ذكر بلاغ صدر عن الحكومة إثر اجتماعها الأسبوع الماضي، أن الحكومة صادقت على مشروع مرسوم يقضي بمراجعة استثنائية للوائح الانتخابية، وأكد إدريس جطو وزير الداخلية بأن هذه المراجعة ستنطلق ابتداء من الثلاثاء 28 ماي 2002، وأضاف بأن هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان مسار ديمقراطي صحيح، وتوفير جميع الإمكانيات اللازمة لإنعاش المجال السياسي الوطني والذي يعرف احتقانا ملحوظا. من جهة أخرى أوضحت بعض التحاليل أن الإجراء الحكومي الأخير لا يعدو أن يكون ذرا للرماد في العيون، خاصة بعد التطورات الأخيرة والتي أفرزت عدة ضغوطات أحرجت حكومة التناوب، في هذا الإطار أنتج قرار الحكومة إقفال التسجيل في اللوائح الانتخابية في تاريخ الواحد والثلاثين من مارس الماضي عدة ردود فعل قوية سواء من طرف المعارضة أو من هيآت المجتمع المدني، الشيء الذي دفعها إلى التراجع عن قرارها ذاك والذي كان من شأنه أن يقصي أكثر من مليوني شاب من التصويت. ونرى هذه التحاليل أن الحكومة ارتأت هذا الإجراء للتعتيم على الحقيقة ولتضليل الرأي العام الوطني، ذلك أن هذه المراجعة ستقتصر فقط على الذين غيروا مقر سكناهم أي أن المسألة مسألة دوائر انتخابية أو الذين بلغوا سن العشرين في هذه الفترة، هذا بطبيعة الحال دون الحديث عن مراجعة مسألة تخفيض سن التصويت إلى 18 سنة، وغيرها من التعديلات التي طالبت بها المعارضة. وتضيف هذه التحاليل بأن إعراض الحكومة عن مناقشة مثل هذه المراجعات والتعديلات في وقت سابق مرده هدف الحكومة إدخال الوقت كعامل أساسي، يجعل من هذه المراجعة مراجعة شكلية غير عميقة، وبالتالي تبقى اللوائح الانتخابية دون مصداقية حقيقية تؤهلها للمساعدة في إجراء انتخابات نزيهة وشفافة. وما تجدر الإشارة إليه، هو أن حكومة التناوب كانت تطالب عشية انتخابات 1997 بضرورة مراجعة اللوائح الانتخابية مراجعة كاملة مؤكدة أن أي انتخابات دون هذه المراجعة ستكون تزويرا للإرادة الشعبية. من جانب آخر، بعد إصدار القانون الانتخابي في صيغته النهائية، ستفتح وزارة الداخلية الباب أمام الطعون التي سيتم تقديمها. وهذا يعني حسب المراقبين بأن هذه العملية لا يمكن أن تتم في ظروف جيدة بالنظر من جهة إلى تماطل الحكومة ولا مبالاتها بالمطالب الحقيقية للمعارضة، ومن جهة أخرى إلى عامل الوقت حيث أن الانتخابات لم يبق لها سوى ثلاثة أشهر، مع العلم بأن المراجعة الاستثنائية التي تتحدث عنها الحكومة ستبدأ في أواخر هذا الشهر، هذا في الوقت الذي تحتاج فيه مثل هذه المراجعات إلى سنة تشريعية كاملة على الأقل. وفيما يخص حملة التوعية بأهمية المشاركة السياسية للشباب، ارتأت الحكومة أن تعتمد على مؤسسات أجنبية لتوعية الشباب كالجمعية الأمريكية للديمقراطية والتي قامت بعدة أنشطة على سبيل المثال في مدينة تطوان أوضحت أن الهدف منها دفع الشباب نحو المشاركة السياسية!، هذا عوض أن تهتم حكومة الرفاق بمعالجة الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء العزوف السياسي للشباب، والتي من ضمنها نجد البطالة، إذ أن الشاب الذي يعاني من الفقر وتبعاته لا يستطيع أن يشارك في الحياة السياسية في غياب مصداقية واضحة للمؤسسات المنتخبة والتي تهتم في غالبها بتحقيق مصالحها الذاتية الضيقة. ومن خلال هذه المعطيات يتضح بأن مسألة مراجعة اللوائح الانتخابية لا يمكن أن تمر في ظروف ملائمة حتى في حالة توفر الإرادة الحسنة لذلك، كون أن الوقت لا يكفي لإدخال إصلاحات جوهرية على هذه اللوائح. هذا مع ضرورة الإشارة إلى أن الحكومة في هذه المراجعة الاستثنائية بالذات لم تطرح سوى "الإصلاحات "< التي تضمن لها تحقيق مصالحها الخاصة الذاتية، عوض أن تلبي المطالب النوعية الضرورية التي تطرحها المعارضة. وإذا أضفنا إلى ذلك مناداة بعض الأصوات خاصة من مجلس المستشارين بعدم جدوى هذه المراجعة الاستثنائية، يمكن التأكيد أن من شأن تزايد عدد هذه الأصوات أن يعطل إجراءات حملة التسجيل الاستثنائية هذه، خصوصا وأن المغرب يعتمد الثنائية البرلمانية، الشيء الذي يزيد رقعة أخرى إلى المشروع الحكومي المرقع أصلا. ويبقى السؤال مطروحا: ماهو الهدف الحقيقي وراء المشروع الحكومي الأخير والقاضي بالبدء في >مراجعة استثنائية" للوائح الانتخابية الحالية؟ أحمد الوجدي