الإسلامي، مشيرا إلى أن طلبة العلم حاليا صاروا يعرفون أن مبنى الشريعة على تحقيق مصالح الخلق وهذا ما دفع البحث المقاصدي إلى مساحات واسعة عليه أن يرتادها وتأسف العلواني على قصور تفعيل المقاصد مؤكدا على أنه إذا لم يتم تفعيلها وبناء اجتهادات معاصرة تغطي الحاجات التشريعية للوقائع فإن المقاصد لا يمكن أن تخرج من فضائل الشريعة إلى أحكامها.