على بعد أقل من شهر على حلول شهر رمضان المبارك، يعود إلى الواجهة من جديد سوءال الإنتاجات الفنية والإعلامية التي تعدها وتقدمها القانتان العموميتان الأولى والثانية للمشاهد المغربي. هو موعد تطرح معه أسئلة من أهمها: هل سيكون الإعلام العمومي قاطرة التغيير والتحول وفق روح التغيرات الكبرى التي تعرفها المرحلة؟ أم أنها ستراوح مكانها وتستمر في إنتاج ما وصف ب" الرداءة" واستجداء الضحك واللهث وراء الإشهار؟ وهل من تطور حقيقي يربط المغاربة بأبعادهم الوطنية والحضارية؟ أم أن التغيير سيكون على مستوى الشكل فقط وقد لا يشمله أما المضمون فستبقى دار لبريهي وقناة عين السبع على حالها؟ ثم ما موقع التلفزيون المغربي من الرداءة الفنية التي أصبحت تجتاح العالم العربي؟ وما سبب تحول شهر للغفران والتقرب إلى الله والمحبة والتراحم والزهد إلى شهر لكل ما يمكن أن يشغل عن هذا المقصد من مسلسلات هجينة وهدامة للقيم؟ كما يطرح سؤال البعد الديني ومدى حضوره بالقانتين الأولى والثانية؟ ثم ما سر تفوق الإذاعات العمومية على التلفزيون في العديد من البرامج ذات الصبغة الدينية والثقافية؟ في هذا الصدد قال الفنان والممثل المغربي محمد حسن الجندي، "إن الإنتاج الفني في شهر رمضان في العالم العربي بصفة عامة وضمنه المغرب تحول إلى شهر ل (الترفيه) إن لم نقل للتهريج والتباري في التحايل على نهب الأموال العمومية" واعتبر الجندي في تصريح ل"التجديد" أن هذا الواقع يشكل مشكلا رئيسيا لأن شهر الزهد والتقوى والمحبة والتواصل بين الأسر تحول بفعل هذه السياسات الإعلامية والفنية إلى شهر للمسلسلات الفارغة. كما أن هذا الشهر الفضيل يقول الجندي بكل أسف تحول إلى موسم للإشهار من أجل خدمة مصالح أصحاب تلك الإنتاجات المروج لها أولا ومن أجل إلهاء الناس ثانيا عن أهمية هذا الشهر وما يحمله من قيم حضارية رفيعة سواء أكان ذلك بقصد أو بغير قصد. وقال الجندي بصوته الإذاعي والتلفزي الخالد هذه مصيبة سلطت على الأمة العربية بأكملها. وأضاف صاحب الصوت الفني الجهوري أن قانتينا الوطنيتين لا يتوفران على القدرة لمواكبة لا الأحداث الدينية والوطنية كما أنهما لا يوليان العناية اللازمة لهذين البعدين في ما يعرض. من جهته، قال الفنان والباحث المسرحي عبد المجيد فنيش، أن القانتين المغربيتين الأولى والثانية يفترض فيهما أن يعبر عن الانتماء الحضاري والجغرافي للمغاربة وكل ذلك العمق المغربي الذي جسده الدستور الجديد. وأضاف المتحدث ذاته في حديث ل: "التجديد" أن ما قيل من كلام حول الإنتاجات الرمضانية المغربية منذ عشر سنوات يمكن أن يقال اليوم دون أن يطرأ عليه أدنى تغيير على اعتبار أن القانتين الأولى والثانية يقول فنيش، حافظا على نفس الإيقاع فيما يخص الإنتاجات الفنية والرمضانية منها على وجه الخصوص، وأضاف أن القانتين يستغلان مراحل الذروة في المشاهدة في رمضان لتقديم (الضحك)، وأكد فنيش أن التجارب السابقة وما رشح من إنتاجات بخصوص هذه السنة تؤكد أننا لم نصل بعد إلى صناعة وإنتاج منتوج درامي ساخر بالمفهوم الحقيقي للسخرية الدرامية على المستوى الفني والتقني والجمالي، وهكذا يشرح فنيش أننا سنكون هذه السنة كذلك أمام إعادة لنفس الأعمال التي تستدعي السخرية لكن بأسماء وطواقم فنية وتقنية جديدة من الناحية الشكلية فقط، ولكل هذا يقول فنيش، أنه لا يعلق آمالا كبيرة على الإنتاجات الفنية لهذه السنة. ونوه فنيش بما تذيعه الإذاعات العمومية الوطنية والجهوية منها والمحلية. معتبرا أن البرامج الإذاعية خلال شهر رمضان تقدم فقرات مهمة لا يمكن مقارنتها مع ما تقدمه القانتين الأولى والثانية. وأضاف المتحدث ذاته، أنا ما يريده المواطن المغربي قد يجده في الإذاعات العمومية أكثر من القنوات التلفزية، وختم فنيش حديثه بالقول: "ليس كل ما تقدمه القنوات العمومية رديء، فهناك استثناءات لكنها لا تشكل معيارا للقياس" وأضاف أن الإعلام العمومي والتلفزي منه على وجه الخصوص مطالب بأن يقدم أولى المؤشرات على أننا دخلنا بالفعل إلى عهد جديد يؤطره دستور جديد. كشفت بعض التقارير الإعلامية أن القناة الثانية (دوزيم) حددت المعالم الأساسية لشبكتها الرمضانية، المنتظر أن تضم مجموعة من الأعمال الفنية المغربية، أنتجت خصيصا لشهر الصيام، منها المسلسل التلفزيوني "حروف الزين"، للمخرج المصري أمير رمسيس، وبمشاركة مجموعة من الوجوه الفنية المغربية، المنتظر عرضه بعد فترة الإفطار. كما ينتظر أن تضم البرمجة اليومية لرمضان المسلسل المغربي "دموع الرجال"، لمخرجه حسن غنجة، بمشاركة عبد القادر مطاع، وفاطمة تيحيحيت، وسيبث في الفترة الليلية. وللسنة الثانية على التوالي، ستواصل "دوزيم" عرض السلسلة الكوميدية "ديما جيران"، المكملة للسلسلة السابقة "ياك حنا جيران"، لمخرجها إدريس الروخ، بمشاركة العديد من الوجوه الفنية المغربية، مثل منى فتو، ومحمد مجد، ومحمد بسطاوي. وينتظر أن تضم البرمجة التلفزيونية لشهر رمضان تنظيم المسابقة الدينية "مواهب في تجويد القرآن الكريم"، وتتمة السلسلة التلفزيونية "الحسين والصافية"، لمخرجه محمد عبد الرحمان التازي، بطولة رشيد الوالي، وسامية أقريو. من جهتها، تفرد القناة الأولى حيزا مهما من برمجتها الرمضانية للأعمال الوطنية، وستراهن القناة على السلسلة الكوميدية "عش البنات"، لمخرجها هشام الجباري، بطولة نزهة الركراكي، ومحمد الخلفي، وينتظر أن تبث عند موعد الإفطار، كما تتميز البرمجة الرمضانية، حسب معلومات توصلت إليها "المغربية"، ببث السلسلة الكوميدية الجديدة "الزين في الثلاثين"، التي يجسد دور بطولتها محمد الخياري، ومجموعة من خريجي برنامج "كوميديا"، بينهم الفائز بنسخة هذه السنة، كما تضم البرمجة الرمضانية للقناة الأولى أعمالا أخرى، بينها المسلسل التلفزيوني "الحاجات"، لمخرجه محمد آشاور، الذي كان ينتظر أن يقدم في وقت سابق كفيلم سينمائي، فضلا عن مواصلة عرض أول "تيلينوفيلا" في المغرب "زينة الحياة"، لمنتجها نبيل عيوش، وبث حلقات جديدة من سلسلة "ساعة في الجحيم"، وكبسولة يومية بعنوان "حوار في تروطوار"، المنتظر أن تقدم معلومات والنصائح لفائدة المشاهدين. ودخلت قناة "ميدي 1 تي في" على خط المنافسة الرمضانية، إذ ستقدم الدورة الأولى من برنامج اكتشاف المواهب الشابة في فن الحلقة، فضلا عن عرض برامج وربورتاجات، حول العادات والتقاليد المغربية خلال رمضان. ويأتي تكثيف الإنتاج الوطني خلال شهر الصيام في القنوات الوطنية، في ظل الأزمة، التي تعرفها السوق العربية من إنتاجات درامية، فضلا عن محاولة التقرب أكثر من المشاهدين المغاربة، والرفع من نسبة متابعة المشاهد المغربي للقنوات المحلية، خاصة مع تزامن شهر رمضان مع فصل الصيف (شهر غشت)، الذي يعرف عودة الجالية المغربية المقيمة في الخارج إلى أرض الوطن. وتراهن القنوات الوطنية على هذا الشهر، أيضا، من خلال الإنتاجات الوطنية، للرفع من نسبة عائداتها الإشهارية. ويرتقب أن تشرع القنوات التلفزيونية الوطنية في بث وصلات إعلانية لهذه الأعمال، ابتداء من منتصف شهر يوليوز الجاري.