يجيب الفنان المصري الكبير أشرف عبد الغفور جريدة التجديد في هذا الحوار عن رؤيته لمسألة الحرية في الأعمال الإبداعية والفنية ويؤكدا على ضرورة إيجاد صيغة متوازنة لا تفرط في الذات وخصوصيتها وتعطي كامل الحرية للإبداع، نقيب الفنانين المصريين يجيب أيضا عن موضوع الحكم على عادل إمام ويطرح ملابسات الحادث ويؤكد البراءة للزعيم، كما سئل وأجاب بوضوح وإنصاف عن رأيه في المشهد الفني المغربي وفي المغاربة، خاصة بعدما تكررت الزيارات والأعمال منذ فيلم الرسالة في السبعينيات إلى مسلسل إدريس الأول بمدينة وجدة وصولا إلى مسلسل الشفاء مع آل الجندي السنة الماضية، ويكشف عضو اللجنة المصرية لتأسيس الدستور عن السر وراء نزوعه للدراما الدينية والتاريخية، كما يتحدث أيضا صاحل مسلسل عظماء في تاريخ الإسلام وكنوز لا تضيع عن الفن المصري ما قبل وبعد الثورة تفاصيل هذه الاسئلة والمواضيع في نص الحوار التالي: ● الدراما والفن المصري عموما قبل وبعد سنة وأربعة أشهر من ثورة 25 يناير فهل بدت معالم الثورة تتبدى في الإنتاج الفني المصري؟ ❍ إلى حدود الساعة لا نريد أن نتحدث في الفن المصري عن قبل وبعد الثورة لانه وغلى غاية اليوم لم تكتمل هذه الثورة بعد وما نزال في خضمها، ولم تظهر نتائجها النهائية بعد، فقد بدت مكاسبها الغيجابية الاولى في إسقاط النظام ورأسه وأيضا ما أصبج عليه الشعب المصري من حرية بعد كل هذه العقود الماضية، ويمكن ان اقول ان هذه الحرية المكبوتة منذ زمن انطلقت كما الحصان الجامح عندما يفك لجامه بعد عمر طويل من الكبح، وهكذا يمكن لهذا الحصان ان يتخطى حواجز كثيرة لكن هذا الامر لا يخرج عن مسار اي حياة انتقالية في مسار الشعوب، هكذا وحتى لا ندخل في تفاصيل الثورة وابعادها السياسية لان هذا سيأخذ منا وقت طويل، فإن الفن لا نستطيع ان نحكم عليه بطريقة ما قبل وما بعد الثورة، لأن الفن في الحقيقة وحتى يتاثر بهذه الثورة ولكي يكون هناك فن من نتائج هذه الثورة فهذا الامر يحتاج على الأقل إلى أربع او خمس سنوات من أجل أعمال فنية تبحث في أسباب الثورة وتوثق لها، وكل ما يحدث الىن في أفلام ومسلسلات تفاعلية مع الثورة لا تتجاوز مستوى التفاعل والتوثيق اللحظي للثورة اكثر منه عمل درامي، وهكذا يمكن القول أن الفن المصري لم يحصل له بعد أي شيء بعد الثورة، ويمكن القول ايضا ان الناس ما تزال محكومة بنفس التفكير السابق ولم تتاقلم بعد مع الوضعية الجديدة والفكر الجديد وتناول الدراما من وجهة نظر نابعة من ثورة 25 يناير. ● هناك من يقول بأن الثورة جاءت بشكل مفاجئ لكن هناك من يرى ايضا انها جاءت متيجة لثروات قطاعية سبقتها في الفن والإعلام وغير ذلك، فهل ترى أن الفن المصري لعب دورا كممهد لهذه الثورة؟ ❍ بالتأكيد، فقد كانت هناك إرهاصات كثيرة جدا وعلى مدى سنوات طويلة، وللحق فالفن كان وفي كل العصور التي مرت به كان يقول كلمته ويدلي بدلوه ووجهة نظروا الاستشرافية والمستقبلية، فقد تمت اعمال كثيرة جدا كتبت ونفذت قبل الثورة بسنوات لكنها كانت تتنبأ وتنادي بما سيحدث في مصر إن في العاجل او الآجر، فالثورة كما اشرت كانت أيضا مفاجئة فقط لانه لم يكن مخطط لها ولم تكن معلومة المكان والزمان، وحتى عندما بدأت لم تكن على شكل ثورة بل تحرك بدا بقلة لكنه تنامى هذا الحراك إلى ان اصبح ثورة خلال 18 يوما من التصاعد غلى ان اصبحنا امام هذه الثورة الربانية المباركة في 25 يناير 2011. ● هل هناك سر ما في ميل أشرف عبد الغفور إلى الدراما التاريخية والدينية أكثر من غيرها من مجالات الدراما ام ان الامر يرتبط فقط بعروض تتلاقها ونجاح تكرر في هذه المشاركات؟ ❍ هذه مسألة لها جذور كثيرة جدا، واعتقد ان اصل هذه المسألة يعود للغة العربية الفصحى، فالاعمال الدينية والتاريخية لا تنطق إلا باللغة العربية او هكذا كانت تعد، إذن فالاداء باللغة العربية – وهذا كلام كنت اقوله من زمان- لا يتقنه الجميع وأن من يتقنه هم قلة قليلة فيمكن انه ومن حسن حظي أنني كنت من هذه الاقلية اليت تجيد الاداء باللغة العربية وليس الحديث فقط، لان الاداء باللغة العربية لا يتوقف فقط على مسألة اللغة بإعرابها ونحوها وصرفها لان هذا يمكن أن يقوم بها اي متخصص في المجال، لكن السؤوال هو كيف تكون هاضما ودارسا ومتفقها في هذه اللغة بشكل يجعلك تتفهم معانيها ومفرداتها والفاظها والمعاني الخفية وذلك بشكل يجعل كل هذه الامور في خلفية من يقوم بالاداء وليس في مقدمة تفكيره وإلا ستشغله عن مهمته الاساسية وهي الأداء، فهذا كان احد الاسباب الرئيسية التي جعلتني أتعامل مع الاعمال الدينية والتريخية بشكل مكثف، إلى درجة انه عندما اضطر للمفاضلة بين عرضيين فنيين في وقت واحد فغن كفة الدراما التاريخية والدينية كانت ترجح عندي دائما، لأن العمل الديني ومهما كان مستوى كتبته فإنه لا يخلو من الرسالة ومن العبر والعظات والموقف والمشهد. ● هل ترى أن الدراما التاريخية والدينية العربية والإسلايمة استنفذت ما لديها أم انها ما تزال تزخر بمادة دسمة وغنية من اجل الاعمال الفنية المختلفة؟ ❍ طبعا، فالتاريخ العربي والإسلامي يزخر بدراما تكفينا لقرون وأعوام للأمام، لكن يبقى التحدي في طريقة التناول وتكيفها مع ما نعشه اليوم وإلا فإنك تقدم قصصا يمكن لاي شخص أن يقراها في الكتب، لكن وظيفة الدراما على هذا المستوى هو في استحضار الماضي وإدماجه في الواقع. ● قراءتك للمشهد الفني المغربي وأنت أحد من شارك في اعمال مختلفة ومشتركة مع المغاربة انطلاقا من فيلم الرسالة في فثرة السبعينيات إلى فيلم إدريس الأول سنة 92 ثم أخير في السنة الماضية من خلال مسلسل الشفاء مع المؤلفة هاجر الجندي؟ ❍ بالنسبة للإنتاج الفني المغربي فهو أيضا أحد واجهات القصور الشديد الذي نعيشه في البلدان العربية على مستوى التبادل الثقافي والإعلامي فيما بينها، فيمكن أن أهل المغرب يغرفون جيدا اشرف عبد الغفور من خلال الاعمال الدرامية المصرية ومدى انتشارها في الوطن العربي وخاصة منها التي باللغة العربية، وايضا باللهجة المصرية بالنظر إلى حجم الانتشار الذي حققته خلال أزيد من 6 عقود بشكل فهمت وهضمت، فاين ما يقابل هذا لدى كل البلدان العربية ومنها المغرب في عرض إنتاجاتهم حتى يحدث ذلك التواصل الذي يمكن من تعرف الممثل والمواطن المصري على الفانان المغربي والفنان التونسي والفنان الجزائري ونحن بالطبع نعرف زملائنا، لكن انا اتحدث على رجل الشارع أيضا، لكن بالنسبة للمغرب فانا شرفت بالذهاب للمغرب ولاول مرة في حياتي في منتصف السبعينات عندما ذهبت للمشاركة في تصوير فيلم الرسالة وجلسنا لمدة اسبوع بمدينة مراكش ثم انتقلنا بعد ذلك إلى ليبيا بالنظر إلى ما حدث من مشاكل آنذاك، وبعد ذلك زرت المغرب ثانيا لتنفيذ عمل مشترك بين المصريين والمغاربة حول إدريس الأول بمدينة وجدة سنة 1992 وقد كان العمل من إخراج المخرج المصري سعيد الرشيدي وقد مكث بالمغرب خلال هذه الفترة 70 يوما في المغرب ثم بعد ذلك مسلسل الشفاء مع الاخت هاجر الجندي وقبلها مع والدها محمد حسن الجندي في فيلم الرسالة. ● طييب ما هي الصورة التي تكونت في ذهنك حول المغرب والمغاربة خلال هذه الزيارات والأعمال؟ ❍ في الوقت الذي شاركت فيه في مسلسل إدريس الأول سنة 92 كان لدي عطلة لمدة 15 يوما فقمت باستدعاء عائلتي من القاهرة وطفت المغرب بالقطار والسيارة من مراكش حتى طنجة، والمغرب بلد حباه الله بجمال يفوق الوصف في الطبيعة وجمال ايضا يفوق الوصف في كرم وخلق الإنسان المغربي وهذا أمر لا خلاف حوله، ومن الأمور التي أعجبتني في الفن المغربي هو فهمهم ووعيهم وإدراكهم لما يمكن أن يفعله الفن، وذلك في قدرتهم على استقدام الناس من الخارج بشكل أصبح هناك مكان كامل في مدينة كاملة اسمها ورزازات لتصويير الاعمال الأجنبية، وهذا أمر لا بد أن يفخر به كل المغاربة، لانه يعني ان القائمين على هذا البلد واعون باهمية ما يقومون به من أجل نهضة المغرب الاقتصادية والسياحية، هكذا اصبح المغرب يظهر في الكثير من البلدان العالمية بسبب هذه الأعمال وهذا امر محمود جدا. ● يلاحظ في الآونة الأخيرة نوع من ربط الحرية والجرأة في الإنتاج الدارمي العربي وخاصة منه السينمائي بمستوى العري ودرجة حضور الجنس والكلام الساقط، فغلى أي حد يمكن الحديث عن حرية مطلقة في الإنتاج الفني؟ ❍ هذه قضية العصر التي نعيشها وخاصة بعد صعود التيارات الإسلامية في عدد من الأقطار العربية، فأصبح هناك نوع من الشذ والجذب بين حرية الفكر وحرية الإبداع وحرية الرأي مع قيمنا واخلاقنا ومع تقليدنا مع اختلاف في طرق التناول من بلد إلى آخر، واصبح هناك نوع من الشذ والجذب بين التيار الإسلامي وعدد من العاملين في الشان الفني، فالحرية ينبغي أن تكون مكفولة حرية الرأي وحرية الفكر وحرية الغبداع حرية المعرفة والبحث العلمي وكل هذه الحريات هي التي قامت من أجلها ثورات الربيع العربي ونادت بها، فنحن هنا لسنا بصدد الحديث عن قمع ولا كبح الحريات، لكن في الجانب الىخر نحن ناما ونجاهد وندعوا ونعمل من أجل ان يكون هناك نوع من الرقابة الذاتية أي أن يكون الرقيب هو ضمير هذا الفنان والمبدع الذي هو في الأصل فنان ووطني قبل ان يكون فنان، فأنت أولا مغربي أو مصري أو تونسي ولذلك فلابدة من ان احافظ على اعراف وتقاليد البلد الذي أعيش فيه فلا أجرحها ولا أخدشها، ولا يجب ان ننسى أن هناك رقيب آخر غير الضمير في حالة ما غذا تجاوزت الحدود وهو الجمهور والمتلقي لان الفن ليس فيه إجبار على المشاهدة ولذلك فغن الخيار للمتلقي بان يشاهد أو يرفض، ولذل فنحن نقول بان المصادرة لا ينبغي ان تكون لكن يمكن ان يكون هناك نوع من التصنيف للأعمال وفق الأعمار فهذه الافلام تخصص لهذه الفئة وهذه لا يمكن ان يراها الاطفال اقل من سن كذا ...إلى غير ذلك، وهذا امر موجود في كل بلاد العالم فلما لا نطبقه ويكون جزا من حفاظنا على مستوى مشاهدتنا. ●يلاحظ أيضا نوع من التهجم على الدين الإسلامي وقرنه دائما بالإرهاب في العديد من الأفلام المغربية والمصرية خلال الآونة الأخيرة، فهل للأمر خلفية عالمية مرتبطة بموضوع الحرب على الإرهاب أم ماذا في نظرك؟ ❍ بالتاكيد أنه وبعد 11 شتنبر 2000 عمل الغرب على قرن الإسلام بالإرهاب وهذا طبعا أمر غير منطقي وغير حقيقي ولا صحيح، لأن الدين الإسلايم هو دين الوسطية ودين السلام والتسامح مثل كل الأديان والتي تدعوا كلها للسلام والتعايش ولا أحد منها يدعوا للإرهاب، والأمر في تقديري يعود إلى السياسة وليس له علاقة بالدين وكل ما يتعرض له الإسلام اليوم من تشويه وقرنه بالإرهاب في العديد من الأفلام كلها ألاعيب سياسية وهي تجنح للإسلام عندما يخدم مصالحا وتقف ضده عندما ترى أنه يعاكس مصالحها. ● في صلة بهذا الموضوع وبصفتك نقيبا للفنانين المصريين ما قولك في موضوع الحكم على الفنان الكبير عادل إمام بالسجن لثلاثة أشهر بتهمة ازدراء الإسلام؟ ❍ لنضع بداية قاعدة فهل عادل إمام أخطأ أم لم يخطئ؟ فأي إنسان يمكن أن يخطأ وأي إنسان يمكن أن يعاقب، لكن هل عادل إمام أخطأ وما هو مناط هذا الخطأ؟ وعموما فقضية الأستاذ عادل إمام هما قضيتين رفعهم نفس المحامي بنفس الحيثيات ونفس التهم، في واحدة ضد عادل إمام لوحده والثانية هو والمخرج والمؤلف ومجموعة أخرى في هذه الأخيرة القاضي رفض الدعوة المدنية والجنائية لرفعها من غير ذي صفة، والقاضي الثاني حكم على عادل إمام بثلاث أشهر في محكمة ثانية لكن الأمر في محكمة الاستئناف وإن شاء الله سيخرج عادل إمام منها براءة، ونحن متأكدين من هذا الأمر جيدا، لكن المشكلة اليوم ليست على هذا المستوى ونحن اليوم لسنا بصدد الدفاع عن عادل إمام أو غيره، بل نحن اليوم نتحدث عن المبدأ فكيف يوضع الإبداع في قفص الاتهام؟ وكيف يحاكم الإبداع؟ ونحن نقول أن الأمر يحتاج إلى نظرة أخرى بعيدا عن الحبس وقفص الاتهام وهذا ما نحن منكبين عليه في الوقت الراهن ونحن في اجتماعات وتواصل مكثف مع لجنة الثقافة والإعلام والسياحة في مجلس الشعب وقد وصلنا تقريبا إلى صيغة محددة حول موضوع الإبداع وسنضمنها في الدستور المصري الجديد بعون الله حتى لا توجد مستقبلا قضايا بهذا الشكل. بمقر نقابة الفنانين المصريين القاهرة - مصر