دخل المغرب بعد فاتح يوليوز مرحلة سياسية جديدة، من شأنها أن تشكل خطوة نحو الديمقراطية ، إلا أن ذلك رهين بمبادرات جريئة من شأنها إعادة الثقة التي افتقدها الشعب بفضل النكسات العديدة التي عرفها المغرب. وتعتبر خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن أي قانون يبقى فارغا من محتواه في ظل تشبت الدولة بممارسات الماضي، من خروقات وفساد واعتقالات، مشيرة أن الدولة ولحدود الآن لم تمنح شعبها غير التزوير والاستبداد والاعتقالات وانتهاك حقوق الإنسان. وتضيف الرياضي في تصريح ل»التجديد» أن الدستور الحالي لازال نظريا على اعتبار أن بنيته لا تسمح بقيام ديمقراطية حقيقية، ناهيك عن غياب إرادة حقيقية للقطع مع الماضي، وبالتالي ستواصل الجمعية نضالاتها من أجل تحقيق تغيير حقيقي يكون في مستوى طموح هذا الشعب. ولتبرهن الدولة عن نيتها في التغيير والإصلاح الحقيقي تقول «الرياضي»، «لابد أن تقدم الدولة على تدابير الثقة، وذلك بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والإفراج الفوري عن شباب 20 فبراير المعتقلين على خلفية مشاركتهم ببعض المسيرات السلمية، والقطع مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والاستجابة لمطالب الفئات الشبابية والوفاء بالتزاماتها السابقة، مشددة على ضرورة الرياضي الاعتذار الرسمي لضحايا سنوات الرصاص، وهو مطلب حقوقي تشدد عليه الفعاليات الحقوقية، بالإضافة إلى ضرورة الانظمام إلى المحكمة الجنائية وإلغاء عقوبة الإعدام. ولربح رهان الإصلاح ناشد الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان السلطات العمومية مجددا استكمال إجراءات تعزيز الثقة، وتنقية الأجواء والانفراج عبر إطلاق سراح ما تبقى من المعتقلين في بعض الملفات المشوبة بعدم توفر ضمانات المحاكمة العادلة للمتابعين على خلفية «قضايا الإرهاب»، وضمنهم من تبقى في إطار ملف المعتقلين السياسيين الستة في ما بات يعرف «بقضية بلعيرج»، واستئناف الحوار مع من أبدوا استعدادهم للمراجعات ضمن مجموعات «السلفية»، ووقف المتابعات والملاحقات والمضايقات في حق المنتمين «لجماعة العدل والإحسان، والتسريع بإطلاق سراح الصحفي رشيد نيني لما عرفته متابعته ومحاكمته من اختلالات وتجاوزات. عقلية مخزنية عبد المالك زعزاع نائب رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان يرى أن الدستور الجديد خطوة مهمة في التنمية الديمقراطية للبلد، إلا أن الواقع يؤكد أنه وبالرغم من المستجدات التي تضمنها ونثمنها، سيبقى بعيدا عن طموحنا كحقوقيين وقانونيين مادامت العقلية التي ستنفذه لازالت مخزنية ولازالت تعتمد آليات قديمة» وأضاف زعزاع، أن الدولة مستمرة في ممارسات اللاحقوقية التي كانت قبل الدستور والتي لازالت السمة الرئيسية للتعامل مع المواطنين، ومن ذلك ما يحدث اليوم بالسجون حيث التعذيب وانتهاك حقوق السجناء، وحرمانهم من حقوقهم القانونية، وبالتالي يجب القطع مع كل هذه الخروقات لتحقيق الديمقراطية التي نطمح إليها من خلال هذا الدستور. وفي الإطار دعا محمد حقيقي، المدير التنفيدي لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان مزيد من الإجراءات المستعجلة التي يجب أن تواكب الدستور لدعم الثقة، منوها بالعفو الملكي الأخير مما تبقى من العقوبة عن 192 سجينا، على اعتبار أنها خطوة أولى من الضروري أن تليها خطوات أكثر جرأة في إتجاه إصدارعفو شامل في حق المعتقلين السياسيين، ومعتقلي الرأي والعقيدة من أجل طي صفحة الماضي، مستدركا أن ما شهدته الساحة من ضرب حق المواطنين في الإحتجاج السلمي، وقمع المسيرات، والإستعمال المفرط للقوة أعاد السؤال هل نحن بصدد تغيير وإصلاح حقيقي؟ وأضاف حقيقي أنه بعد نزهة تمارة المعلومة بدأ العد التنازلي، وتم استهداف معتقلي «السلفية الجهادية» الذين كانوا ضحايا الاختطاف والتعذيب في سجن تمارة السري والمحاكمة غير العادلة، لأنهم قرروا عدم السكوت عما طالهم من انتهاكات ومحاسبة المسؤولين عن ذلك..، ولايزال المعتقلون يتعرضون لكل أنواع القهر والتعذيب وسط تكتم رهيب..ومثل هذه الممارسات وغيرها تفسد أجواء الثقة التي نطالب بها كمنتدى كبداية للتغيير. واجهة دعائية وعلى أهمية ما قد يتضمنه الدستور الجديد من مبادئ وحقوق، فإن الأهم من ذلك حسب الهيئة المغربية لحقوق الإنسان-هو «الحرص على تفعيل مضمونه، واحترامه من طرف الأشخاص والمؤسسات حتى لا يبقى مجرد واجهة دعائية خاصة في الشق المتعلق بحقوق الإنسان، كما أن مراجعة الدستور وتعديله لن يكون له الأثر الفعال والإيجابي على واقع المواطنين ما لم يكن مسبوقا أو مصحوبا بتدابير وإجراءات إستعجالية أو فعالة تعبر عن حسن النية وتعيد بناء الثقة إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الصحافة والرأي، واعتذار الدولة الرسمي عن سنوات ماضي الانتهاكات الجسيمة، إعفاء كل المسؤولين المشتبه في ارتكابهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في الماضي والحاضر من كل مناصب ومواقع المسؤولية العمومية في أفق مساءلتهم عما قد يكون اقترفوه أو أمروا به أو علموا به من انتهاكات، إغلاق ما يشتبه في أنها معتقلات سرية والإنهاء مع قضية الاعتقال السياسي، وإلغاء قانون الإرهاب واستبعاد إصدار تشريعات بمقتضى قوانين استثنائية.. ويرى ا الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان أن الديمقراطية هي وحدها ما يضمن الحماية الفعلية لحقوق الإنسان، وللمواطنة، وللتعدد السياسي والتنوع المجتمعي، والتي ترهن باشتراطات أساسية تتمثل في سيادة القانون وفصل السلط وحكامة النظام.