رأت صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية أن العام الحالي سيكون حاسما بالنسبة للملف النووي الإيراني المثير للجدل وذلك في تقرير لها نشرته أول أمس. وتناول الكاتبان بالصحيفة «ديفيد راندال» و«دونالد ماكينتاير» السيناريوهات المحتملة للمواجهة بين الدول الغربيةوإيران في أعقاب اغتيال العالم النووي الإيراني مصطفى روشن قبل أيام قليلة. واعتبر الكاتبان أن التهديدات المتبادلة بين طهرانوواشنطن قد دخلت مرحلة جديدة عندما نقلت وسائل علام إيرانية شبه رسمية عن الحكومة أنها ستعاقب «العناصر التي تورطت في اغتيال روشن وتحمل الولاياتالمتحدة وبريطانيا المسؤولية عن عملية الاغتيال». وحسب «الأوبزرفر»، فإن إيران قامت بإبلاغ لندنوواشنطن عبر القنوات الدبلوماسية بأنها ترى أن للبلدين «دورا واضحا» في مقتل روشن، وهو ما يعتبر تطورا جديدا، إذ أن طهران دأبت على اتهام المخابرات الصهيونية الموساد والمخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية بشن حملة «إرهاب سرية» ضد أهداف لها علاقة بالبرنامج النووي الإيراني بما في ذلك ثلاث عمليات اغتيال منذ أوائل 2010. ويشير الكاتبان إلى أن عملية الاغتيال تهدف إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني، لكنها لن توقفه أو تجبر إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات رغم أن المسؤولين الأمنيين يرون أن الوقت بدأ ينفذ وأن إيران سوف تتجاوز العتبة التقنية لإنتاج القنبلة النووية والوصول إلى نقطة اللاعودة خلال العام الجاري وسيكون بمقدورها إنتاج سلاح نووي خلال عامين أو ثلاثة. وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن الولاياتالمتحدة حذرت قادة الكيان الصهيوني من تنفيذ عملية عسكرية محتملة ضد إيران على خلفية برنامجها النووي. وأوضحت الصحيفة أن هناك قلقا متزايدا بين القادة العسكريين الأمريكيين، من قيام الكيان الصهيوني بعملية عسكرية ضد إيران رغم الاعتراضات الأمريكية، وقد دفعهم هذا القلق لتكثيف خطط الطوارئ لحماية المنشأت الأمريكية في المنطقة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين، أن الجيش الأمريكي حرك مجموعة هجومية بقيادة حاملة طائرات ثانية إلى منطقة الخليج لردع إيران، كما يستعد لسيناريوهات مختلفة لردود إيرانية محتملة على الهجوم الصهيوني، مثل هجمات للمليشيا الشيعية الموالية لإيران في العراق ضد السفارة الأمريكية في بغداد. كما أكد المسؤولون الأمريكيون أن واشنطن أرسلت طائرات ومعدات عسكرية أخرى إلى الحلفاء الرئيسيين في الخليج من بينها الإمارات والسعودية كإجراء ردع آخر ضد إيران، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية. وأرسل الرئيس الأمريكي ووزير دفاعه ليون بانيتا وعدد من أبرز المسؤولين الأمريكيين، رسائل خاصة إلى قادة الكيان الصهيوني محذرين من العواقب الوخيمة الناجمة عن شن عملية عسكرية ضد إيران، حيث إن الولاياتالمتحدة ترغب في الانتظار حتى تؤتي العقوبات والإجراءات الأخرى ثمارها وترغم إيران على التخلي عن جهودها الرامية لتصنيع أسلحة نووية. رئيس الأركان إلى «إسرائيل» ومن المقرر أن يزور رئيس الأركان الجيش الأمريكي مارتن ديمبسي الكيان، بعد غد الخميس، لإجراء مباحثات مع نظيره الصهيوني بيني غانتسي ووزير الدفاع إيهود باراك، حول تنسيق المواقف بشأن التعامل مع إيران، وجدوى تأثير العقوبات الاقتصادية على استمرار تطوير البرنامج النووي الإيراني. وقالت صحيفة «هآرتس» إن وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا زار «إسرائيل» قبل شهرين ورفض نتنياهو وباراك التعهد أمامه بأن لا تشن «إسرائيل» هجوما عسكريا ضد إيران من تنسيق ذلك مع الولاياتالمتحدة. وتأتي زيارة ديمبسي للكيان في وقت يتفاعل فيه التوتر بين الولاياتالمتحدةوإيران في أعقاب تهديد الأخيرة بإغلاق مضيق هرمز وتشويش تصدير نفط الخليج إلى الغرب. وقالت الصحيفة أن ديمبسي وغانتس سيعقدان اجتماعين منفصلين، لأول مرة منذ تعيينهما في منصبيهما، الأول على هامش اجتماع رؤساء أركان جيوش دول حلف شمال الأطلسي في بروكسل والثاني في الكيان، وسيتمحوران حول البرنامج النووي الإيراني والتخوف الأمريكي المتزايد من أن يقرر الكيان شن هجوم عسكري ضد المنشآت النووية في إيران. وأشارت الصحيفة إلى أن التخوف الأمريكي من هجوم «إسرائيلي» نابع من خلاف في المواقف حيال إيران ومن أن «إسرائيل» لا ترى تأثيرا للعقوبات الاقتصادية على إيران ومن الجدول الزمني لتطور البرنامج النووي الإيراني والخطوط الحمراء بهذا الخصوص، وأن بدء تخصيب اليورانيوم في منشأة نووية تحت الأرض قرب مدينة قم الإيرانية زاد من مستوى التخوفات «الإسرائيلية» حيال تقدم إيران نحو قنبلة نووية. وأضافت الصحيفة العبرية أن الخط الأحمر الذي تضعه الولاياتالمتحدة أبعد من ذلك «الإسرائيلي»، ويتمثل بموعد بدء إيران تطوير رأس حربي نووي وليس بتطوير قدرات نووية، وهذا أيضا خط لم تتجاوزه إيران حتى الآن. جدير بالذكر أنه على الرغم من الحرب الكلامية بين الكيان الصهيوني وإيران، إلا أن هناك تعاونا وعلاقات خفية بين البلدين، ولعل أشهرها «إيران جيت» حيث أمد الكيان الصهيوني إيران بأسلحة خلال حربها مع العراق، كما كشفت صحيفة «هاآرتس» الصهيونية اللثام قبل أيام عن أن شركة صهيونية باعت إيران تكنولوجيا متطورة لمراقبة الإنترنت بشكل غير مباشر وذلك عن طريق شركة في الدنمارك، وكان رحيم مشائي رئيس مكتب أحمدي نجاد وصهره، قد أكد أن إيران «صديقة الشعب الأمريكي والشعب الإسرائيلي». أسطول بريطاني في الأثناء، قَالَت صحيفة «ديلي ستار صنداي»، أول أمس،: إن بريطانيا أرسلت وحدات من قواتها الخاصة وأسطولاً ضخماً لحماية مضيق هرمز، بعد تهديد إيران بإغلاقه. وأضافت الصحيفة: «إن فرقاً من القوات الخاصة البريطانيّة ستنتشر على متن كاسحات الألغام وعلى الأرض في دول الخليج العربية، لحماية السفن ومنع اختطاف الأفراد من السفن الصغيرة أثناء تفقدها الألغام، إلى جانب خبراء من جهاز أمن التنصت المعروف باسم مركز قيادة الاتصالات الحكوميَّة متخصصين في الرموز الإيرانيّة واللغة الفارسيّة». وأفادت بأن مصدراً أمنياً بريطانياً بارزاً كشف أيضاً بأن مجموعة من خبراء الاتصالات البريطانيين انتشرت في المنطقة لرصد اتصالات الاستخبارات العسكريَّة الإيرانيّة. ونسبت الصحيفة إلى المصدر قوله: «إن الأمور تتفاقم وكل شيء يتعلق بأسعار البنزين، وتعمل وكالة لاستخبارات المركزيّة الأمريكية (سي آي إيه) ووكالات استخباراتنا، مثل جهاز الأمن الخارجي (إم آي 6) و جهاز أمن التنصت، بقوة في المنطقة وقامت بتجنيد عملاء محليين». وأضاف المصدر: «المعلومات الاستخباريَّة هي مفتاح الحل، وقد نحتاج للعمل بالاستناد إلى المعلومات الواردة لتحذير الإيرانيين بأننا على علم بما يخططون له». وكانت إيران هدّدت بإغلاق مضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 40% من إمدادات العالم من النفط، رداً على أي حظر يطال نفطها من قبل الاتحاد الأوروبي. حرب نفسية في المقابل، أعلن رئيس المكتب العسكري للقائد العام للقوات المسلحة الإيرانية العميد محمد شيرازي أن وجود القوات الأجنبية في المنطقة أو الإعلان عن إبحار فرقاطات بعض الدول الغربية إليها يأتي في إطار إثارة الحرب النفسية. وقال لوكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” إن “التجارب أثبتت بأن القوى الدولية سعت على الدوام لإثارة الرعب والخوف لتبرير وجودها العسكري في المنطقة”. بدوره، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمنبارست، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية ان الولاياتالمتحدة وجهت رسالة إلى إيران بشأن مضيق هرمز. وقال إن “سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة سوزان رايس سلمت محمد خزاعي ممثل إيران في الأممالمتحدة رسالة، ونقلت سفيرة سويسرا في طهران الرسالة وأخيرا نقل الرئيس العراقي جلال طالباني مضمونها إلى المسؤولين في الجمهورية الاسلامية”، من دون الكشف عنها. وأضاف “نقوم بدرس الرسالة وإذا لزم الأمر سنعطي ردا عليها”. إلى ذلك، رفض وزير النفط السعودي علي النعيمي، ربط استعداد المملكة لزيادة إنتاجها من النفط بتعويض إنتاج إيران في حال تم فرض حظر على النفط الإيراني. وقال النعيمي في تصريح نشرته صحيفة “الاقتصادية” السعودية “نحن لم نقل أبداً إن السعودية تسعى لتعويض إنتاج إيران من النفط في حال تم حظره، بل قلنا إننا مستعدون لتلبية الزيادة في طلب زبائننا من النفط ونملك فائض قدرة إنتاجية قادراً على تلبية الزيادة في الطلب العالمي نتيجة أي ظرف”. وكانت إيران طلبت من دول الخليج عدم التعويض عن انتاجها النفطي في حال فرض عقوبات غربية على صادراتها من النفط. وقال ممثل ايران لدى منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك محمد علي خطيبي إنه في حال أعطت الدول النفطية الضوء الأخضر للتعويض عن النفط الايراني (في حال فرض عقوبات) “ستكون مسؤولة عما سيحصل”. وتابع “إذا أكدت دول الخليج بوضوح نيتها بعدم التعويض عن انتاج إيران النفطي في حال فرض عقوبات (على طهران) لن تتخذ الدول المغامرة” مثل هذه القرارات. ومنذ أن أطلقت إيران تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز الحيوي، في حال استمرار الضغط الغربي عليها، تزايدت حدة التوتر في المنطقة والعالم، وأخذ المسؤولون الغربيون في الدخول في حرب كلامية مع إيران. ومضيق هرمز الاستراتيجي، هو المخرج الوحيد من الخليج، والذي مر عبره نحو 17 مليون برميل من النفط يوميا في عام 2011، وفقا لوكالة معلومات الطاقة الأمريكية، وإغلاقه سيعد كارثة على دول الخليج ومصالح دول العالم.