يسود وسط حرفيي الفخار بجماعة تمصلوحت ضواحي مدينة مراكش تخوف كبير من فشل تجربة ثانية لتزويدهم بالأفران الغازية. وقال أحد المسؤولين بتعاونية حرفية مهتمة ل «التجديد» «نرحب بهذه المبادرة التي تروم تزويدنا بأفران تعمل بالغاز الطبيعي بدل استعمال الأفران التقليدية، لكن يجب على الحكومة أن تتابع هذه العملية من ألفها إلى يائها وتراقب كل العمليات التقنية والمالية حتى لا يتكرر ما وقع سنة 2006، حين زودنا ب 3 أفران معمولة على «طريقة تقليدية» وصرفت فيها أموال طائلة في إطار مشروع منظمة دولية وبقيت معطلة إلى حد الآن تأكلها الشمس والرطوبة». وأضاف المصدر ذاته أن الحرفيين ينتمون إلى الفئة المعوزة، وغير مستعدين للمغامرة في تجربة ثانية غير محسوبة العواقب، موضحا أنهم يحتاجون إلى الدعم المالي والتقني الكافيين، وشرح كل مزايا الأفران الجديدة وتكوينهم في استعمالها. وظهر هذا التخوف إلى السطح حين حل فريق من «مؤسسة تحدي الألفية الأمريكية» إلى المنطقة يوم الخميس الماضي 9 فبراير الجاري إلى جانب المسؤول الأول في المندوبية الجهوية للصناعة التقليدية ومتخصصين من الوزارة المعنية. وفي الوقت الذي تحفظ أحد المسؤولين في الوزارة المعنية عن الحديث إلى «التجديد»، قال أحد الخبراء المتابعين للمشروع إن هذه التجربة هي مغايرة للتجربة السابقة وأن الأمريكيين يتابعون عن كثب كل مشروع يقدمون عليه، وأضاف أن المغرب اختير من قبل هذه المؤسسة كواحد من بلدان قليلة في العالم لها مواصفات معينة مثل الحكامة الجيدة، والأنشطة المنجزة لفائدة الساكنة في الصحة والتعليم العمومي وتدبير الموارد الطبيعية من أجل الاستفادة من التمويل. وأضاف أن الأفران المراد تزويد الصناع بها هي من صنع تركي، يصل ثمن الفرن الواحد منها حسب الحجم والسعة إلى حوالي 30 مليون سنتيم، وسيكون على الصناع فقط تأدية 20 في المائة من قيمتها، فيما 80 في المائة ستتكفل بها المؤسسة الأمريكية والدولة مناصفة. وأشار المتحدث إلى أن المشروع يهدف إلى الحد من تلوث البيئة الناتجة عن استعمال الأفران التقليدية، وتحسين الإنتاج، وأيضا إلى تحسين ظروف العيش عند الصناع التقليديين ومحيطهم العائلي والاجتماعي. جدير بالذكر أن بلدة تمصلوحت تبعد عن مدينة مراكش بحوالي 16 كلم، وهي مشهورة بخزفها التقليدي وموسمها السنوي الذي يقام في كل ذكرى مولد نبوي. ويصل عدد الصناع الخزفيين (المعلمية) فيها إلى أكثر من 100، دون احتساب المتعلمين و»الخدامة». ووقفت «التجديد» خلال زيارة خاصة على الظروف المزرية التي يعمل فيها حرفيو الخزف في هذه الجماعة، ومعاناتهم مع الأفران التقليدية التي تستعمل «الكاوتشو»، وأيضا مع تسويق منتوجهم بأثمان بخسة، كما عاينت المحيط البيئي الملوث جدا نتيجة استعمال هذه الأفران ورمي مخلفاتها في الأراضي المجاورة لم تسلم منها حتى «المقبرة». وحاولت «التجديد» الاتصال برئيس الجماعة لكن دون جدوى، كما زارت طبيبة الجماعة في المستوصف المحلي للسؤال حول تأثير هذه الأفران التقليدية على صحة الصناع والمواطنين على حد سواء، لكنها رفضت الإدلاء بأي تصريح.