عرضت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، محاكاة لسيناريو محتمل لتوجيه إسرائيل ضربة لإيران، أجراه مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكنجز في ديسمبر الماضي، وكان مراسل الصحيفة ديفد سانجر شاهدًا على إعداد السيناريو. وبحسب الصحيفة، فإنّ المحاكاة تبدأ بقيام إسرائيل دون أن تبلغ الولاياتالمتحدة باستهداف أهم ستة مواقع لمنشآت نووية إيرانية، واستخدام قاعدة إعادة تزويد بالوقود بالمناطق الصحراوية بالسعودية دون علم السعوديين. فتزداد العلاقات المتوترة أصلاً بين واشنطن وإسرائيل سوءًا، ولكن عدم إبلاغ الولاياتالمتحدة مسبقُا بهذه العملية العسكرية؛ يسمح للولايات المتحدة بالإعلان عن عدم تواطؤها في الهجوم. ثم بعد سلسلة من الاتهامات المتبادلة بين الأمريكيين والإسرائيليين، تطلب واشنطن من إسرائيل وقف الهجوم، رغم أنّ البعض في واشنطن يجدون بهذه اللحظة فرصة لإضعاف النظام الإيراني وخاصة الحرس الثوري. ولدى اتهام إسرائيل بإحداث هذه الفوضى، تطلب واشنطن من إسرائيل الانزواء، في حين تحاول الولاياتالمتحدة تسوية الأمور. ومع ورغم مطالبتها للطرفين بضبط النفس، ترسل الولاياتالمتحدة بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ إلى المنطقة كتحذير لإيران بعدم الرد. ثم تُطلق إيران من جانبها الصواريخ على إسرائيل بما فيها مجمع الأسلحة النووية بديمونا، غير أن حجم الدمار والخسائر يبقى محدودًا، في حين أن وكلاء إيران حزب الله في لبنان وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يطلقان هجمات صاروخية على إسرائيل. ولكن إسرائيل هنا لا ترد، اعتقادًا منها بأنها حققت هدفها المنشود، وهو إعادة البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء سنوات. وهنا إيران تعتقد أن لديها فرص طويلة الأمد رغم ما أصابها من جروح لتوحيد شعبها، وملاحقة أحزاب المعارضة على أسس قومية. فاستراتيجيتها تكمن في تصعيد الهجمات ذات المستوى المنخفض على إسرائيل في الوقت الّذي تصور فيه أمريكا بأنها نمر ورقي، أي عاجزة عن التحكم بحليفتها، وغير مستعدة للرد على إيران. كما تشن طهران هجمات على الأهداف الأوروبية، أملاً بأنّ تنقلب تلك الحكومات على إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية. وبعد لقاء يجمع القيادة المنقسمة في إيران، طهران تقرر التراجع عن استهداف الأمريكيين لتجنب أي رد أمريكي. وتضيف الصحيفة في السيناريو المتوقع، أنّه رغم أن الرد الإيراني على إسرائيل يوقع دمارًا محدودًا، فإن المنتقدين بوسائل الإعلام الإسرائيلية يقولون إنّ قادة البلاد أضعفوا مصداقية الردع، عبر فشلهم في الرد على أي هجوم. وحزب الله من جانبه يطلق نحو مائة صاروخ يوميًا على شمال إسرائيل، وبعضًا منها على "تل أبيب" وحيفا. ويتراجع الاقتصاد الإسرائيلي، ويبدأ المسؤولون الإسرائيليون في حث الولاياتالمتحدة على التدخل إثر تذمرهم من مغادرة ثلث سكان البلاد إلى الملاجئ، وإجلاء مئات الآلاف من حيفا و"تل أبيب". أخيرا –بحسب الصحيفة- تفوز إسرائيل بالإذعان الأمريكي للانتقام من حزب الله، فتأمر واشنطن بحملة ضد لبنان تنفذها قوات خاصة وجوية لمدة 48 ساعة، وتبدأ بالإعداد لشن عملية برية وجوية أكبر حجما. ونظرا لإدراكها أن سلاحها الأخير هو رفع أسعار النفط مستويات عالية، تقرر إيران الهجوم على مركز الصناعة النفطية في الظهران السعودية مستخدمة صواريخ تقليدية، وتبدأ بزرع الألغام بمضيف هرمز. وبعد تعرض الإمدادات النفطية والقوات الأمريكية للتهديد، تبدأ واشنطن بتعزيز عسكري شامل بمنطقة الخليج. وهنا –بحسب الصحيفة- تنتهي الحرب بعد ثمانية أيام من الهجوم الإسرائيلي على إيران، ولكن من الواضح أن واشنطن كانت تميل إلى تدمير جميع الأهداف الإيرانية في الجو والبر والبحر داخل وفي محيط مضيق هرمز، وأن القوات الإيرانية كانت على وشك أن تمنى بهزيمة منكرة. ويحتدم النقاش حول مدى الضرر الذي لحق ببرنامج إيران النووي، وما إذا كان لدى طهران منشآت سرية يمكن أن تبدأ العمل في غضون عام أو اثنين.