حرية الإعلام هو حق من حقوق الإنسان المتعارف عليها والمنصوص عليها في المواثيق الدولية لا سيما القانون المتعلق بالصحافة والنشر، أكيد أن أي دولة إلا ولها نظام عام يحكمها ويجسد تاريخها وتقاليدها وأعرافها وثقافتها وكل ما يشكل هويتها. وانطلاقا من هذا النظام العام يمكن لهذه الدولة أن تمنع بعض الأمور وتحد منها. وبالنسبة للمغرب فإن قانون الصحافة واضح وينص بصراحة على أن حرية الصحافة خاصة بالنسبة للمنشورات والمجلات الأجنبية هي حرية مطلقة لكن ترد عليها بعض الاستثناءات حينما تخالف النظام العام وحددت في مجموعة من المسائل: الدين الاسلامي، الوحدة الترابية، الملكية، والمقدسات بصفة عامة. فعندما تمس هذه الجرائد والمجلات الاجنبية النظام العام أو الحدود التي وضعها المشرع فيمكن للإدارة من خلال الوزارة الوصية أن تتدخل من أجل منع هذه الجريدة أو المجلة من دخول المغرب أو من توزيعها. لكن الملاحظة الأساسية التي عندي في هذا الصدد أن المنع أعطاه المشرع للإدارة إذ يمكن لهذه الأخيرة بقرار معلل أن تمنع هذه المنشورات، وأنا أعتقد أن الإدارة ينبغي أن ينتزع منها هذا الحق وأن يبقى خالصا للقضاء الذي تكون له الكلمة الأخيرة في المنع أو عدمه، والإدارة هنا لا تأخذ القرار لوحدها وإنما ما يمكن أن تفعله بهذا الخصوص أن تقوم برفع دعوى إلى المحكمة الإدارية تطالب فيها بمنع توزيع هذه الجريدة في المغرب ويصدر قرار قضائي على أساس أن تكون المسطرة استعجالية، وبالتالي فحينما يكون القرار صادر عن القضاء يكون القرار أكثر احتراما لحقوق الإنسان وحرية الإعلام وأكثر توافقا والتزاما مع المواثيق الدولية والاتفاقيات التي صادق عليها المغرب والتزم بتطبيقها.