يضفي المغاربة على فريضة الحج قدسية خاصة تدفع بكثير منهم إلى نوع من المغامرة بتهوين الاستطاعة الصحية عند العزم على تأدية هذه الفريضة ، حالة مرتبطة بشوق وجداني للتعجيل بأداء هذه الشعيرة خاصة في ظل نظام القرعة الحالي التي تضيق معه الفرص شيئا فشيئا. بل كثير منهم تجده راغبا في أن تكون تلك البقاع قبرا له متمنيا الموت بتلك الديار رغبة في شفاعة الرسول صلى الله عليه و سلم مستشهدا بقوله صلى الله عليه وسلم " من مات بأحد الحرمين بعث آمنا يوم القيامة " و " من استطاع أن يموت في المدينة فليمت فإني أشفع لمن يموت بها " وهذا ما يجعل البعض من الحجاج لا يهتم كفاية بصحته و لا يستحضر ولا يلتزم بالشروط الصحية خلال مدة الحج خاصة كبار السن منهم و ذوو الأمراض المزمنة ، من جهة أخرى ، فكما يحرص الراغب في الحج على التفقه في كل ما يرتبط بهذه الشعيرة التعبدية و كذلك على طلب التوضيحات الإدارية التي تسهل عليه السفر و الإقامة ، فبنفس المستوى يجب الحرص على التوعية الصحية حفاظا على سلامتهم حتى يتمكنوا من أداء المناسك على الوجه المطلوب و حتى تكون عودتهم لبلدهم و أهلهم وهم في حالة صحية جيدة، فديننا الحنيف أولى الصحة و المحافظة عليها ودفع المرض و علاجها عناية خاصة . لهذا الغرض سنحاول من خلال هذه المساهمة التطرق لجملة من الإرشادات و التوجيهات الصحية التي نرى ضرورة تنبيه حجاج هذه السنة إليها.. خصوصيات ظروف الحج للحج خصوصيات تميزه عن غيره من التجمعات البشرية في العالم ويمكن إجمالها في مايلي : - العدد الكبير للحجاج الذي يقارب الملايين و من أعمار مختلفة ، وهذا وضع يتطلب إستنفار صحي . - تميز المناخ بمكة بكونه مناخ صحراوي جاف نسبيا قد تصل معدل درجة الحرارة القصوى بين شهري أكتوبر و نونبر إلى 45 درجة كما يتراوح متوسط الرطوبة ما بين 32 و 57 في المائة ، على أن شهر نونبر هو من الشهور الممطرة في مكة على العموم ، أي كيفما كان الحال فالمناخ مختلف بشكل كبير عن معظم المناطق بالمغرب وهذا يتطلب من الحاج المغربي الإحتياط أكثر خاصة في بداية مقامه حتى يتأقلم نسبيا مع هذا التغير المناخي. - قدوم الحجاج من مناطق مختلفة مع ما يصاحب ذلك من إختلاف في درجة الوعي الصحي و الأخذ بشروط الوقاية . - القيام بمجهود بدني كبير في فترة زمنية محدودة . - تغير النظام الغذائي . هذه الخصوصيات و غيرها هي أرضية خصبة مؤثرة سلبا في الحالة الصحية للحاج خاصة حالات كبار السن و أصحاب الأمراض المزمنة و الأطفال و النساء الحوامل..... إستعدادات ما قبل الحج قبل السفر يستحسن الأخذ بالإحتياطات التالية : - ضرورة الإستعداد المبكر وذلك بالقيام بالإجراءات الإدارية و إقتناء مايلزم من الحاجيات بمدة زمنية كافية مع الحرص على أخذ الجسد لنصيبه من الراحة ، كما يستحسن لمن له القدرة أن يعود جسمه على تمارين رياضية خفيفة و منتظمة حتى يكون في أتم الإستعداد بدنيا. - القيام بالإجراءات الصحية المطلوبة رسميا من التطعيم باللقاحات ( داء إلتهاب السحايا و الأنفلونزا الموسمية ) مع الفحوصات الطبية و التحاليل المخبرية . - تعجيل الإستشارة الطبية الدورية التي يقوم بها أصحاب الأمراض المزمنة ( المصابون بداء السكري ، إرتفاع الضغط الدموي، الربو ...) لأخذ التوجيهات الخاصة و الوقائية و الوصفات الطبية التي تمكنهم من أخد الكمية الكافية من الأدوية أو الحميات الغذائية . توجيهات خاصة بالسفر و التنقل عند السفر أو التنقل مابين مكة و المدينة أو مابين مكة و عرفات و غيرها من المناطق، نوجه عناية الحجاج إلى ما يلي: - الوقاية من دوار السفر، فبعض المسافرين الذين سيخوضون تجربة السفر بالطائرة لأول مرة سيعانون من رغبة في الغثيان و دوار و غيرها من أعراض دوار السفر خاصة عند صعود أو هبوط الطائرة ، كما أن من الناس من لا يتحمل التنقل بالحافلة لمدة طويلة (السفر بين مكة و المدينة 10 ساعات بين مكة و جدة 4 ساعات وبين المدينة و جدة 10 ساعات) أو عند التنقل لأداء باقي شعائر الحج إذا أضفنا لذلك شدة الحرارة. وكحل أولي ينصح بأخذ أدوية وقائية قبل السفر بمدة نصف ساعة وتكرار تناولها عند طول المدة. - أخذ حقيبة الأدوية الخاصة بالحاج معه في الطائرة وعدم تركها مع باقي حاجياته ، ونفس الأمر عند التنقل بالحافلة فقد يحتاج لتناول أدويته في أية لحظة. - إصطحاب وجبة خفيفة، خاصة عند التنقل بالحافلة لأنه قد تطول مدة السفر ( قد تؤثر مدة التنقل الطويلة على الحاج المصاب بداء السكري ..) وكذلك عند الانتظار في المطار في الديار السعودية (قد تستغرق الإجراءات الإدارية 5 إلى 6 ساعات ). - الإنتباه إلى عدد الساعات الطويلة التي سيقضيها الحاج في تنقله لذلك عليه التخلص من الفضلات كلما حانت الفرصة لتجنب الآلام و الضيق الذي يسببه التأخر الطويل في عدم التخلص من البول و الغائط. - عدم الإكثار من الأمتعة و الحاجيات التي يصطحبها الحاج معه و الإكتفاء بالضروري منها حفاظا على سلامته الجسدية من بعض الإصابات التي قد تلحق عضلاته أو عموده الفقري من جراء حمل أوزان كثيرة ، ولأجل دلك ينصح الإستعانة بحقائب ذات عجلات و الإمتناع عن حمل الحاجيات في أكياس أو حقائب عادية كبيرة. أثناء الحج أثناء الإقامة بمكة ، هذه جملة من النصائح العامة لعموم الحجاج ونصائح خاصة ببعض الأمراض المزمنة أو الحالات المرضية الكثيرة الحدوث. 4-1 نصائح و إرشادات عامة - الحرص على أخد الدفتر الصحي الذي تسلمه الحاج من السلطات الصحية المختصة بالمغرب خلال سفره و تنقله ، كما بإمكانه إتمام معلومات هذا الدفتر بتدوين أرقام هواتف الأطباء الذين يعالجونه بالمغرب عند الضرورة . - من سمات الإقامة بالحج الاشتراك الجماعي في السكن، ولهذا وجب التأكيد على مايلي : ● التشديد على تنظيف المرافق المشتركة باستمرار كالحمام. ● الحرص على تنظيف أواني المطبخ في حينه. ● التوافق على درجة تبريد الشقة. - أخد قسط وافر من الراحة قبل و بعد كل شعيرة من شعائر الحج. - في حالة شدة الحرارة يفضل تجنب الطواف والسعي في وقت تكون فيه درجة الحرارة مرتفعة، خاصة في وقت الظهيرة و استعمال المظلة الواقية من الشمس حتى لا تتم الإصابة بضربة الشمس و على العموم ينصح بعدم التعرض لأشعة الشمس لمدة طويلة . - الحرص على التوفر على اللوازم الفردية لتقليل تنقل العدوى ( أغطية فردية – منشفات – كؤوس- لوازم الحلاقة- مشط- مقص تقليم الأظفار....) - من أضرار التعرض لأشعة الشمس الإصابة بالحروق الجلدية الشمسية وتعالج ب: ● الإتجاه إلى مكان مظلل. ● استخدام المكمدات الباردة. ● وضع مرهم للحروق و ضماد طبي . - الإمتناع عن تناول الأغذية المكشوفة ، المعرضة للأتربة ، واستعمال الأغذية المغلفة أو المحفوظة مع التأكد من تاريخ الصلاحية. - يفضل في الأطعمة تناول الفواكه و الأطعمة المسلوقة المفيدة للجسم وغير المهيجة للأمعاء .. - الإكثارمن شرب السوائل خاصة الماء لتعويض ما يفقده الجسم من سوائل بسبب الحرارة المفرطة - الحلاقة : إصطحاب أدوات حلاقة فردية ولوازمها و تفادي تبادل هذه الأدوات بين الحجاج لأنها مصدر خطير لإنتقال بعض الأمراض المعدية. - حماية العين من أشعة الشمس و ذلك بارتداء نظارة شمسية سوداء من نوع جيد. - الزكام : ● تجنب التبدل الحراري المفاجئ. ● الإبتعاد عن مواجهة التبريد و التكييف المباشر. ●تجنب السعال و العطاس في مواجهة الآخرين. ●إلقاء المناديل و إتلافها في أماكن خاصة. ● الإبتعاد ما أمكن عن ملامسة المصابين بالمرض.أو الإقتراب الشديد منهم. - إلإلتهاب الجلدي: و غالبا ما نلاحظه بين الفخذين أو تحت الإبطين أو أسفل الثديين عند النساء خاصة المتصفات بالبدانة ، و ينصح في هذه الحالات تخفيف حالة التعرق و الإحتكاك بتجنب المشي طويلا وقت الحر ما أمكن و بإستعمال بعض الأدوية التي تخفف من التعرق الشديد و بتجنب الملابس الداخلية الضيقة . - تشقق أو جرح القدمين: للوقاية و علاج هذه الإصابات ينصح ب: ● تجنب ارتداء أحدية جديدة ●غسل القدمين و تجفيفهما جيدا و استعمال مواد مرطبة ومطهرة. 4-2 نصائح خاصة: وهي إرشادات خاصة بذوي بعض الأمراض المزمنة و ببعض الحالات المرضية التي تصادف كثيرا في الحج ومنها : 1 - ارتفاع الضغط الدموي، وينصح ب: - قبل السفر، مراجعة الطبيب و متابعة قياس الضغط و اصطحاب آلة قياس الضغط. - البعد عن كل ما يثير القلق و التوتر. - بخصوص النظام الغذائي ، ينصح بالإبتعاد عن الأشربة و الأطعمة التي تؤدي إلى ارتفاع الضغط الدموي وتطلب لائحة بتلك المواد من الطبيب المعالج . 2 -مرض السكري نسبة مهمة من الحجاج المغاربة تكون مصابة بمرض السكري، وهذه بعض النصائح المساعدة لهؤلاء المرضى: - زيارة الطبيب قبل السفر لأخذ النصائح اللازمة للعلاج و أخذ وصفة طبية كافية لمدة الإقامة، ويستحسن طلب تقرير عن الحالة الصحية للحاج سيفيد إن تعرض الحاج لأي طارئ وكذلك نفس الأمر بالنسبة للنظام الغذائي الذي يراعي ظروف الحج . - اصطحاب الحاج لحقيبة خاصة بالعلاج الدوائي ، جهاز قياس نسبة السكر بالدم و لوازمه. أدوات قياس نسبة السكر و "حامض السيتون" في البول إذا لزم الأمر. - ارتداء أحذية مريحة غير ضيقة. - الحرص على النظافة المستمرة للقدمين و بين أصابع الرجلين ومعالجة سريعة لأية إصابة تلحقهما. - تناول وجبة خفيفة مع كمية من السوائل قبل أي مجهود بدني - معرفة أعراض ارتفاع و انخفاض نسبة السكر في الدم لحسن التصرف - في حالة انخفاض نسبة السكر، وفي الغالب بعد مجهود بدني غير معتاد، يجب شرب كأس من العصير و أكل قطعة من الحلوى مع التزام الراحة - إذا كان نوع السكري يعالج بالأنسولين وجب حفظ هدا الأخير في درجة حرارة مابين 2-8 درجة أو عند فتح قارورة الدواء، في درجة لا تتجاوز 30 درجة لمدة استعمال أقصاها 28 يوم. 3 -النزلات المعوية (الإسهال) وحالاته كثيرة في الحج مرتبطة بفرص انتقال العدوى الكثيرة وكذلك بإهمال النظافة، و النصائح الأساسية هنا : - التشديد على النظافة الشخصية. - غسل الأيدي بشكل جيد ، باستخدام الصابون و المياه الجارية مع تنظيف كل أجزاء اليدين و خصوصا تحت الأظفار . - تقديم الطعام في أوان نظيفة - الطعام المطبوخ يجب تقديمه ساخنا - الطعام الغير المطبوخ كالخضروات و الفواكه فيغسل جيدا بمياه نظيفة. - بقايا الطعام فتحفظ في الثلاجة ، و إعادة غليانها قبل تناولها . 4 -إلتهابات الأنف و الحلق وهي من الأعراض التي تصادف لدى الحاج وترجع بالأساس ل: - إختلاف درجة الحرارة الكبير بين أماكن تواجد الحاج ، فيجب عدم الجلوس في أجواء باردة جدا ثم الخروج إلى الجو الحار أو العكس ، - شرب المثلجات فوجب تجنبها و تعويضها بماء متوسط البرودة . - الإزدحام ، فعلى الحاج أن يتلثم و يغطي أنفه و فمه ليحمي جهازه التنفسي من التلوث ، على أن يبدل الكمامات بشكل دوري. - الإرهاق الجسدي، فعلى الحاج أن يعطي نفسه الراحة التامة - التدخين و البخور ، فهما يؤديان إلى إحتقان و تهيج الأغشية المخاطية المبطنة للأنف و الحلق مما يسهل إلتهابهما. - الصياح و رفع الصوت الشديد اللذان يضران بالحبال الصوتية . 5 -الحقيبة الصحية الحقيبة الصحية من ضروريات السفر خاصة عند الرغبة في الإقامة مدة كبيرة وكذلك لذوي الأمراض المزمنة، على أنه وجب التنبيه أن استشارة الطبيب و كذلك الصيدلاني من الأمور الضرورية قبل تناول أي دواء او إقتنائه . من أمثلة الأدوية التي تفيد الحاج في سفره و مقامه هناك : - أدوية الألم و إرتفاع درجة الحرارة. - أدوية مساعدة على تنشيط الجسم و استرجاع حيويته كالفيتامينات. - أدوية و لوازم مداواة الجروح و آلام العضلات . - مضادات حيوية و مضادات التعفنات خاصة النزلات المعوية . - أدوية مخففة للسعال. - مضادات التشنجات لمعالجة المغص المعوي مثلا ، - واللائحة مفتوحة حسب حالة المريض و جنسه و عمره، دون أن ننسى التذكير بضرورة التزود بالكمية الكافية من الأدوية التي يتناولها الحاج لمرض خاص به يتداوى منه . 6 -بعد العودة من الحج - يستحسن أن يقوم الحاج باستشارة طبية إذا شعر بأعراض غير طبيعية. - كما أن عليه أن يتجنب المجهود الكثير ويأخذ قسط من الراحة ليستعيد حيويته. ختاماَ الحاج مطالب بالإجتهاد قدر المستطاع في حماية صحته و العناية بها لأنها عمدته في القيام بعباداته و قضاء أغراضه بشكل سليم ولأنها قبل ذلك نعمة من الله وجب شكره عليها بحسن رعايتها .