اتمت حفظ القرآن خلال سنة وبضعة أشهر بعد أن تزوجت وأنجبت طفلين، لكن بعضا من تلميذاتها في المغرب أو في الخارج حفظن القرآن في شهرين اثنين!وتصر على القول "يجب على كل واحد أن يحفظ كتاب الله لكي يذوق نعمة وحلاوة القرآن الكريم". تقول بأن الحجاب هو الذي جعلها تكتشف القرآن وتحفظه! نشأت وفاء بنزاكور "كسائر المغربيات ..طفولة عادية، ليس بها شيء مميز"، نشأت في حضن أسرة محافظة، عمل الوالدان على تربيتها أحسن تربية( الصلاة والعديد من العبادات)، هكذا قالت خلال لقاء "التجديد" بها. وتحكي وفاء أنها لم تحفظ القرآن وهي صغيرة، بل حتى تزوجت وعمرها 17 سنة، وولدت ولدا وبنتا. وكمن يأسف لضياع أمر مهم، قالت إنه خلال السبعينات لم يكن الحجاب حاضرا بقوة في المجتمع، ولم تكن لديها فكرة عنه. وأضافت بعد أن أخدا نفسا عميقا، "يوم عرفت الحجاب ارتديته بشكل تلقائي سنة 1994"، وفي هذه اللحظة أرادت التعرف على الدين وبدأت في شراء الكتب، ومن ضمن ما وجدت في ما اشترته كتاب يتحدث عن حفظ القرآن الكريم وفظله. اهتدت وفاء لحفظ كتاب الله من الجاب الذي نقلها إلى الكتاب والذي نقلها بدوره إلى أكبر شيئ أدخل السعادة على حياتها تقول وفاء بعزم وتباث. فجأة تتوقف وفاء عن الحكي وتصمت قليلا كمن يستعيد شريط ذكريات مهمة، وتستطرد في قصتها مع كتاب الله، فتشير إلى أنه في خضم محاولتها حفظ القرآن كان والديها قد انتقلا إلى بارئهما. ربما قصد وفاء استدراك أمر مهم هو كيف كانت فرحة الأبوين ستكون كبيرة لو قدر لهما العيش حتى يريا ابنتهما تحقق حلم حفظ القرآن الكريم. لكن شريط الذكريات لم يقتصر على الأبوين، بل يقتضي خلق الوفاء أن تذكر وفاء امرأة "نصحتها بأن الحجاب ضروري وأن مسار المرآة ما بين طريقين والأمر مرتبط باختيار طريق واحد". ظلت وفاء المزدادة سنة 1958 وفية للقرآن، برنامجها الأول بدأ بالحفظ في كل الأوقات، ولم تكن تخصص وقتا محددا، وفي البدايات الأولى لم تكن تعرف قواعد التجويد، وكان هدفها هو تتويج الأب والأم بحفظها لكتاب الله تعالى في الجنة كما تعلمت في محيطها. "استمرت مسيرة حفظ القرآن"، واستمرت وفاء في الحكي بصوت خافت، وبنظرات قوية، لتتوقف عند الشيخ محمد البقالي عضو بالمجلس العلمي الذي تقول إنها ممتنة له في استكمال حفظ القرآن الكريم، حيث أتمت الحفظ خلال سنة وبضع أشهر تقريبا. وتؤكد وفاء أن الجو العائلي ساعدها على ذلك حيث وفر الزوج جو الحفظ. ماذا تغير لدى وفاء ما قبل وما بعد الحفظ؟ "الإنسان بطبيعته يبحث عن السعادة، ولم أجد السعادة الحقيقية حتى حفظت القرآن الكريم، فهي قمة السعادة والطمأنينية النفسية". تقول وفاء، وتضيف "كان ولدي وابنتي يساعداني، وذلك بترديدي عليهما ما حفظته، والآن لقد تزوجا "الله يكمل عليهم بخير". في الختمة الأولى حفظت وفاء القرآن الكريم حفظا متقنا وجيدا. وأجمل موقف ما زال موشوما ذاكرتها، تقول وفاء، هو حين شاركت في مسابقة بالمجلس العلمي بالرباط، وعرفت مشاركة العديد من النساء، نجحت وفاء في التصفية، وفي النهائي احتلت الرتبة الأولى، إنها لحظة لا تنسى تقول وفاء وقد استعادت ملامح الفرحة، وبفضل مشاركتها في تلك المسابقة زارت بيت الله الحرام. وجاءت هذه الزيارة سنة بعد حجها لأول مرة في حياتها. "عندما يحفظ المرء القرآن، ينزل لله تعالى العديد من الكرامات على حافظه، تقول وفاء التي تعمل مشرفة على بعض مساجد الرباط في التحفيظ، وتؤكد أنه يوجد إقبال كبير على الحفظ من لدن الموظفات والعاملات و ربات البيوت، كما أن العديد من النساء يطلبن منها تحفيظهن القرآن في بيوتهن، فهي لا تمانع، والأساس عندها هو تحفيظ آيات الله ابتغاء مرضاته. آية تستوقف وفاء كثيرا:"ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين"، وتدعوا إلى العمل بالقول المأثور ""من لم يهتم بأمرالمسلمين فليس منهم". وترى وفاء، أنه يجب على كل واحد أن يحفظ كتاب الله لكي يذوق نعمة وحلاوة القرآن الكريم، ومن أجل تتويج الوالدين في الجنة وبلوغ الدرجات العلى عند الله. لم تقتصر وفاء على تحفيظ القرآن بالمغرب فقط، بل تعمل أيضا على تحفيظه بعدة مدن بإيطاليا، حيث تنظم دورات تدريبية لتحفيظ القرآن لفائدة الجالية المغربية بها، و يستفيد من التحفيظ الرجال والنساء، على اعتبار أنها تعيش بالمغرب وبإيطاليا. ولا تقتصر خدمات تحفيظ القرآن على المغاربة بل تستفيد بعض النساء من الجالية العربية مثل المصريات والتونسيات والجزائريات أيضا. وجدت وفاء إقبالا وحماسا كبيرا بإيطاليا على كتاب الله، "إنهم متعطشون للقرآن" هكذا وصفت وفاء تلامذتها من الجالية، مؤكدة أن العديد منهن ختم القرآن في شهرين ! لا شك أننا بصدد ظواهر في الحفظ من دون شك. وأوضحت وفاء أن الحفظ بهذه السرعة يتم بمعدل حزب في اليوم، وشدد على أنه حتى بالمغرب استطاعت بعض الحافظات إتمام الحفظ خلال شهرين، وقالت في تبات "ذلك يتطلب برنامجا يوميا، خصوصا قبل وبعد الصبح" موضحة أن ذلك هو الوقت المناسب للإنسان لأنه ليس وقت الأسرة أو العمل أو الأطفال". ترى وفاء أنه يجب على الوالدين توجيه أبنائهم إلى المسجد من أجل أن يتمكنوا من حفظ كتاب الله، على اعتبار أن يشكل حافزا وتتم المنافسة بين الأطفال، "فالمسجد أحسن من البيت" تؤكد الحافظة وفاء. لا يخلو الحديث مع وفاء من دروس غير مباشرة في الأخلاق، لذلك قالت بطبعها الهادئ "يؤثر القرآن على شخصية حامله، لأنه يربي"، وأوضحت بعد هنيهة، "إذا كنت أحفظ الآية الكريمة:"ألا لعنة الله على الكاذبين"، لا يمكن أن أكذب، وأضافت مثلا آخر قائلة "وإذا كنت أحفظ :"يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم"، لا يمكن أن أظن في أختي أو أخي شيء. وذكرت أن أحد العلماء، دون أن تسميه، قال إن الأبوين يحفظان أبناءهم من نار الدنيا عندما يوجهانهم إلى حفظ القرآن، وإلى الطريق المستقيم، والأبناء يحفظون الآباء من نار الآخرة عبر تتويجهما في الجنة، وعلقت بنظرة تحمل ذلالات الواعظ، "إذا هناك تتويج متبادل"!