سمى الله نفسه السميع في كثير من النصوص القرآنية والنبوية، وقد ورد في خمسة وأربعين موضعاً مطلقا معرفا ومنونا مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية، فمن القرآن قوله تعالى: " ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ " وقوله تعالى: " إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً " ، وقد ورد مقترنا باسم الله العليم في أكثر من ثلاثين موضعا، ومقترنا باسم الله البصير في أكثر من عشرة مواضع، ومقترنا باسم الله القريب في قوله تعالى: " قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ". وفي السنة ورد عند البخاري من حديث أبي موسى الأشعري قال: كنّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَر، فكنا إذا عَلونا كبَّرنا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس اربَعوا على أنفُسِكم فإنكم لا تَدْعونَ أصمَّ ولا غائباً، ولكنْ تدعون سميعاً بصيراً ) . معناه: السميع في اللغة على وزن فَعِيل من أبْنِيةِ المُبالغة، فعله سَمِعَ يسَمْع سَمعا، والسمع صفة ذات وصفة فعل، صفة الذات هي التي يعبر بها عن الأذن أو القوة التي تدرك بها الأصوات كما في قوله تعالى: " خَتَمَ الله عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ " ، أما صفة الفعل فتارة يكون السمع بمعنى الاستماع والإنصات كقوله تعالى: " وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا ".والسميع سبحانه هو المتصف بالسمع كوصف ذات نؤمن به على ظاهر الخبر في حقه تعالى دون تشبيه أو تعطيل لأننا ما رأينا الله تعالى ولا رأينا مثيلا له في ذاته ووصفه. أما السمع كوصف فعل فمعناه أن الله السميع سميع لجميع الأصوات في كل الأوقات على اختلاف المواضع والجهات وعلى تفنن الحاجات، والسّر عنده علانية، يسمع نداء المضطرين، ويجيب دعاء المظلومين، ويسمع حمد الحامدين، يسمع خطرات القلب وهواجس النفوس ومناجاة الضمائر. من أثر معرفة اسم الله السميع على العبد: - إذا عرف العبد أن السميع يسمع نداء عباده ويجيب دعاءهم، أقبل على الدعاء محسناً الظن بربه مجتنباً أكل الحرام وكلّ ما يمنع من سماع دعائه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله تعالى من أربع: " من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعاء لا يسمع". وقد جمع إبراهيم ابن أدهم رحمه الله تعالى موانع إجابة الدعاء في جوابه لأهل البصرة لما سألوه : "يا أبا إسحاق, إن الله تعالى يقول في كتابه:" ادعوني أستجب لكم ". ونحن ندعوه منذ دهر فلا يستجيب لنا . فقال إبراهيم رحمه الله تعالى : "يا أهل البصرة ماتت قلوبكم في عشرة أشياء:عرفتم الله ولم تؤدوا حقه، قرأتم كتاب الله ولم تعملوا به، ادعيتم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركتم سنته، ادَّعيتم عداوة الشيطان ووافقتموه،قلتم نحب الجنة ولم تعملوا لها، قلتم نخاف النار ورهنتم أنفسكم لها، قلتم إن الموت حق ولم تستعدوا له، اشتغلتم بعيوب إخوانكم ونبذتم عيوبكم، أكلتم نعمة ربكم ولم تشكروها، دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم". - إذا عرف العبد ربَّه السميع أثار ذلك في نفسه الخشية من الله تعالى فتجنب قالة السوء والفحش في القول والعمل. فتجده حريصا على ألاّ يَسمَع وألاّ يُسمِع ربَّه إلا ما يرضيه.