صادق مجلس النواب مساء أول أمس الاثنين في جلسة ماراطونية امتدت إلى منتصف الليل على ثلاثة مشاريع قوانين: مشروع قانون رقم 01.03 يقضي بتغيير القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي، ومشروع قانون رقم 02.52 يتعلق بتنظيم مراجعة استثنائية للوائح الانتخابية، ومشروع قانون تنظيمي رقم 02.65 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 32.97 المتعلق بمجلس المستشارين ومشروع قانون رقم 02.64 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات. وعرفت الجلسة لحظات ساخنة من المواجهة السياسية بين المعارضة الممثلة في فريق العدالة والتنمية الذي قدم في الجلسة وفي مناقشته للقوانين المذكورة أكثر من 43 تعديل، وبين الحكومة وأغلبيتها التي تصدت بطريقة آلية وميكانيكية بالرفض لجميع المقترحات التعديلية بما في ذلك كثير من المواقف التي لطالما تبنتها بعض أحزاب الحكومة الحالية عندما كانت في المعارضة، وهو الشيء الذي سجله النائب نور الدين قربال في نهاية الجلسة في تفسيره لمواقف فريق العدالة والتنمية، حيث سجل أسف فريقه على طريقة تعامل الأغلبية والحكومة مع المعارضة، وقال "إذ في الوقت الذي كنا نتعامل فيه بإيجابية مع جميع المقترحات بما في ذلك مقترحات الأغلبية كان تعامل هذه الأخيرة هو الرفض الميكانيكي لمقترحات المعارضة"، وأكد نور الدين قربال أن هذا يتعارض مع النهج الديمقراطي السليم حيث تستفيد الأغلبية من المعارضة باعتبارها رؤية من الخارج. وفي المقابل فقد دافع الفريق الاشتراكي باستماتة على هذا الموقف الحكومي، بل تدخل في أكثر من مناسبة نيابة عن المواقف الحكومية، في الوقت الذي اكتفت فيه هذه الأخيرة - في شخص السيد وزير الداخلية- بإعلان الرفض دون تفسير موقعها، خاصة مع طول الجلسة وظهور مظاهر التعب على الجميع. وقال إدريس لشكر ، الذي تحول خلال الجلسة إلى ناطق باسم الحكومة في تفسير موقف الأغلبية، "إن الحكومة قد حرصت على التوازن والانفتاح على المعارضة حينما استدعت فرقها، ومنها فريق العدالة والتنمية، للحوار حول مشاريع القوانين المذكورة قبل عرضها على البرلمان"، مبررا تصدي الحكومة وأغلبيتها لجميع مقترحات المعارضة سواء داخل اللجنة أو في الجلسة العامة بضرورة التحلي بالواقعية ومراعاة مرحلة التوافقات ومقتضياتها وأن التراكم هو الذي يؤدي في النهاية إلى الاستجابة للمطالب، معتبرا أن المطالب التي جاءت على لسان فريق العدالة والتنمية هي كذلك مطالب فريقه، وستظل كذلك. كما اعترف بأن الإصلاحات التي أدخلت على القوانين المذكورة هي إصلاحات جزئية، وأنه ينبغي تبني منهج: "خذ وطالب"، مؤكدا أن التوازن الحقيقي هو أن تكون المعارضة قوة اقتراحية وأن تبقى الأغلبية المنسجمة، وأن فريقه قد تجاوز ما سماه "المنطق العدمي". وطيلة لحظات الجلسة العامة بدا الحرج واضحا على فرق الأغلبية، مما دفع بالفريق الاستقلالي أيضا إلى تبرير موقف الأغلبية والحكومة بالرجوع إلى التاريخ وإلى"ما عانيناه من تلك الفترة عندما تكون القاعة ممتلئة حينما يكون وزير الداخلية حاضرا وكنا في هذا الموقع نجابهه بصراحة". ولم يفت الفريق الاستقلالي أن يعترف بأن المقترحات التي جاءت بها المعارضة هي جيدة بالفعل، بل ذهب أكثر من ذلك إلى التأكيد في منطق تبريري إلى أن " كل القوانين صالحة وأن المشكل هو الحياد الذي لا ينبغي أن يكون سلبيا من أجل صيانة الديمقراطية". وقد ظهر هذا المنطق الإقصائي لمقترحات المعارضة والمنطق التبريري لتلك المواقف المحافظة التي نكصت إلى المعارضة السابقة"(الأغلبية الحالية) في نقاش مختلف المشاريع المعروضة كما يتضح من خلال بعض النماذج التي نعرضها في هذا المقال: تتخفيض سن الانتخاب: إذا كان المشروع المتعلق بهذه القضية قد صوت عليه بالإجماع، فإن تفسير التصويت كان مناسبة لبروز تباين المواقف السياسية. إذ حمل رئيس فريق العدالة والتنمية الحكومة السابقة وأغلبيتها المسؤولية في حرمان الشباب البالغ سن 18 سنة من التصويت حينما تصدت لمقترح لحزب العدالة والتنمية في هذا الصدد أثناء الولاية التشريعية السابقة. وهكذا يتضح كما يقول الرميد أن الحكومة الحالية مثل الحكومة السابقة تظهر عجزها في مجال تدبير التحضير للانتخابات وإدخال ما ينبغي إدخاله على المنظومة الانتخابية "إذا كان ينبغي أن تراجع المقتضيات القانونية في وقت ملائم حتى تتمكن الأحزاب السياسية من تدبير ملائم حتى نتمكن ليس فقط من المراجعة القانونية لكن من تأهيل الأحزاب والمجتمع وفق هذه المقتضيات" ويضيف الرميد "ها نحن نعيش أطوار دورة استثنائية بما تعنيه كلمة استثناء من معنى أن التصويت على المشاريع في اللجنة وقع يوم الجمعة لتنعقد الجلسة العامة في بداية الأسبوع، كما أن الفرق النيابية لم تتمكن من التقارير إلا صباح هذا اليوم". وأكد الرميد أيضا أن فريق العدالة والتنمية إذ يعتز بالقرار الملكي بخفض سن التصويت إلى 18 سنة فقد جاء لينصف فئة من الشباب ولينصف فريق العدالة والتنمية الذي سبق أن تقدم بتعديل في نفس الاتجاه لكن الحكومة واجهت هذا التعديل بدعوى وجوب تعديل مدونة الأحوال الشخصية في حين أنه لا شيء يوجب هذا الربط إذ تمكن تصور سن رشد خاص هو الرشد الانتخابي مادام الدستور ينص نفسه عن سن رشد خاص لذلك يضيف الرميد: "كان من الممكن تعديل الفصل 137، وكان من الممكن أن نكون قد أنصفنا شبابنا في ذلك الوقت، لكن الحكومة لم تفعل وجاء الخطاب الملكي كي ينصف الشباب وينصفنا ونعتز بالخطاب الملكي ونتأسف على رفض تعديلنا". المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية وفيما يتعلق بمراجعة اللوائح الانتخابية سجل فريق العدالة والتنمية عدم وفاء الحكومة بالتزامها بتحضير المشاريع والإصلاحات القانونية في الوقت المناسب، فضلا عن أنها لم تقدم مشروع القانون المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية مع ما لهذا القانون من دور فعال في ترشيد المشهد السياسي. كما سجل أن الحكومة لم توف بتعهدها بإعادة النظر في اللوائح الانتخابية التي يعود تاريخ وضعها إلى سنة 1990، حيث قالت على لسان وزير الداخلية وضع لوائح انتخابية عامة للانتخابات الجماعية المقبلة لتتراجع عن ذلك بخطاب آخر هو المراجعة الاستثنائية متعللة بضيق الحيز الزمني. وهكذا أصبح منطق الاستثناء هو القاعدة، إذ كان المغرب مع مراجعة استثنائية سنة 1997 وأخرى سنة 2003، وفي دورة استثنائية، علما أن اللوائح الانتخابية كانت دوما موضوع طعن سياسي من أغلب الهيئات السياسية، بما في ذلك أحزاب الأغلبية الحكومية التي تصدت لمطلب المعارضة بوضع لوائح انتخابية جديدة ولكل المقترحات التحسينية في مشروع المراجعة الاستثنائية المقدم لمجلس النواب. (يتبع)