رأى اقتصاديان أن الحكومة العبرية ستواصل تهديداتها بوقف عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية وفرض عقوبات اقتصادية إذا ما تم الإعلان الرسمي عن تشكيل حكومة التوافق. واحتجزت (إسرائيل) وفقًا لأوامر وزير ماليتها يوفال شطاينتس، عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية بعد اتفاق المصالحة بين حركتي "فتح وحماس"، الا انها اضطرت إلى إرجاع عائدات الضرائب عقب ضغوطات دولية مورست عليها. وأشارا إلى أن الخروج من تلك الأزمة يكمن في فك الارتباط الاقتصادي مع(إسرائيل) وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة النظر في هياكل الوظائف الحكومية، بالإضافة إلى فتح معبر رفح البري بشكل دائم واستخدامه في التبادل التجاري. إلغاء الاتفاقيات وأوضح الخبير الاقتصادي محمد مقداد، أن(إسرائيل) تسعى بشكل دائم للضغط على الفلسطينيين لوقف تحويل عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية بهدف إفشال المصالحة الفلسطينية والعودة إلى الوراء -الانقسام السياسي بين حركتي "فتح وحماس"- لأنها المستفيد الأول من ذلك . وقال: "إن وقف تحويل عائدات الضرائب للسلطة سينجم عنه عجز في خزينتها، وما يترتب عليه من تأخر في رواتب الموظفين على غرار الثلاثة أشهر الماضية"، عازيا سبب تجدد أزمة الرواتب إلى التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، والخلل الهيكلي في بنية الاقتصاد الفلسطيني، وآلية توزيع الوظائف في القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى العجز المستمر في الموازنة الفلسطينية. وأشار إلى أن القطاع الحكومي يوظف بشكل مستمر عشرات المواطنين، ما يؤثر بالسلب على خزينة السلطة، داعياً السلطة إلى التوقف عن التوظيف في القطاع العام والبدء بالتوظيف في القطاع الخاص. وبين مقداد أن الاقتصاد الفلسطيني مهيأ في الأساس لتبعية التمويل الأجنبي من جانب وقوعه تحت رحمة عائدات الضرائب التي تتحكم بها(إسرائيل) بين الفينة والأخرى. ونبه على أن التمويل الدولي لن يستمر طويلاً، لأن بعض البنوك الدولية تمول لوقت محدد فقط، مشيراً إلى أن الأراضي الفلسطينية تعتبر ثاني أكبر دولة في العالم من حيث حصول الفرد على أعلى نصيب في متوسط الإعانات الدولية على مدار أربعة عشر عاماً. وشدد مقداد على ضرورة فك التبعية الاقتصادية مع الاحتلال الإسرائيلي وإلغاء الاتفاقيات الدولية التى تحد من النهوض بالاقتصاد الفلسطيني، والعمل على فتح المعابر التجارية مع القطاع بشكل مستمر. وقال: "في حال تم فك الارتباط الاقتصادي مع (إسرائيل) ستتوقف عن سياستها الضاغطة على الفلسطينيين، الأمر الذي يمكنها من العمل مع الدول العربية والأوربية وتفعيل الاتفاقيات التجارية الموقعة معها، والمتوقفة بسبب السيطرة الإسرائيلية على معابر القطاع". وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة فتح معبر رفح للعمل على تنقل الأفراد واستخدامه كمعبر تجاري . خيارات مطروحة بدوره، أكد الخبير الاقتصادي يوسف عبد الحق، أن ضريبة المقاصة التي تفرضها (إسرائيل) على أموال السلطة تشكل قرابة 80% من الإيرادات المحلية، مشيراً إلى أن وقفها سيعمل على زيادة العجز في ميزانية السلطة ولجوئها للدعم الدولي. وأشار إلى أن ذلك سيدفع بعض الدول العربية والأجنبية لتخفيف المنح المقدمة للسلطة، ما يزيد من عجز ميزانيتها، مضيفاً أن " أمام السلطة خيارين، إما أن تستمر على نهجها القائم وتصبح رهينة للدول المانحة، أو أن تعيد النظر في الاقتصاد من جديد وتعمل على النهوض به بعيداً عن التبعية الإسرائيلي. وقال: "إذا استمر تلقي الدعم من الخارج ستجعل الاقتصاد الفلسطيني خاضعاً للدول المانحة"، مشدداً على ضرورة إعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني من جديد والنهوض به من خلال التبادل التجاري مع مختلف الدول العربية وفتح كافة المعابر دون استثناء. وبين أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية ستعمل خلال الأيام القادمة على تقييد الحركة التجارية في مختلف المدن الفلسطينية وزيادة الحواجز الإسرائيلية خاصة في الضفة الغربية. وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة إعادة النظر في المنهجية الاقتصادية التي تقوم عليها السلطة، وبناء اقتصاد يقوم على المشاريع الصغيرة بالإضافة إلى التقليل من عدد الوزراء في الحكومة الفلسطينية لخفض حجم النفقات بهدف النهوض بالمجتمع. وأضاف: "إذا لم نقم بشكل فوري في تلك الخطوات سنبقى تحت رهينة لتبعية للاقتصاد الإسرائيلي".