ماهي مكانة قيم الهوية ومنظومة القيم في البرامج الانتخابية المقترحة من قبل الأحزاب السياسية لاستحقاقات 25 نونبر الجاري؟ الواقع أن هناك تباين واضح في مجال استحضار هذا المعطى في برامج مختلف الأحزاب. ويمكن تصنيف البرامج الحزبية إلى ثلاث توجهات، توجه يمثله حزب العدالة والتنمية، والذي يعتبر أن قيم الهوية وتعزيز منظومة القيم في الدولة والمجتمع يمثل الرهان الأكبر لإعادة رسم السكة الصحيحية لمختلف الاختلالات المسجلة في مجمل تدبير السياسات العمومية. توجه ثاني تمثله أحزاب اليسار والتي تنادي بكونية القيم وتجسيد منظومة حقوق الانسان كما هو متعارف عليه عالميا مع الحديث «محتشما» عن الحفاظ على عناصر الهوية الوطنية. قم هناك توجه ثالث لايؤسس خلفيته البرنامجية على أساس تقعيد للقيم المطلوبة لرفع التحديا، باستثناء الحديث عن قيم بعينها كقيم محاربة الفساد والشفافية. وتلخص عدد من البرامج التالية هذه التوجهات الثلاث الكبرى التي تخترق مساحة البرامج الانتخابية: حزب العدالة والتنمية تحت عنوان « إحياء وتجديد نظام القيم المغربية الأصيلة على أساس من المرجعية الإسلامية و الهوية المغربية» خصص البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية مساحة كبيرة لمعطى الهوية والقيم في تعهداته الانتخابية. ودعا الحزب إلى ضرورة اعتماد وتنزيل منظومة وطنية لقيم الحرية والمسؤولية والنزاهة والشفافية والعلم والعمل والتضامن تؤطر مجموع السياسات العمومية. وينص على عدد من الإجراءات منها أولا، اعتماد سياسة أفقية تشمل مختلف القطاعات الحكومية الإعلامية والثقافية والتعليمية والاجتماعية والدينية، وإقرار آلية لتنسيق فعال بينها من أجل نشر وتقوية القيم الأخلاقية الأساسية لنهضة الأمة والعمل على ترسيخها. أيضا يقترح البرنامج دعم وتفعيل المؤسسات الدعوية المجتمعية وتيسير مساهمتها في نشر قيم الوسطية والاعتدال ومعالجة تحديات القيم والتدين في ظل العولمة المتسارعة، وفق منظور يشجع قيم الانفتاح الإيجابي والفعال.و إخراج أكاديمية محمد السادس للغة العربية ودعم وتقوية حضور اللغة العربية في جميع المستويات التعليمية . ويدعو البرنامج إلى تطوير استراتيجية تدريس اللغة الأمازيغية بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية واعتماد مادة إضافية تسمى الثقافة الجهوية في البرامج الجهوية تعكس تنوع المغرب في ظل الثوابت الدينية والتاريخية للوطن. ويدعو برنامج العدالة والتنمية إلى ضرورة اعتماد سياسة لغوية وطنية قائمة على التنوع وصيانة الوحدة وضمان الانفتاح وتحقيق السيادة اللغوية.مع الدعوة إلى اعتماد سياسة إعلامية وثقافية وفنية تعيد الاعتبار للهوية المغربية والإنسان المغربي وقائمة على المواطنة والحرية والمسؤولية والإبداع، وذلك من خلال: دعم اعلام ديمقراطي و حر ومسؤول يعكس التعددية السياسية والثقافية و يخدم الهوية الوطنية ومنخرط في التنمية المجتمعية و تأهيل الموارد البشرية والعناية بالعاملين في القطاع الاعلامي و دعم الإنتاج الوطني والمقاولة الصحفية.دعم انتاج برامج اعلامية تهم التعريف بالحضارة المغربية ورصيدها التاريخي وأعلامها الكبار وتعالج قيم النهوض الحضاري المتجدد للأمة المغربية وتدعم تنوعها اللغوي.تحسين صورة المرأة في الإعلام وإقرار إجراءات فعلية للحد من توظيف جسد المرأة كسلعة تجارية تكرس دونية المرأة وتختزلها في بعدها الجسدي. برنامج الكتلة: تدعو أحزاب الكتلة إلى تعزيز تماسك الوحدة الوطنية من خلال: توطيد روابط الانتماء للوطن على ضوء تنوع مقومات الهوية الوطنية، وتمتيع المغاربة المقيمين بالخارج بحقوق المواطنة الكاملة، وتمكينهم من الحفاظ على انتمائهم لوطنهم وصيانة مصالحهم. برنامج الكتلو أيضا يدعو إلى بناء وتطوير التعددية الثقافية على ضوء مقتضيات الدستور الجديد بخصوص ترسيم اللغة والثقافة الأمازيغيتين وإيلاء أهمية خاصة للغة العربية وكل الروافد اللغوية ومنها الحسانية. ويتضمن البرنامج مقترح تطوير مضامين تراثنا في تنوعه وغناه والاندراج الواعي في الثقافة العالمية والقيم الكونية والانفتاح المستمر على عطاءات الشعوب والأمم الأخرى. إضافة إلى دمقرطة ولوج مختلف تعابير وإنتاجات تعدديتنا الثقافية إلى التعليم والإعلام والإبداع والحياة العامة. التقدم والاشتراكية: يؤكد الحزب على أن برنامجه الانتخابي تبلور من خلال اللقاء مع الحركة الأمازيغية والنسائية والمتعاقدين وفئة المعوقين والأوساط الفلاحية والشبابية والحركة النسائية. مما يعني أن تعبيراته فيما يخص منظومة القيم والهوية تتقاطع مع مختلف تلك الأطراف المتعاقدة. التحالف من أجل الديمقراطية: يدعو برنامج الأحزاب الثمانية إلى تعزيز المساواة بين المرأة والرجل وبلورة سياسة متوازنة مبنية على النوع الاجتماعي. ويتضمن البرنامج عدد من الالتزامات على المستوى الثقافي. منها بشكل خاص دعم الأصالة المنفتحة على القيم الكونية، والانخراط الفاعل والمتفاعل مع المحيط، واعتماد سياسة لغوية تضمن الارتقاء باللغات الوطنية والانفتاح وتملك اللغات الأجنبية، ومأسسة الأمازيغية كهوية ولغة وثقافة. وفي مجال التعليم، يتضمن البرنامج الدعوة إلى ضرورة استعادة الثقة في المدرسة كفضاء لاستنبات القيم، والإعداد للانخراط في الحياة الاجتماعية والمهنية، ودعم تكافؤ الفرص والترقي الاجتماعي.