تعيش بلادنا خلال الأسابيع المقبلة على إيقاع استحقاقات انتخابية، ليست كسابقاتها، بالنظر إلى السياقات التي نعيشها اليوم، فالمجتمع المغربي يعرف حراكا سياسيا ومجتمعيا مطالبا بالإصلاح، ومثله عدد من المجتمعات العربية غاضبة وثائرة ضد كل مظاهر الفساد والاستبداد، تتطلع إلى العيش بكرامة وإلى الحرية والعدالة والديمقراطية. وحيث أن الاستحقاقات الانتخابية لا تهم فقط الأحزاب السياسية المعنية مباشرة بتدبير الشأن العام، بل تعني المجتمع بأكمله، بما فيه هيئات المجتمع المدني، وحيث أن الدستور الجديد ينص على مساهمة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، في الديمقراطية التشاركية. فإن حركة التوحيد والإصلاح باعتبارها منظمة غير حكومية تنتمي لهيئات المجتمع المدني، وانطلاقا من منهجها القائم على المشاركة الإيجابية وعلى التعاون على الخير مع الغير، واستحضارا منها لقوله تعالى ?وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ? (المائدة الآية 2)، تعتبر أن الاستحقاقات القادمة تشكل اختبارا حقيقيا لنا جميعا؛ وتتوجه إلى جميع أبناء الوطن بهذا النداء من أجل التعاون على توفير كل شروط وضمانات نزاهة الانتخابات، وتعتبر هذا الأمر مسؤولية مشتركة، وتؤكد على ما يلي: 1 مسؤولية المجتمع المدني بهيئاته ومنظماته في الانخراط الفاعل والقوي وتعبئة كل الطاقات من أجل إنجاح هذه المحطة، سواء من خلال حث المواطنين على المشاركة المكثفة في هذه الاستحقاقات التاريخية والمصيرية، أو من خلال المساهمة في متابعة العملية الانتخابية ومراقبة نزاهتها وشفافيتها، ورصد الخروقات التي يمكن أن تهدد سلامتها والتصدي لسماسرتها ومفسديها. 2 مسؤولية العلماء والمثقفين والمفكرين ورجال الإعلام وذلك من خلال الإسهام بأقلامهم ومنابرهم في نشر قيم المواطنة وواجباتها وقيم المسؤولية والنزاهة والمشاركة الإيجابية والمنافسة الشريفة، وتقديم المصلحة الوطنية العليا على ما سواها. 3 مسؤولية عموم المواطنين في المشاركة المكثفة وتحمل مسؤولياتهم في استعمال أصواتهم لاختيار الأكفأ والأصلح، والقطع التام مع دعم المفسدين أو بيع الأصوات لأن في ذلك خيانة لأمانة، مصداقا لقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ{ (الأنفال/27). 4 مسؤولية الأحزاب السياسية وذلك من خلال تحمل مسؤولياتها وإسهامها في إرجاع الثقة في العملية الانتخابية من خلال الحرص على ترشيح الأكفأ والأصلح والامتناع عن منح التزكيات للمفسدين وأباطرة الانتخابات وسماسرتها. 5 مسؤولية الدولة من خلال القطع مع أساليب التحكم في الحياة السياسية والخريطة الحزبية، ووضع كافة الضمانات الكفيلة بتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، والقطع مع نهج الحياد السلبي في التعاطي مع مختلف أشكال الفساد الانتخابي، والتصدي بحزم لسماسرة ومفسدي الانتخابات والضرب على أيديهم بقوة. إن حركة التوحيد والإصلاح إذ تتوجه بهذا النداء لكل أبناء الوطن لَعَلى ثقة بأن الخير باق في هذه الأمة وفي جميع مكوناتها، وأنه آن الأوان أن يتقدم أولوا الضمائر الحية والإرادات الحسنة، وأن يتعاونوا على إنجاح وإنجاز الإصلاح المنشود، انطلاقا من شعار: «التغيير: من أنفسنا نبدأه، وجميعا نصنعه، مصداقا لقوله تعالى: «إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم». الرباط في 27 ذو القعدة 1432 ه الموافق 25 أكتوبر 2011 م محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح