شارك آلاف الفلسطينيين في مسيرات عفوية ظهر الأربعاء احتفالاً بتوقيع الفصائل الفلسطينية اتفاق المصالحة الوطنية في العاصمة المصرية القاهرة، والذي تصافح خلاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخالد مشعل زعيم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، منهيان بذلك أربعة أعوام من النزاع المرير بين أكبر فصيلين فلسطينيين. ففي قطاع غزة تجمع المئات في ساحة ميدان الجندي المجهول وسط غزة ورفعوا لأول مرة منذ سنوات رايات حماس وفتح ورددوا هتاف "حماس وفتح إيد وحدة". ورفع شبان لافتات كتب عليها "نعم للوحدة الوطنية" الوحدة الوطنية طريقنا لإنهاء الاحتلال" بينما حمل آخرون نعشاً رمزياً كتب عليه الانقسام، في إشارة إلى تشييع الانقسام الذي بدأ منتصف يونيو حزيران 2007. وفي خان يونس جنوب قطاع غزة شارك المئات من أنصار حركة فتح في مسيرة شعبية ورفعوا رايات الحركة الصفراء إلى جانب الأعلام الفلسطينية وسط فرحة كبيرة وإطلاق مفرقعات احتفالاً بالمصالحة. وشهدت عدة مدن بالضفة الغربية تجمعات مماثلة رددت خلالها هتافات تدعو لإنهاء الانقسام وفتح صفحة جديدة في العلاقات الداخلية.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال مراسم الاحتفال بتوقيع الاتفاق "بتوقيع المصالحة الفلسطينية في القاهرة اليوم الأربعاء، طويت صفحة الانقسام الأسود إلى الأبد" وأضاف "إن حماس إخواننا وأبناؤنا وهم جزء من الشعب الفلسطيني". من جانبه قال خالد مشعل إن حركته مستعدة لدفع أي ثمن للمصالحة ، مؤكدا أن المعركة الفلسطينية الوحيدة هي مع إسرائيل. كانت القاهرة لعبت دور الوسيط، وصولا للاتفاق الذي أبرم بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وحركة فتح، الأسبوع الماضي. ويهدف الاتفاق إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة، وإنهاء الموقف الراهن الذي تدير فيه حماس قطاع غزة وتسيطر فيه فتح على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وقال عباس "من المفارقة الساخرة أن إسرائيل التي كانت تتذرع غير صادقة بالانقسام الفلسطيني للتحلل من التزاماتها وللتهرب من استحقاقات السلام، تريد الآن التذرع بإنهاء الانقسام لمواصلة سياسات التحلل والتهرب ولمواصلة الاحتلال والاستيطان"، مضيفا أنه على إسرائيل الاختيار بين السلام والمستوطنات. وقال مشعل إن حماس "تريد دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس دون أي مستوطنات ودون التفريط في أي شبر من الأرض ودون التخلي عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين". كان مسؤولو حماس تحدثوا في وقت سابق عن قبول دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن فقط كخطوة أولى، مقابل هدنة سلام تدوم أجيالا وليست إنهاء للصراع مع إسرائيل. وقال محمود الزهار القيادي البارز في حماس لشبكة الجزيرة الإخبارية يوم الأربعاء إن حماس لن تعترف بإسرائيل مطلقا. وقال مشعل إن الفلسطينيين منحوا السلام فرصة طوال العشرين سنة الماضية ، وأنهم على استعداد لمنح السلام فرصة أخرى لكن عبر استراتيجية عربية موحدة تجبر إسرائيل على الاعتراف بحقوق الفلسطينيين وتأجلت مراسم الاحتفال اليوم نحو ساعة، بسبب خلاف على ترتيب المقاعد. وقبل إلقاء الخطابات قدم رئيس المخابرات المصرية اللواء مراد موافي نسخة من اتفاق المصالحة للرئيس عباس، موقع عليه من قبل 13 فصيلا فلسطينيا بينهم حماس وفتح. وقال مسؤول بارز في فتح صباح يوم الأربعاء ، إنه لا ينبغي أن يطلب من حماس الاعتراف بإسرائيل ووصف شروط الرباعية الدولية بالمجحفة وغير العملية. وقال نبيل شعث " إن روسيا والكثير من الدول الأخرى تتفق على أن مطالب اللجنة الرباعية ليست منطقية أو عملية...تلك المطالب لم يعد لها أي مكان في الصيغة الحالية".
هنية وفياض متمسكان بالاتفاق وأكد رئيسا حكومة تصريف الأعمال الفلسطينية سلام فياض والحكومة المقالة التابعة لحركة "حماس" إسماعيل هنية الأربعاء التمسك باتفاق المصالحة الفلسطينية وضرورة إنجاحه. وقال فياض، في حديثه الأسبوعي للإذاعات المحلية، إن "القيادة الفلسطينية لن تحشر شعبها في زاوية مفاضلة بين الجوع والركوع"، وذلك تعقيبًا على التهديدات الإسرائيلية والدولية بقطع الدعم المالي عن السلطة بعد اتفاق المصالحة. من جانبه، أكد هنية الاستعداد التام لبذل كل الجهود اللازمة من أجل تطبيق المصالحة على الأرض سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة. وقدم هنية تهانيه بمناسبة تحقيق المصالحة. إسرائيل تشكك في المقابل شككت إسرائيل في نجاح اتفاق المصالحة الذي وقعته الفصائل الفلسطينية؟، وقال يوفال ديسكين رئيس جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي (الشين بيت) المنتهية ولايته، "اعتقد ان احتمال حدوث مصالحة حقيقية بين فتح وحماس خلال سنتين او ثلاث يؤدي الى وصل غزة بيهودا والسامرة(الضفة الغربية) هو صفر". واضاف ديسكين الذي ينهي ست سنوات على راس الشين بيت الاسبوع المقبل، ان الاختلافات بين حركة فتح المدعومة من الغرب بزعامة الرئيس محمود عباس وحركة حماس الاسلامية كبيرة جدا. وقال ديسكين ان المصالحة "هي على الاغلب حدث علاقات عامة ومحاولة لاظهار الوحدة. ولكن وراء ذلك الكثير من المسائل التي لا يعرف الطرفان كيفية تطبيقها خاصة في الميدان"، حسب ما نقل عنه موقع صحيفة يديعوت احرونوت الالكتروني. وفي اشارة الى حكومة مشتركة من حماس وفتح، قال ديسكين ان "مثل هذه الحكومة امامها العديد من القضايا المعقدة، وسيحاول كل طرف جعل الامور تسير حسب هواه، وهذا الاتفاق ...يبدو كدراما مشوقة لا اكثر". نتنياهو: ضربة قاصمة بالسلام
وحمل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي تم التوقيع عليه في القاهرة، قائلا انه "يلحق ضربة قاصمة بالسلام، ويمنح الإرهاب انتصارا كبيرا"، على حد قوله. وأضاف نتنياهو خلال مؤتمر صحفي عقده فى لندن ونقلته الاذاعة الاسرائيلية "إن أبو مازن (الرئيس محمود عباس) يعانق حركة حماس التي أدانت تصفية أسامة بن لادن وتدعو إلى القضاء على إسرائيل وتطلق الصواريخ باتجاه المدن والأطفال في إسرائيل". وتابع أن "إسرائيل لا تزال متمسكة بالسلام، ولكنه يمكن صنع السلام مع من يريد ذلك فقط". وطالب حزب "إسرائيل بيتنا" الحكومة والمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) بقطع كافة الاتصالات مع السلطة الفلسطينية بعد توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية. عودة قناة الأقصى وتلفزيون فلسطين وفور التوقيع على اتفاق المصالحة، عادت فضائيتا فلسطين الرسمية، والأقصى التابعة لحركة حماس، للعمل في قطاع غزة والضفة الغربية بشكل رسمي لأول مرة منذ سيطرة حماس على القطاع منتصف يونيو / حزيران 2007. واستضافت فضائية الأقصى مباشرة العديد من الشخصيات الفلسطينية من الضفة الغربية عبر شركات وسيطة وهو أمر كانت ممنوعة من القيام به في وقت سابق. وفي وقت سابق، عادت فضائية فلسطين الرسمية للعمل في قطاع غزة بشكل رسمي لأول مرة منذ سيطرة حماس على القطاع منتصف يونيو 2007. وبثت الفضائية مقابلات أجراها مراسلها في قطاع غزة عادل الزعنون مع العديد من المواطنين والشخصيات بما ذلك مقابلة مع القيادي في حركة حماس، إسماعيل رضوان من مدينة غزة، وهو أمر غير معهود في السنوات السابقة. اتفاق غير مشروط وكان عباس أعلن الثلاثاء في القاهرة أن الاتفاق غير مبني على هذه الشروط، موضحا "اننا سنشكل حكومة تكنوقراط ولن نطلب من حماس الاعتراف بإسرائيل". ومن جهة ثانية، انتقد فلنائي القرار الذي أصدره وزير المالية الإسرائيلي يوفال ستاينتز الأحد بوقف تحويل الأموال للسلطة الفلسطينية بعد إعلان اتفاق المصالحة بين فتح وحماس. وقال فلنائي"هذا الموقف خاطىء، هذه أموال الفلسطينيين التي نجمعها بالنيابة عنهم". وأضاف فلنائي "قرار التجميد يشكل انتهاكا للاتفاقات الموقعة. وفي هذه الحالة قمنا بوضع العربة أمام الحصان، فقد كان علينا الانتظار لرؤية كيفية استخدامهم للأموال قبل أن نتصرف". وجمدت إسرائيل تحويل حوالي 300 مليون شيكل (59,6 مليون يورو) من الاموال التي تجمعها لحساب السلطة الفلسطينية من الضرائب على البضائع التي تمر عبر الموانىء والمطارات الإسرائيلية. وكان ستاينتز أعلن أنه سيتم الإفراج عن هذه الاموال حين التاكد من انها لن تصل الى حماس. كلينتون: مساعداتنا ستستمر وأبلغت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بان المساعدات الأميركية للسلطة الفلسطينية سوف تستمر حسب ما جاء في تقرير إخباري مساء الثلاثاء. وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في موقعها الإلكتروني الليلة إن تصريح كلينتون جاء في اتصال هاتفي أجرته مع نتنياهو الليلة. وأضافت الصحيفة أن كلينتون أجرت أيضا اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض تناول اتفاق المصالحة بين فتح وحماس. وكان نتنياهو قد طالب الثلاثاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإلغاء اتفاق المصالحة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والتي قال إنها ستنسف الجهود المبذولة لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال نتنياهو في بيان أصدره بعد اجتماع مع مبعوث اللجنة الرباعية الدولية توني بلير في القدس "كيف يمكن التوصل لاتفاق سلام مع حكومة، نصفها يطالب بتدمير إسرائيل". وكانت حركتا فتح وحماس قد وقعتا اتفاقا للمصالحة في القاهرة الأربعاء الماضي يتضمن تشكيل حكومة شخصيات مستقلة متوافق عليها، تتولى التحضير لانتخابات عامة خلال مهلة عام وحل باقي القضايا الخلافية. السلطة تلجأ لأوروبا لإطلاق أموالها ولجأت السلطة الفلسطينية إلى دول الاتحاد الأوروبي للضغط على "إسرائيل" كي تحوّل الأموال الفلسطينية المحتجزة لديها. وخلال لقاء جمع رئيس وزراء حكومة تسيير الأعمال في رام الله سلام فياض بممثلي وقناصل دول الاتحاد المعتمدين لدى السلطة، طالب الأوروبيين بممارسة مسؤولياتهم تجاه تل أبيب لإلزامها بتحويل الأموال الفلسطينية. وكانت "إسرائيل" أعلنت الأحد الماضي تعليق تحويل المستحقات المالية التي تجمعها "إسرائيل" نيابة عن السلطة الفلسطينية حسب الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين والتي تبلغ في المتوسط 120 مليون دولار شهريا. وحذر بيان صدر عن الحكومة الفلسطينية إثر اللقاء مع الأوروبيين من أن التأخير في دفع عائدات الضرائب التي تشكل ثلثي إيرادات السلطة، سيلحق ضررا كبيرا بإمكانية السلطة في الوفاء بالتزاماتها في الوقت المحدد. وإزاء ذلك، قال وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينتز هذا الأسبوع إنه إذا استطاع الفلسطينيون أن يثبتوا أنه لا يوجد صندوق مشترك بين السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة فستعيد "إسرائيل" النظر في الأمر. وتجدر الإشارة إلى أن خطوة التجميد من طرف تل أبيب جاءت بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحماس لإنهاء أربع سنوات من الانقسام سيطرت فيه حماس على قطاع غزة بينما تسيطر حركة فتح على الضفة الغربية. وفي البيان أكد فياض أن هذه الأموال فلسطينية وليست منحة أو منة من "إسرائيل"، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني لن يقايض على وحدة وطنه بأي ثمن مالي أو اقتصادي. وعادة ما يستلم موظفو السلطة الفلسطينية رواتبهم يوم الخامس من كل شهر، ومن غير الواضح هل ستتمكن الحكومة من دفع الرواتب في الموعد المحدد من هذا الشهر. ولمح فياض إلى أنه قد يلجأ للاقتراض من البنوك المحلية لتوفير المبالغ المطلوبة لدفع الرواتب المستحقة، قائلا إن حكومته لن تكون قادرة على دفع رواتب قرابة 150 ألف موظف يعملون لديها في القطاعين الأمني والمدني بالضفة الغربية وقطاع غزة.