تعيين ابن مدينة الجديدة محمد الحبيب بلكوش، مندوباً وزارياً مكلفاً بحقوق الإنسان    ألستوم تُعلن رسمياً توقيع اتفاق يتعلق بمشروع "التيجيفي" بين طنجة ومراكش    شهر رمضان.. وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم حصيلة حملة المساعدة الإنسانية في القدس    السعيدية.. تسليط الضوء على الندوة الدولية حول تطوير الريكبي الإفريقي    العجز التجاري للمغرب يقفز إلى 50.7 مليار درهم عند متم فبراير    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    مجلس الحكومة يصادق على إعادة هيكلة قطاع التواصل وتوسيع اختصاصاته    أديس أبابا.. رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي يستقبل السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الاتحاد الإفريقي    مونديال السيدات 2035.. إسبانيا ستتقدم بترشيح مشترك مع المغرب والبرتغال    ارتفاع حصيلة زلزال بورما إلى 144 قتيلا    وزير التربية الوطنية يكشف تفاصيل الإصلاح التربوي أمام مجلس الحكومة    فرنسا تمنح مهنيي النقل امتياز التأشيرات بدون مواعيد: توقيع اتفاقية شراكة بين القنصلية العامة وAMTRI    نهضة بركان يبلغ ثمن نهائي كأس العرش بفوزه على اتحاد طنجة    مطار محمد الخامس بالدار البيضاء .. السيطرة على حريق اندلع في منطقة الشحن التابعة للخطوط الملكية المغربية    مارين لوبان تنتقد إدانة بوعلام صنصال: وصمة عار لا تُمحى على النظام الجزائري    وزارة الداخلية.. إغلاق 531 محلا ومصادرة 239 طنا من المنتجات غير القانونية    مقترح قانوني.. حظر ممارسة الأنشطة التجارية للمسؤولين في فترة مهامهم    العجز التجاري يتفاقم ب22 بالمائة منذ مطلع هذا العام    العرض ماقبل الأول لفيلم «مايفراند» للمخرج رؤوف الصباحي بسينما ميغاراما    رامز جلال في رمضان والكاميرا الخفية المغربية .. مقلب في الضيوف أم في المشاهد؟    مباريات كرة القدم للتأهل إلى المونديال إصابة أكرد تدمي قلب مشجع ستيني    وهبي يعثر على "توأم روحه" بالتعيين الملكي لبلكوش مندوبا وزاريا لحقوق الإنسان    مطالب بعقد اجتماع عاجل بمجلس النواب لمناقشة تفاقم البطالة    الزرع المباشر في المغرب توسع متسارع نحو مليون هكتار بحلول 2030    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    ضبط 240 ألف طن من المواد الفاسدة وإغلاق 531 محلا تجاريا بسبب مخالفات صحية خلال شهر رمضان    السناتور الأمريكي ساندرز يسعى للتصويت في مجلس الشيوخ على قرارات تمنع بيع أسلحة لإسرائيل    دونالد ترامب يستضيف حفل إفطار بالبيت الأبيض    الصين: انخفاض الأرباح الصناعية ب0,3 بالمائة خلال الشهرين الأولين من 2025    دوري أبطال إفريقيا: تحكيم ليبي لمباراة الإياب بين الجيش الملكي وبيراميدز المصري    محكمة إسبانية تبطل إدانة نجم برشلونة السابق البرازيلي داني ألفيش بتهمة الاغتصاب    وزيرا دفاع سوريا ولبنان يوقعان في جدة اتفاقا لترسيم الحدود بوساطة سعودية    "ضحايا كثر" جراء زلزال بورما وتايلاند    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    "مناجم" التابعة للهولدينغ الملكي تحقق رقم معاملات ناهز 4 مليارات درهم وتعلن عن اكتساف 600 طن من احتياطي الفضة    فليك : أنا فخور بفريقي .. الروح القتالية سر انتصار برشلونة الكبير    تيك توك تطلق منصة تسوق تفاعلية في أوروبا    مصطفى أزرياح من تطوان يتوج بجائزة محمد السادس ل"أهل الحديث"    عودة أسطورة الطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي في عرض يعد بالكثير    هل ينتقل نايف أكرد لماشستير يونايتد … بسبب إعجاب المدرب … ؟    أيها المغاربة .. حذار من الوقوع في الفخ الجزائري    الأردن وزواج بغير مأذون    محمد مزوز من طنجة يتوج بجائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية في فرع "جائزة التسيير"    استفزازات متكررة من الجزائر في الأعياد الدينية.. مصادفات متفرقة أم سياسة ممنهجة؟    باحثون يكتشفون رابطا بين السكري واضطرابات المزاج ومرض ألزهايمر    كرة القدم لعبة لكنها ليست بلا عواقب..    سكان المغرب وموريتانيا أول من سيشاهد الكسوف الجزئي للشمس السبت    بوطازوت تضطر للانسحاب من تقديم "للا العروسة" بعد إجرائها عملية جراحية    "الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير    عادل أبا تراب ل"رسالة 24″: هذا هو سبب نجاح "الجرح القديم" ومقبل على تقمص جميع الشخصيات    حب الحاجب الذي لا يموت..!    أوراق من برلين: فيلم "طفل الأم".. رحلة تتأرجح بين الأمومة والشكوك    فن يُحاكي أزمة المياه.. معرض فني بمراكش يكشف مخاطر ندرة الماء والتغيرات المناخية    رسالة إلى تونس الخضراء... ما أضعف ذاكرتك عزيزتي    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تودع شكاية لفائدة طفلة أُصيبت بالسيدا عقب عملية جراحية    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكاء على غصن الزيتون المسموم
نشر في التجديد يوم 25 - 04 - 2002

بالرغم من كل التصريحات التي تطلق هنا و هناك و الرسائل المبهمة فان الولايات المتحدة و حتى "إسرائيل" بدؤوا يهمسون سرا بأنه ليس من المتوقع أن تتوقف الانتفاضة حتى يتم التوصل إلى نتائج مرضية للفلسطينيين على طاولة المفاوضات.
فخلال التاريخ تفاوضت الأطراف المتناحرة حول هدنة أو توقف لإطلاق النار فيما المعارك مشتعلة . والحالة الفلسطينية ليست استثناء، فالطرف الذي أنجز كل شيء طلب منه فقد أي أمل في تحقق الوعود الفارغة التي يطلقها المعتدي الذي لا يكف عن المطالبة بالمزيد و المزيد من التنازلات. و لهذا فانه لا يمكن إحلال السلام إلا إذا كانت هناك ضمانات صادقة وواقعية لمستقبل افضل للفلسطينيين سواء من يتواجدون في الداخل أو في الشتات .حيث لم يعد بوسع الفلسطينيين الذين سئموا من الاستغلال و الإهانة و القمع و الوحشية الإسرائيلية القبول بانسحاب عسكري للقوات الإسرائيلية أو عملية سلام هزيلة.
و أنا لا أناقش من خلال هذا الطرح القضية الفلسطينية أو المطالب الفلسطينية المعهودة و لكن طرحي يتمحور حول وجوب الموافقة على المطالب الفلسطينية قبل توقف الانتفاضة.و لكن و لفهم لماذا يجب الموافقة على المطالب الفلسطينية قبل توقف الانتفاضة يتحتم علينا أولا فهم الهوة الكبيرة بين شكاوى الفلسطينيين و شكاوى الإسرائيليين .فشكاوى الفلسطينيين تتميز باستمراريتها حتى في ظل وقف إطلاق النار أما الإسرائيلية فهي تأتي حسب المناسبات و تختفي و تتبخر خلال وقف إطلاق النار.
فشكاوى الفلسطينيين تتضمن و حسب ما يجمع عليه العالم ( و هي ليست كلها مشمولة هنا) الطرد الإجباري القمعي لأكثر من 3 ملايين لاجئ من أراضيهم في ما اصبح يعرف اليوم بإسرائيل أو الذين هجروا حتى داخل أراضى 67 و الاحتلال العسكري المستمر للضفة الغربية و غزة منذ 1967 و رفض الاعتراف بحقوق الدولة الفلسطينية وبالجنسية الفلسطينية.هذا إضافة إلى الاستغلال الاقتصادي الذي يبقي الاقتصاد الفلسطيني تحت رحمة الإسرائيليين و سياسة الاعتقالات و التعذيب التي يتعرض لها المشتبه بأنهم مسلحون فلسطينيون و تدمير البيوت و تجريف الأراضي و إفساد المحاصيل و الحواجز الأمنية التي تقيد حرية الحركة و تمنع وصول المساعدات الطبية التي أدت في حالات كثيرة إلى وفاة العديد من المواطنين .
و بالإضافة إلى هذه اللائحة المتعارف عليها دوليا و التي لا تتوقف حتى في حالة توقف إطلاق النار فإن الفلسطينيين يقدمون لائحة طويلة لكل معاناتهم المترتبة على الحرب المعلنة عليهم. و منها مثلا اغتيال ضباط الشرطة الفلسطينية و مسلحو الفصائل المقاومة و عمليات القصف العشوائية لكل المناطق و استعمال الذخيرة الحية لتفريق حتى المظاهرات السلمية . و يجدر الإشارة إلى أن هذه الأمثلة تعد حقيقة سياسة مقصودة من قبل الحكومة " الديمقراطية " الإسرائيلية . و أنا هنا لم أتكلم عن ما ترتكبه الوحدات الشبه عسكرية للمستوطنين و التي تعادل إلى حد ما في تسلحها حماس و فتح .
أما شكاوى إسرائيل فهي تدعي بأنها تتعرض لهجمات عنف على مدنييها و مواقعها العسكرية و هنا تنتهي لائحتها. و هذه الهجمات التي تشكو منها إسرائيل هي ليست مستمرة فهي غالبا ما تأتي ردا على تصعيد إسرائيلي خطير .أما استهداف المواقع العسكرية فتلك عملية دفاع عن النفس لا غير. و أما القول بان كل تلك الهجمات مخططة و مدعومة من قبل السلطة فهو أمر لا يدعمه أي دليل , فحسب علمنا السلطة الوطنية غالبا ما تستنكر و تندد بتلك العمليات.
إذا فهنا يكمن الموقف الفلسطيني الرافض لتوقف الانتفاضة قبل الموافقة على مطالبهم.لأنه و حتى في ظل هدوء الوضع كالمفاوضات التي جرت في ظروف عادية خلال عقد التسعينات لم يتحقق أي شيء و لم تعني في المقابل إلا توقف في المعاناة الإسرائيلية فقط بينما انخفاض نسبي في المعانة الفلسطينية . و حتى لو سحبت إسرائيل قواتها من الأراضي المحتلة فان ذلك لا يعني على الإطلاق توقف المعاناة الفلسطينية لأنها ستستمر كالعادة.
فأي وثيقة أو معاهدة تمرر و تفرض بعد توقف إطلاق النار معناها حرمان الفلسطينيين من دولتهم و عاصمتهم و معناها أيضا استمرار بناء المستوطنات و بقاء اللاجئين في وضعهم الحالي بدون حل و أيضا استمرار الاستغلال الإسرائيلي للاقتصاد الفلسطيني و غيرها من وسائل القمع الإسرائيلية .في حين تكون الحياة قد عادت لطبيعتها بالنسبة لإسرائيل و تدريجيا سوف لن يصبح الإسرائيليون مهتمون كثيرا بالاحتلال الغير الشرعي لقواتهم في فلسطين.أما بالنسبة للفلسطينيين فإنها تعني استمرار المقاومة. لهذا فلا يجب منح إسرائيل ميزة التفاوض بعد توقف إطلاق النار لان هذا ببساطة ترف!!
و يجب التأكيد هنا على أن السبب وراء فشل كل محاولات حل المشكلة سلميا خلال 18 شهرا الماضية أنها كانت تتبنى بالأساس الهموم الإسرائيلية فيما تحاول معالجة المشاكل الفلسطينية الطارئة فقط لا غير( إيقاف التوغل الإسرائيلي) . و الفلسطينيون عموما لم ينسوا سنوات التسعينيات , فخلال ذلك العقد من الزمن المصحوب بالآمال الكبيرة لم يكونوا بأي حال من الأحوال أحرارا أو سعداء .لان كل الوعود الأمريكية و الإسرائيلية بدولة فلسطينية و حل هزيل لقضية اللاجئين لم تحدد بمدة زمنية محددة و لم تتضمن أي التزامات واضحة بتنفيذها . و كان الأولى أن لا تأخذ هذه الوعود على محمل الجد.
و يدعي الإسرائيليون عادة أن أهم ما أنجزته اتفاقية أوسلو هو تسليح قوة فلسطينية صغيرة بالرشاشات و قنابل المورتر و هم الذين كانوا لا يمتلكون إلا الحجارة و السكاكين . و هذا يتناقض البتة مع الحقيقة حيث أن المطالب الفلسطينية المتضمنة في اتفاقية أوسلو والتي لم يكن السلاح اكثر ما يشغلها كانت تشمل كل ما هو متعلق بالدولة الفلسطينية و قضايا اللاجئين و القدس و المستوطنات . و لحد الآن لم يتم تنفيذ أي مطلب التزمت به إسرائيل على المدى الطويل خلال تلك المفاوضات.إذا فأي دعوة لإيقاف الانتفاضة من دون ضمانات و نتائج مرضية للفلسطينيين و أهمها الاستقلال فمعناها بيع الشعب الفلسطيني بالجملة.
و ما يمكن أن يحل المشكلة و يجب أن يكون متفق عليه من جميع الأطراف هو استمرار المقاومة المسلحة لكن بصورة اقل حدة من الموجودة الآن . و هذا يمكن أن يعتبر حسن نية من قبل الفلسطينيين و لكن يجب أن يصحب بضغط عربي و عالمي قوي على إسرائيل و إلا فالانتفاضة هي حقيقة الخيار الوحيد و الأكثر واقعية.
و هذا الضغط صراحة يجب أن يشكل الأولوية لدى بقية العالم .فقد اثبت الإسرائيليون انهم لا يتفاوضون إلا تحت تهديد السلاح ,لأنه مادام جنودها يرشقون بالحجارة فقط و مواطنوها و المستوطنون يتسوقون و يتجولون بكل حرية فلن تلتفت إسرائيل لأي مطلب فلسطيني . وإذا كنا نريد فعلا نهاية للعمليات " الانتحارية" فيجب أن نطالب صراحة إسرائيل بتوفير الظروف الملائمة لإحلال السلام بدل أن ندفع الفلسطينيين من مقاومة نشطة إلى فقدان كامل لأي أمل على الإطلاق.

ترجمة : حميد نعمان
براين دومنيك زدنت ماغازين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.