ثمة حجة سياسية لها وزنها في النقاش الدائر حول موعد الانتخابات ومراحلها، وترتكز على القول بأن تأجيل الانتخابات ليس سوى الوجه الآخر لتأجيل العمل بالدستور الجديد، وترك عوامل الاحتقان الاجتماعي والسياسي تتفاعل لتفرغ ما حققه المغرب من المراجعة الدستورية من محتواه الفعلي وتحول دون استثماره في الخروج من المخاض السياسي الديموقراطي للبلاد. من الناحية الظاهرية يبدو هذا الموقف مقنعا، لكنه في العمق يتجاهل المشكل الجوهري الذي قد يجعل من التسرع في إجراءات انتخابات سابقة لأوانها أحد أسباب تعميق الاحتقان وضرب مصداقية الدستور الجديد والإلتفاف على مطالب التحول الديموقراطي وعاملا يخدم دعاة التشكيك في مصداقية مسار الإصلاح وأن الجوهر التحكمي في تدبير الشأن العام ما يزال قائما، وأقله فرض الأمر الواقع تحت مسميات التوافق. المشكل في الواقع هو في كون الإسراع بالانتخابات يمثل الوجه الآخر لتحضير غير ديموقراطي للانتخابات، وقبول بإجراءات استثنائية في تنظيمها من مثل عدم اعتماد لوائح انتخابية جديدة على قاعدة لوائح بطاقة التعريف الوطنية ، وإعداد تقطيع انتخابي يكرس آليات التحكم الاستباقي في نتائج الانتخابات، وذلك عبر تضخيم دوائر أعيان الانتخابات والإخلال بقواعد العدالة في التمثيلية بين الدوائر، والأسوء هو إقرار التعايش مع مخلفات عهد الحزب السلطوي في تأثيره على سير الإدارة الترابية وذلك في سنتي 2009 و2010 مما كان محط سجالات وبيانات سياسية ضد الفاعلين ممن رفضوا ذلك الانحدار الديموقراطي. ما سبق جزء من عناصر كثيرة، تفرض تحمل المسؤولية حتى لا ننتج هذه الانتخابات مؤسسات منتخبة كسيحة ومشوهة يتم من خلالها الانحراف عن مسار التحول الديموقراطي الذي جسده الدستور الجديد. إن من المسؤولية القول بوضوح إن « سلق» انتخابات سابقة لأوانها على مقاس خدمة قوى مقاومة الإصلاح لن يكون سوى إهدار مشؤوم للإنجاز الديموقراطي الذي تحقق باستفتاء الفاتح من يوليوز، والإصرار على ذلك يجب أن يكون منبها لقوى الإصلاح من أجل تحمل مسؤوليتها في المرحلة القادمة ضدا على كل استهداف للتعاقد الجديد بين الملكية والشعب والقوى الإصلاحية من أجل انتقال ديموقراطي فعلي يوفر لبلادنا الاستقرار والطمأنينة وهذا لن يتاتى إلا إذا توفرت إرادة جماعية تجعل مغرب ما بعد فاتح يوليوز مغربا جديدا ومتجددا.